عبد الباقي الظافر …….. كنا نجتمع ثلة من السودانيين في دار صديق سوداني بمدينة فلادلفيا الأمريكية.. الشقة الصغيرة كانت تجمع شتاتنا.. صديق ساخر لقب صاحب الدار بأبي سفيان كناية عن جمعه شعوباً وقبائل من أهل السودان.. وصلاح طه بعد أن لصق به اللقب يرزقه الله ابناً ذكراً ويسميه سفيان. أبوسفيان يقترح علينا قبل سنوات أن نجهر بصيامنا في أرض الهجرة.. نجتمع نحو أربعة أو خمسة ونفطر أمام داره ثم نؤدي الصلاة في جماعة.. في يومنا الأول استغرب أهل البلد.. كانوا ينظرون إلى تجمعنا المريب من شرفات المنازل.. قليلاً قليلاً بدأوا يقتربون منا.. أخيراً صار بعضهم يجلس معنا على الأرض ويحتسي «الحلو مر» ويسأل عن دين الإسلام.. أبو سفيان اتصل بي أمس يخبرني أن عدد الجماعة قد زاد وأنهم قد خرجوا بإفطارهم الجماعي إلى ميدان أرحب. البيت الأبيض الأمريكي درج منذ ولاية الرئيس جورج بوش الأصغر على تنظيم إفطار رمضاني..الرئيس أوباما صار على ذات التقليد وأصبح يلتقي زعماء الجالية الإسلامية على مائدة الإفطار.. بل إن إدارة أوباما واجهت هجوماً بسبب تعيين السيدة هوما عابدين كمساعدة لوزيرة الخارجية الأمريكية.. المتطرفون في الساحة الأمريكية اتهموا السيدة عابدين بأن لها صلات مع جماعة الإخوان المسلمين وطالبوا بإجراء تحقيق رسمي.. ولكن إدارة أوباما ووزارة الخارجية تجاهلت الطلب التعسفي. التسامح الأمريكي يواجه مصاعب.. يوم الأحد الماضي اعتدى أحد المتطرفين على معبد لطائفة السيخ في ولايو وسكنسون ..القاتل سفك دماء سبعة من الأبرياء وأحدث أزمة في العلاقات بين الهند وأمريكا.. قبل أن تجف دماء أهل المعبد كان متطرف آخر يحرق مسجداً للمسلمين في ولاية ميسوري.. الاعتداء على هذا المسجد لم يكن الأول إذ سبقه هجوم فاشل في الرابع من يوليو الماضي. قبل أشهر معدودات كانت إدارة أوباما تواجه أزمة أخرى.. بعض المتطرفين الأمريكان احتجوا على بناء مسجد في مدينة منهاتن.. حجة مثيري الكراهية أن المسجد المقترح لا يبعد كثيراً عن برجي التجارة العالمية الذين نسفهما التشدد الديني.. صحيح أن إدارة الرئيس أوباما لم تستجب للابتزاز وأكدت أن الحقوق الدستورية تكفل للمسلمين بناء دور العبادة أينما شاءوا. في تقديري أن الغرب عموماً وأمريكا على وجه الخصوص أخطأوا عندما ربطوا الإرهاب والتطرف بالشرق الأوسط وديننا الإسلامي.. التطرف والإرهاب يجب أن يكونا فعلاً مستهجناً من الجميع.. محاولة إيجاد جينات وراثية محددة وربطهما ببيئة محددة يزيد من مشاعر التوجس والإحساس بالاستهداف لدى طائفة من أهل الأرض. ربما يكون شهر رمضان سانحة مناسبة لإدارة حوار شعبي حول مفهوم التعايش السلمي بين سكان البسيطة.. علينا كمسلمين أن نبدأ في هذا الشهر الكريم توطين ثقافة احترام الآخر.. رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في دولة المدينة أرسى أول وثيقة دستورية ترسي احترام المعتقدات والعبادات لغير المسلمين.. بعدها تخرج مبادرة إسلامية تدعو لحوار شامل وعميق مع مختلف الملل والأديان تحت شعار «لكم دينكم ولي دين». آخر لحظة