بقلم مبارك عبدالرحمن اردول لقد انتهت هذه الجولة والزمن بدل الضائع من مفاوضات الاطراف المختلفة في مواجهة الحكومة السودانية، حكومة دولة جنوب السودان من جهة والحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال من جهة اخري، المفاوضات التي تعلق بمخرجاتها اكثر من 38 مليون سوداني جنوبي وشمالي والملايين من المراقبين والمهتمين بالشأن السوداني في العالم، تقوم بالوساطة في هذه المفاوضات الالية الرفيعة للاتحاد الافريقي للدولتين بالاضافة للايقاد بالنسبة للحركة الشعبية/شمال ونظام الخرطوم. دعونا نستعرض هنا بعض المواقف والمقترحات للاطراف السودانية المتفاوضة والمنهجية (Methodology) المتبعة من قبل الوسطاء وهل سيسهم ذلك في صنع السلام للمواطنيين ام انه مجرد كسب للوقت وتضييع للفرص لاغراض واجندات مختلفة. علينا ايضا ان نذكر القراء بان هذه المفاوضات جاءت نتيجة لحرب يشهدها اطراف البلد الهامش والمركز منذ فترة ليست بالقصيرة يتبع فيها سكان الهامش هذه الوسيلة العنيفة والباحظة بعدما يئسوا من اتخاذ كل الوسائل السلمية لتحقيق تطلعاتهم في مجالات المشاركة في تحديد شكل حكم الدولة وكيفيته وايضا المشاركة الفاعلة في السلطة القومية والاقليمية والمحلية، كما يطمحون في ان تكون ثقافاتهم جزءا من المزاج والضمير القومي وان تكون لغتاتهم لغات قومية معترف بها من قبل دواوين الدولة وان تجد حظها الكامل في وسائل الاعلام والصحافة، كما ايضا يطمحون ان يتقاسموا موارد وثروات البلد بشكل عادل وحسب نسب السكان لكل اقليم. ولا تقتصر المطالب علي ذلك بل تمتد لتشمل الحقوق الدستورية المختلفة من حقوق الاستقرار الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة والحق في التنظيم والتدين والعبادة وكل الحقوق الشخصية والجماعية المختلفة. اذن كل هذه الحروبات المتنوعة كتنوع الشعب السوداني والارواح الموارد المهلكة في السودان لصالح هاتين القوتين، القوى الاولي تسعى لتحقيق هذه الحقوق لاهل الهامش والاخري تسعي لحرمانهم منها وتكافح بكل ما تملك للحفاظ علي هذه الامتيازات المغتصبة من اهل الهامش، فالمفاوضات وان اختلفت المنابر والاطراف لابد لها من مخاطبة هذه القضايا بكل جراءة وشفافية اذا كان الطرفين او غيرهم ساعيين لتحقيق السلام وجلب الاستقرار للمواطنيين السودانيين. كما ذكرت في مقالات سابقة فان المواقف التي ظلت تتبع داخل اروقة اديس من جانب الطرف الحكومي يثبت عدم جديتها يقابلها تعاطفا غير مفهوم من قبل الوسطاء (الالية الرفيعة)، فعند اندلاع الحرب في عقد الثمنينات كانت نفس الاهدف التي ساقها المعارضون المسلحون هي نفسها التي يسوقونها الان في الحرب التي تجددت في العام المنصرم وان اختلفت الاماكن، اذن يظل الاشكال قائم مالم يكون الحل جوهري وشامل لكل المكونات السودانية. اذ لا يمكن ان تكون مستعدا لاعطاء شعب جبال النوبة والنيل الازرق هذه الحقوق المذكورة انفا وتتعنت وتحاجج لتحرم منها شعب دارفور وبقية الاقليم فهذا انفصام تفاوضي، طلما كانت لك جدية في تسوية كل القضايا الوطنية وتسعي لاسقرار البلد فكن مستعدا للحل الشامل، هذه الحقوق لا توجد في مستودع كبير وله مخزنجي ومفاتيح محددة بكميات معينة عندما ينالها شعب المنطقتين تنقص من كميات حقوق الشعوب الاخري، فالعملية المتبعة من قبل الحزب الحاكم حاليا هي عملية مزاجات وتوهمات شخصية ليست مبنية علي منطق على الاطلاق ولكنهم يستترون دوما خلف لافتات مكتسبات الوطن وهوية الامة والمبادئ العليا والخطوط الحمراء. هنالك اوراق قدمت من قبل الحكومة السودانية خلاصتها تجريد سلاح الجيش الشعبي واجراء عملية تسريححهم وطردهم ليصبحوا مواطنيين عزل يسهل السيطرة عليهم ( مثل عملية تجنيح الطيور من الريش) يسيطرون عليهم بامتلاك عناصر القوة المطلقة كسيطرتهم على الاحزاب السياسية الحالية والحركات والتنظيمات السياسية السلمية التي يتفنن فيهم مرتزقة النظام باعتقالهم وتعذيبهم في اي تحرك للمطالبة بهذه الحقوق، فالموتمر الوطني غير مستعد لمقاسمة اهل الهامش اي نوع من انواع الحقوق وان اصطحبوهم معهم تواطئا فانهم فقط لينفذوا اجندتهم المعدة مسبقا، فاطالة العمر في السلطة الذي يبحثه الوطني في اديس نقول له يكمن في مقاسمة الحقوق مع اهلها وليس المراوغة عنها. منهجية لجنة امبيكي المتبعة هي مبنية باخذ اراء كل طرف حول رؤيته للحل بصورة شاملة وتقحم نفسها في واجب منزلي (Home Work) للخروج بورقة توفيقية بينهما تسمى ورقة الوساطة هذه المنهجية معروف انها غير مجدية وتطيل عمر المفاوضات وهو الهدف الذي يسعى له ويرسمه الوطني وذلك لحسم الحركة الشعبية عسكريا في الصيف القادم كما يدعون ذلك. كان من المتوقع ان تكون منهجية الوساطة ان تبداء هذه الجولة وفقا لقرار مجلس الامن وبجدية وان يكون اساسها ومرجعيتها البرتكول الاطارئ الذي وقع في يوليو 2011، وان تلزم كل الاطراف بالموافقة عليه وخاصة الطرف الذي بدر منه عملية رفض الاتفاق وعطل عملية السلام مسبقا اثباتا للجدية وحسنا للنويا ، ولكن الالية تتواطئ وتتحمل حماقات البشير في رفضه والنكوص عنه، ولان الالية لم تقم بادانة البشير صراحة عندما رفض البرتكول ولم تذكره صراحة كطرف معيق للسلام في القرار الذي اقترحته لمجلس الامن والذي اصبح قرارا امميا فيما بعد يحمل الرقم 2046. فلو وضعنا ان الفريق/عبد العزيز الحلو والاستاذ/ ياسر عرمان في مكان البشير في رفض الاتفاق الاطارئ اوقل ان الفريق / مالك عقار لم يوافق على التوقيع عليه، ما الذي كان سيحدث ؟؟ كيف كانت تكون الضجة والتحامل على الحركة الشعبية محليا وعالميا؟ هل كان سيضعونها في قائمة المنظمات الارهابية؟ ام ستوضع في قائمة الحركات السلبية (Negative Movements)؟ ام سيحظر قادتها من السفر وتفرض عليها العزلة الدولية؟ فهذه المنهجية المتبعة من قبل الوسطاء غير مجدية فالوسيط عليه ان يكون شفاف وغير متحامل على الطرفين، ينبغي ان نسمي اللبن لبننا والخمر خمرا وان كان يشربه الملك. هنالك ورقة تسربت الي اجهزة الاعلام في الايام السابقة عن قصد ومكر وخباثة سياسية، بالحقيقة لم تقم الحركة الشعبية لتحرير السودان /شمال بتقديم اي مواقف سياسية في هذه الجولة بل الالية قامت وافرغت ورقة الوطني بنقاطه الجديدة في البرتكول الاطارئ، ليجدوا مخرجا للبشير من ورطته ورفضه للبرتكول الاطارئ في مسجد النور وتقديمه للاضواء الخضراء للجيوش بالقبض علي قادة التمرد وتطهير الولايتين من الدنس، فبالاضافة لي هذا البرتكول الاطارئ قبل شهر وقعت الحركة الشعبية على البرتكول الثاني وهو الانساني والذي اصابه ما اصاب الاطارئ ولكن الان غير معلن، فالان علينا ان نعطي الالية مذيدا من التسأولات الي متي تريدون ان تحشدوا هذا الكم من الاوراق والبرتكولات الموقعة دون الاكتراث الي كيفية تنفيذها ومعاقبة المتسببين في فشلها؟ هل تعتقد الالية ان قادة الحركة الشعبية شمال بهذا المستوى من السطحية والغباء السياسي لينخرطوا في خوض المفاوضات السياسية المعروف نتائجها (لن نلدغ في جحر ثلاثة مرات)؟. نحن ننتظر ما الذي سيحدث من قبل الاطراف الاممية التي اصدرت القرار بمحض ارادتها بعد استماعهم الي التقرير الذي سيقدمه امبيكي لهم في هذه الايام، اذا كانوا جادين لتحقيق الاستقرار والسلام في كل السودان، وهل السيد امبيكي سيتضمن ذلك الفشل في البرتكول الانساني ويتحدث بشفافية عن الطرف المسئول عن ذلك؟ ام انهم سيغضون طرفهم عن الجانئ ويتحاملون ضد الضحية بانه السبب وراء ذلك الحال الذي هو فيه؟.