مصعب الرمادي …….. (1) في السديم الكوني البهيم خارج نطاق حدود كوكب الأرض كانت المركبة الفضائية السودانية حراز 2010 تمخر عباب البحر الأسود المتلاطم . في سعيها المستمر نحو الوصول إلى نقطة مشتركة في الزمن النفسي والوجودي يسمح لها بأن تجمع في عقاربها المتسارعة نحو الأمام كل من كان على متنها في ذلك الفصل الربيعي من فصول السنة الضوئية الجديدة على درب التبانة . ولقد كانت الأرض أكثر إحتفاءاً بأبطالها الذين غابوا عنها لا أكثر من ستة شهور في الفضاء الخارجيِّ ؛ في الوقت الذي كانت فيه أخبار الكون السيارة تبث تقاريرها الساخنة عبر شاشتها العملاقة عن قصة الحب الجميلة التي جمعت بين بطليها سارة ومبارك . وفيما كان وميض المركبات الفضائية العابرة يتعالى ثم يخفت تدرجين وهي ترسل على بعضها البعض أبواقها الزاعقة بين الفينة والأخرى كان مبارك وسارة يمسكان بدربة وحذق مقود المركبة ، وقد كان السفر مهمة سهلةً وصعبة ً في آن واحد معاً حسب الحالة النفسية التي كان الراوي يسرد فيها تفاصيل تلك الرحلة العجيبة لذلك العالم الفضائي المسحور . (2) في كافتريا الأماني العريضة بكوكب المشترى هبطت المركبة حراز2010 لخمسة وثلاثين دقيقة كاملة وذلك لتناول النقانق الحارة والمرطبات ريثما تواصل السير من جديد الى كوكب الأرض ؛ وقد كان الشعور السائد لدى المسافرين في ذلك الفضاء الهيوليِّ الشاسع ان رحلة العودة الى الأرض أكثر يسراً وسهولة ً خلاف ما كانت عليه الرحلة الأولى والثانية لدى سارة ومبارك في اكتشاف كواكب ونجوم المجرة ابتدأ من “بلوتو ” آخر كواكب المجموعة الشمسية, حتى كوكب المريخ اقرب الكواكب للأرض عكس اتجاه موضع الشمس من الكرة الأرضية . (3) كان لسارة غرامٌ وفضول كبير لاكتشاف الفضاء الخارجي منذ نعومة أظافرها؛ فوالدها الذي رعاها في وكالة الفضاء السودانية كان أحرص الناس على تلقيها كل فنون المعرفة العلمية بالفضاء , وقد قاتلت سارة بمهارة وقوة وهي طفلة كل وحوش الفضاء وأشراره الذين حاولوا الهبوط الى كوكب الأرض للقضاء على مخلوقاته وتدمير بنى الحياة الأمنة فيه ,وذلك عبر مشاهدتها لقصص والعاب الخيال العلمي في قنوات “شباب المستقبل ” و ” اسبيستون ” وغيرها مع أبطالها الشجعان مثل ” القرنديزر ” و ” السيف البتار ” و ” قاتل الأشرار ” وقد الهبت كل تلك القصص والألعاب مخيلة وقريحة سارة وجعلته أكثر قابلية لتلقى شعرية وجمال مشاهد الفضاء الخلابة والذي كان يرعى ثمار الفراولة الحمراء من خلال نافذة المركبة حراز 2010 المتجه نحو الأرض قبل عبورها بمجال كوكب المريخ في اول يوم من شهر مارس من السنة الميلادية الجديدة . (4) كل شيءٍ نسبي وغير مؤكد , وهو في حاجة مستمرة وأكيدة لإحتمال الخطأ والصواب عند تقدير نتائجه .. هكذا تعلم مبارك في كلية الفيزياء الفضائية وأصبحت قناعاته أكثر اتساقاً مع أكثر النظريات العلمية رصانةً وموضوعية في هذا المجال ؛ وربما كان يتوق بعقله الراجح وعاطفته المتزنة الى ان يصير رجل ” سوبرمان ” بما لديه من مهارات وخبرات في ارتياد هذا المجال , وبما لديه من قدرة فائقة على الإحاطة بدقائق الأمور فيما يتعلق بالسفر عبر الفضاء والزمن بجانب قدرته على الخيال التأملي الذي جعل المهام الملقاة على عاتقه من وكالة الفضاء السودانية سهلة ومذللة ومليئة بالمغامرة العلمية والاثارة !. (5) على سطح المحيط الهادئ في تمام الساعة الثالثة والربع صباحاً هبطت المركبة الفضائية السودانية حراز2010 . كان ثمة وجوم مطبق في الأفاق ، لكن الهبوط تم بسلام فشرعت قوارب الانتشال وفرق الإنقاذ لتحمل من كان على متنها الى اقرب شاطئ على المحيط ؛ الذي كانت مياهه حانيةً ووديعة في ذلك الوقت من العام , وقد كان ذهن مبارك يعمل كروبرت بشري مدرب بصبر وجلد وإرادة فولاذية ؛ اما سارة فقد كانت شبه نائمة او مذهولة بذلك السحر الكوني العميم للكائنات مملكة الفضاء ومن ثم مملكة البحر !. (6) مثل زرقة البحر الهادئ او كالاقحوانة البيضاء المتفتحة كانت النجوم بفصوصها الماسية تتلألأ وتضوي من بعيد .. وقد تبدو في الليالي التي يغيب عنها القمر اكثر نصاعة ووضوحاً في وجه السماء الصافية . لكن تلك النجمة أللامعة التي تلوح في الصباح كانت هي اكثر الأجرام السماوية التي استرعت انتباه سارة منذ كانت صبية يافعة تدرج مع والدها في تعلم الأشياء المفيدة من علوم الفضاء . “انه كوكب الزهرة ياعزيزتي ؛ وهي نجمة الصباح “. قال لها مبارك ذلك يصف نجمة الصباح بانها فينوس الجمال لكواكب المجرّة قاطبة . أحست سارة بالاطمئنان وراحت تحزم متاعها وهي في طريقها الى القارب الذي حملهما الى السفينة والتي رست بأمن بهم في احد الموانئ العالمية ومن ثم حملتهما الطائرة نهار ذلك اليوم الى العاصمة الخرطوم . عندما وصولا السودان تهلل وجه مبارك فرحاً , فقالت له سارة ممازحة ” إنها في طريقها الى زيارة جدتها في الريف بعد أيام . وانه بإمكانها وقت ذاك الاستمتاع بمشاهدة نجمة الصباح التي تلوح في الأفق كقيثارة تعزف أجمل الإلحان لأسعد الذكريات . يناير2010 القصةالفائزةبالجائزة الاولى في مسابقة الموسم الثقافي الاول لبلدية القضارف – مارس 2010 .