شريفة شرف الدين …… في الوقت الذي تهاوى فيه إلى حضيض اللا قيمية من ظننا يوما أنهم رموز البلاد .. في الوقت الذي باع فيه البعض أنفسهم رخيصة لقاء حظوة عابرة عند سلطان أخرق يجتهد للوقوف على مواطن آلام شعبه ليس من أجل تطبيبها و تسكين آلامها و لكن لزيادة أوجاعها ثم الرقص على إيقاع الصرخات .. في الوقت الذي تمر به البلاد بمنعطفات هي الأخطر على الإطلاق يبنلج من بطن الظلماءة شهاب ببارق يبددها .. تراه ممتشقا سيف الكلمة تارة به يطبب و يبذر الأمل في النفوس التائقة لنسمة الحرية و أخرى بها يسدد وخزات نجلاوات يفاقم بها قلق و تعرية النظام .. تشرئب إليه الأعناق .. تشخص إليه الأبصار و تخفق القلوب تعلق به آمالها و به بعد الله تستنصر .. ذلكم هو سيف الدولة اسما و معنى .. كأنما لهذا اليوم سماه أبوه .. لا تراه يكتب لأجل أن يكتب كسبا لشهرة أو مال .. لكنه يكتب ملقيا طوق نجاة للغارقين حين يستصرخه واقعنا المتردي .. يكتب حين يمليه ضمير لا يزال ينبض بصدق خالص يأبى أن يُغش بدغدغات إغواء البيع الرخيص و هو يرى سيدة القانون تغمض جفنا و تفتح الآخر لتكيل في رابعة النهار بقسطاس ظالم غير أمين .. تصدر كتابا ممهورا بعصمة بني كوز و عهدا ألا ينالهم عقابها و تهدد بالويل لمن تحدثه نفسه بطعن فيهم .. و كانت لكلمات سيف الدولة القدم المعلى في طوفان الثورة و الثوار .. خرجت الجموع رابطة بطون الجوع .. تتلقى أجسادها النحيلة سوطا .. دخانا و رصاص .. خرجت رغم أنف الرقاص .. و مع كل خروج يزيد مضاء سيف دولتنا البتار ثم فجأة ينقطع الهدير .. تخلو الطرقات .. فيقرر سيف الدولة أن الوقت لاستراحة محارب و وعد للعود بمضاء أكبر. و قبله نوى ذلكم الشامخ البرقاوي بمثلما أراد الآن سيف الدولة و قطعا هناك آخر كثير من كتابنا من يغشاه حديث النفس بالإستجمام يعلله بحاكمية الظروف و أنا ذات نفسي غشيني ما غشيهما .. لا أقول إحباطا كليا لكنه هناك .. يعمل كسوس ينخر في عود الرغبة و الصلابة .. يقلل من بريق الكتابة .. و لكن أثناء تلك الإتكاءة .. حين أرى انفراج أسارير النظام يطمئن نفسه بخلو الأجواء من مهددات خلعه .. لن أدعني في تلك الإتكاءة و لن أدعك يا سيف الدولة .. فما من ظرف يكبر على ظرف دولتنا و هي تتداعى .. فأنت من ألهمنى معنى أن الأقلام الحرة لا تصوم .. أنت من شحذني أن الراية أبدا مرفوعة و في الطليعة أنت و الساعد بعد أخضر .. أكتب فلا نريد لتلك الهمم الذبول .. أكتب فثمة من يلهبه ما تقول .. أكتب فالأقلام الحرة كما السيوف الحرة لا تصدأ و لتصيبن ولو بعد حين العدو في مقتل. ثم إن لكتاباتك من بين كل الكتابات خصوصية .. أنت رجل درس القانون و غاص فيه و ليس في الساحة من مثلك يكتب حين تتعلق القضايا بالجوانب القانونية .. احترافيتك في هذا المجال معول هدام لزبد ما شيده الطغمة و لا نريد لهم الاستفراد في غيابك للعب و الضحك علينا سيما و أنت بين ظهرانينا. مع أني في درب الكتابة أتعثر .. مع أني يدفعني القراء أكثر إلا أن بريدك إلي و تشجيعك إياي و قولك لي إني على درب الكتابة أمضي بخطى واثقة و زيادتك على ما قلت أن كتاباتي تستوقفك .. مجرد قولك ذلك يجعلني أرغب في المضي أكثر لكنك دوما تتقدمني .. تهديني مواطئ القدم و أسرار القلم .. ستظل دليلي .. ستظل نبراسا به نستضيء… نريدك الساعة معنا في خندقنا أكثر من أي وقت مضى أو وقت يجيئ .. فهلا أعطيتنا سؤلنا؟ شريفة شرف الدين [email protected]