مع اقتراب قطار نيفاشا من المحطة الأخيرة بدأت عدة جهات محلية وخارجية تنشط من أجل تجنب خيار الانفصال والعمل على دعم خيار الوحدة، هل تعتقد أن التحركات الأخيرة ستأتي بنتائج إيجابية في هذا التوقيت؟ _ في رأيي مشروع الانفصال بدأ عندما قال نظام الإنقاذ هوية السودان عربية وإسلامية، صحيح الإسلام له وضع في السودان وكذلك العروبة ولكن في الماضي لم تكن الهوية العربية الإسلامية إيدولوجية الدولة، وكان الأمر يمضي بطبيعة الحال لأن الإسلام والاستعراب دخلا السودان سلمياً، وكان توسع قاعدة الإسلام والاستعراب طبيعياً جدا دون أن يكون نتيجة تبني سلطة مركزية تفرض هذا التوجه بالقوة, وعندما تبنى نظام الإنقاذ هذا التوجة العروبي الإسلامي دعا السيناتور هاري جونسون كل الفصائل الجنوبية على الإطلاق في واشنطن في العام 1993م، وكانت خلاصة المناقشات أنه طالما قرر النظام لنفسه هوية تتبناها سلطة ودولة نحن الجنوبيون لسنا مسلمين ولسنا عرباً، ولذلك نتفق على مصير مختلف ومن هذا الباب دخلت فكرة إجماع كل الجنوبيين على فكرة تقرير المصير كرد فعل مباشر لهذا التوجه الانقلابي، ونحن من وقتها كنا نقول إن هذا التناول بأسلوب مختلف لموضوع العروبة والإسلام في السودان ستكون نتائجه وخيمة، إذاً هناك أصلاً منذ عام 1993م حالة توجه نحو مصير آخر للجنوب وأخذ التوجه شكلاً خطيراً في اتفاقية السلام 2005م، لأن اتفاقية السلام مع أنها نصت على جعل الوحدة جاذبة وإعطائها أولوية إلا أنها في بنيتها الهيكلية زرعت الانفصال، هذا الانفصال زرع أولا في بروتكول مشاكوس, نحن كنا دائماً نقول إن التوجه الإسلامي يجب أن يكون ملزماً للمسلمين ويستثني غير المسلمين في دولة واحدة، وهذا ممكن ولكن بروتكول مشاكوس قسم البلاد على أساس ديني، شمال يحكم بالشريعة وجنوب علماني ومن هنا بدأ التوجه نحو الإنفصال. والشيء الثاني الذي دعم التوجه الانفصالي هو تقسيم الثروة الذي تم بطريقة غير صحيحة، وهناك سبب ثالث أعطى التوجه الانفصالي دفعة قوية، هو أن الاتفاقية قامت على صفقة ثنائية بين حزبين وهما (الوطني والشعبية) وهما على طرفي نقيض، وبما أن العلاقة بينهما مشحونة بأسباب أيدولوجية تنافرية انعكست هذه الأسباب التنافرية على الشمال والجنوب، وفي أثناء هذه الفترة المشحونة بالتوتر سمح لعناصر وعوامل تعمل بحرية لخلق درجة عالية من التنافر بين الشمال والجنوب. بالإضافة للعوامل المحلية هناك عامل خارجي ساهم في التوتر والاستقطاب الحادث الآن، هناك لوبيات في الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد المؤتمر الوطني وتعمل لصالح الحركة الشعبية، هذه اللوبيات أصبحت تتعامل بصورة انتقائية مع السودان مما جعل الجنوبي يشعر بأنه إذا أراد أن يهرب من العقوبات الأمريكية والغضب الأمريكي عليه أن يهرب من الشمال، لأن العقوبات الأمريكية والغضب الأمريكي صار موجهاً بصورة انتقائية ضد الشمال ومع الجنوب، هذه الحصيلة خلقت الوضع الذي فيه نحن الآن. نعم بعض القوى الشمالية والجنوبية عندما لاحت الآن حقيقة أن الجنوب سوف يصوت لانفصال بدأت في التحرك، وفي رأيي التحرك الحالي غير رشيد.. صحيح الكلام النظري عن أهمية الوحدة شيء طيب ولكن الطريقة فيها عدم رصانة وتظهر كأنها محاولة للتأثير علي الجنوبي بصورة غير موضوعية. الحديث عن مشروعات تنموية في الفترة القليلة التي تسبق الاستفتاء حديث غير موضوعي ويأتي بنتائج سياسية غير صحيحة.. * هل تأتي التحركات الأخيرة بنتائج عكسية؟ – نعم سوف تأتي بنتائج عكسية من ناحية أن الجنوبيين يشعرون أن هناك من يحاول شراء ودهم بهذه الطريقة، المهم أننا نرحب بكل كلام في هذا الصدد ولكن في رأيي لو أريد لهذا التحرك أن يكون فاعلا كان يجب على الحزب الحاكم أن يدعو كل القوى السياسية لمؤتمر (مائدة مستديرة), ويقول دعونا نناقش معا كيف يمكن بوسائل مجدية أن نتعاون نحن على الصعيد القومي على عرض قوي وواضح ومتين ومضمون النتائج حول قضايا الوحدة والانفصال، ودعونا معا نجمد أو نسكت عن كل الخلافات الحزبية لكي ننطلق في اتجاه واحد قومي قوي الحجة، وكان من المفترض أن تبدأ هذه العملية من قبل الحزب الحاكم بالاعتراف بالأخطاء (ويقولوا نحن غلطنا)، ولكن مها كان الخطأ فالضرر القادم سيكون شاملا فدعونا لا نتحدث عن أخطاء وقصور لازم سياستنا في الماضي، ودعونا نتحدث عن جدوى سياسة قومية مشتركة في المستقبل، وفي رأيي لو كان أخذ (المؤتمر الوطني) بهذا النهج لأفرز الملتقى الجامع نوعا من التوجه القومي الذي يمكن أن ينقذ ما يمكن إنقاذه. على كل حال نحن نعتقد أن قضية الوحدة الآن قضية مهمة جدا ونحن في حزب الأمة بما أننا لاحظنا أن النهج الذي يسير عليه الحزب الحاكم غير سليم وغير رشيد ويأتي بنتائج عكسية، وبما أننا لاحظنا هذا حتى أنني سألت الحركة السياسية الجنوبية هل حصل نوع من التنسيق في الموقف من قضية حوض النيل، وهو موضوع مهم جداً جداً وللأسف الشديد كان الرد لم يحدث أي تنسيق بين الوطني والحركة الشعبية في هذه القضية الهامة والخطيرة، يقول السيد سلفاكير إن كل صلاحياته كنائب أول لرئيس الجمهورية والموجودة في الدستور مجمدة وهو لايستشار ولا يؤبه له ويهمش، نفس الشيء السيد دينق ألور عندما كان وزيراً للخارجية كان يقول إنه مهمش في وزارة الخارجية، وصدر كثير من القرارات الهامة دون علمه وهي من صميم عمله كوزير للخارجية. * في الآونة الأخيرة هناك تقارب بين حزب الأمة والحركة الشعبية ما الجديد في هذا التقارب؟. – (أنا جاي لكلامك أصبر شوية)، نحن نقول الحركة الشعبية عوملت بطريقة غير لائقة ولا تستشار في قضايا ذات هم مشترك ولا تشرك في قرارات من صميم اختصاصاتها، ونحن لاحظنا هذه التصرفات وعندما اتصلت بنا الحركة الشعبية وسمعنا منهم هذا النقد لهذه الجوانب، قلنا لهم ما معناه وهذا ما نؤكده لا ينبغي أن تتعامل الحركة السياسية الجنوبية مع الشمال باعتبار أن رأي الشمال يمثله المؤتمر الوطني، فالمؤتمر الوطني يمثل رأيه فقط ولا يمثل رأي الشمال، هناك في الشمال آخرون عندهم رؤية أخرى فدعونا نتحدث معا فمهما كان موقف المؤتمر الوطني طاردا فهناك موقف شمالي مقبول ومختلف ويحترم الحركة الشعبية ويهتم بمستقبل العلاقة مع الجنوب، وقلنا لهم دعونا نتفق معا الآن على الأشياء التي تعزز خيار الوحدة ونضع الخطة (باء)، بمعنى أنه نسعى ما استطعنا بعد العمل المشترك هذا أن نرجح خيار الوحدة والذي في رأيي يمكن أن يجد دعماً قوياً، لأن كثيرا من الإخوة في الجنوب الآن يدركون مخاطر الانفصال، وهذه المخاطر يجب أن نبينها بصورة واضحة حتى لا تغيب عن الرأي العام الجنوبي، ولكن مع هذا المجهود الداعم للوحدة بموجب هذا التصور يجب أن نحتفظ بالخطة (باء)، والخطة باء تقوم على ما أسميناه بالتوأمة بين دولتي السودان بمعني أن هناك علاقة خاصة ستكون بين دولتي السودان إذا انفصل الجنوب، ونتفق منذ الآن تفصيلا على هذه التوأمة واتفقنا معهم على ما يسمي بمنبر الحوكمة البديلة لطرح موقف واضح حول ما يمكن أن يرجح خيار الوحدة. * هل وجد هذا الطرح قبولاً لدى قادة الحركة الشعبية؟. _ يعني: نعم مبدئياً اتفقنا على هذه القضايا ونحن بصدد الكتابة عن هذا الموضوع بصورة مفصلة، وندرك أنهم مرتبطون مع المؤتمر الوطني عبر اتفاقية السلام ولكن هناك عوامل خارج سقوفات اتفاقية السلام لابد من مخاطبتها، وهذا ما نأمل أن يحدث ضمن مشروع الحوكمة البديلة. * ما هي نقاط الاختلاف والاتفاق بينكم وبين الحركة الشعبية وما هي أهم القضايا التي تم بحثها في اللقاء الأخير؟ – في اللقاء المذكور استعرضنا الموقف السياسي والمخاطر التي يواجهها السودان وقضية السلام في السودان برمتها، لأن هناك في تقديرنا انفجار في الحالة الأمنية في دارفور ومخاطر متعلقة بشلل الدولة في موضوع المحكمة الجنائية، وهذه قضايا ضروري جداً أن تتفق حولها كل القوى السياسية وحول كيفية التعامل معها… نحن من جانبنا وضعنا ما نعتبره مخاطبة هذه القضايا عبر منابر الحوكمة البديلة وسنعمل على طرح محتويات المنبر على كل القوى السياسية مثلما فعلنا مع الحركة الشعبية، ونعتقد من الضروري حدوث وفاق وطني حول هذه القضايا لأنها قضايا مصيرية. * في الأسبوع المنصرم قدمت مقترحات لحل الخلافات داخل حزب الأمة ولكنها قوبلت برفض قاطع من التيار العام والإصلاح والتجديد ماهو تعليقكم؟ – هذه الجماعات في الحقيقة منهم بعض الذين سموا أنفسهم الإصلاح والتجديد والتيار العام عادوا لحزب الأمة القومي وصاروا جزءاً من مؤسسات الحزب الحالية، وبعضهم انضم للمؤتمر الوطني وبعضهم يتجه لتكوين حزب آخر وبعضهم سوف يقبل العودة لحزبه بالشروط والأسس المقترحة.. وفي رأيي هذا كلام واقعي، بعضهم كما قلنا عاد لحزب الأمة ورحبنا بهم وبعضهم دخل المؤتمر الوطني وبعضهم سيعود. * مقاطعة: كأفراد أم عبر الأجسام التي نشأت (التيار العام والإصلاح والتجديد)؟ _ في الحقيقة هي مواقف فردية أصلا وخارج المؤسسية، وعلى أي حال هؤلاء لم ينفصلوا كأحزاب بل كأفراد. * ولكن أحزابهم حقيقة ماثلة في الواقع؟ _ رد بسرعة: الذي تكوَّن تمزق، كل الأحزاب الموجودة في الحكومة الحالية خرجت من هذا الجسم، وعلى كل حال نحن لا نشغل أنفسنا بهذا الموضوع وسف ندعو الهيئة المركزية، وعندما تنعقد الهيئة المركزية سينخرط الذين يحضرونها في أجهزة الحزب والذين لا يحضرون هذا سيكون بمثابة استقالة من مؤسسات الحزب وليعملوا ما يروق لهم. * هل نفهم من حديثك تجاوز فكرة عقد مؤتمر استثنائي؟ – لا ما في مؤتمر استثنائي، نحن لنا دستور والدستور يقتضي اجتماع الهيئة المركزية والدستور ملزم للجميع، وهو دستور ديموقراطي ومجاز من المؤتمر العام وستكون هناك دعوة للهيئة المركزية بالأسس التي ذكرناها، ومن لبى هذه الدعوة يستطيع أن يمارس نشاطه في حزب الأمة ومن أراد أن يخرج فليفعل، (وأنا ما شايف مشكلة في دا). إن أرادوا تكوين أحزاب فليفعلوا.