كشفت مصادر أمنية وعسكرية مطلعة ل(حريات) أن السلطات الأمنية نفذت حملة اعتقالات واسعة وسط ضباط الجيش والأمن بعد أن أعلنت رسمياً عن )محاولة تخربية). وأكد شهود عيان وجود تحركات مريبة لعدد من المدرعات في شارع عبيد ختم القريب من القيادة العامة والمطار، فيما وجهت الأجهزة الامنية (اتهامات لأحزاب معارضة وشخصيات عسكرية) دون أن تذكر تفاصيلاً عن ( الإنقلاب). وذكر المركز السوداني للخدمات الصحافية (س ام سي) في تقرير مقتضب في موقعه على الانترنت أن مصدراً بجهاز الأمن والمخابرات أفاد بإحباط مخطط تخريبي فجر اليوم يهدف الي إحداث اضطرابات امنية بالبلاد وتقوده شخصيات من القوى المعارضة .واضاف قائلا “افاد المصدر بأن الجهاز ظل يتابع حلقات المخطط التخريبي الساعي الي زعزعة الاستقرار والامن بالبلاد ) ، مشيراً إلى أن ” الجهات المختصة بدأت مباشرة الاجراءات الامنية والتحقيقات مع شخصيات مدنية وعسكرية ذات صلة بالمخطط بعد القاء القبض عليهم .) وروى شهود عيان أنهم شاهدوا رتلاً من الدبابات عند منتصف الليل وفجر الخميس تتحرك عند شارع عبيد ختم، وهو شارع يتجه من الجنوب إلى الشمال وينتهي عند جسر بري قرب القيادة العامة للجيش ومطاريي الخرطوم العسكري والمدني، وأكدت مصادر ( حريات ) المطلعة أن (الإعتقالات طاولت عدداً من الضباط المعروفين بولائهم للبشير، وللنظام، وأن بينهم بعضاً من ” مشرفي حركة الدبابين). ولا يستبعد محلل سياسي ل (حريات) أن يكون التحرك ( لو كان حقيقيا) قد جاء في سياق الصراعات بين الأجنحة داخل النظام، وقال ( لقد أعقب ذلك التحرك إن كان ما أعلنته الأجهزة الأمنية صحيحاً فشل مؤتمر الحركة الإسلامية في تحقيق إصلاحات سياسية، والسماح لوجوه جديدة لتولي مهام الحركة، إلا أن الحرس القديم واصل سيطرته على مفاصل الدولة، والحزب (المؤتمر الوطني) و(الحركة الإسلامية) وهو ما عكس صعوبة قبول الإنقاذيين لأي اصلاح ، أو افساح مساحة للآخر ولو كانت ” من آل البيت أو البدريين)، كما تشهد المؤسسة العسكرية حالة من التذمر ضد وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين، ورئيسه البشير الذي يوفر الحماية الكاملة لصديقه الشخصي عبد الرحيم رغم فشله الكبير ، وقال خبير عسكري ان (التململ بدأ منذ غزوة أم درمان، ونجاح قوات ” حركة العدل والمساواة” في اقتحام مدينة أم درمان في مايو 2008، وسيطرتها على المدينة لعدد من الساعات بعد أن قطعت الحركة مسافة آلاف الكيلومترات داخل مناطق مكشوفة، تتفقر إلى ” السواتر والملاجئ” ويسهل رصدها وضربها بالطائرات من الجو، والمدفعية من الأرض، وهو ما لم يحصل!، كما شكل أيضا استيلاء الجيش الشعبي للجنوب على منطقة هجليج الاستراتيجية والتي تنتج غالب ما تبقى من النفط السوداني، وفشل الجيش في حماية المنطقة، إلا أن الضغوط الدولية أجبرت رئيس الجنوب الفريق أول سلفاكير ميارديت على سحب قواته من هجليج ليدعي البشير وعبد الرحيم ( نصراً زائفا) لا وجود له على الأرض)، وأضاف خبير عسكري كذلك ( هناك الاختراقات الاسرائيلية المتكررة للأجواء السودانية وسماواتها المفتوحة دون رقابة في شرق السودان، وحتى داخل العاصمة الخرطوم مثلما حصل لضرب مصنع اليرموك للتصنيع الحربي في شهر أكتوبر الماضي، وهو الاختراق السادس بعد أن قصفت اسرائيل ولاية البحر الأحمر اربع مرات خلال أعوام 2009، 2011، 2012. وشككت مصادرمطلعة أخرى في صحة الرواية الحكومية واعتبرت ما تم ( مناورةً من النظام أو تمويه لانقلاب قصر، وشن اعتقالات على عناصر تابعة للإسلاميين إلا أنها أصبحت مصدر قلق داخل المؤسسات الإنقاذية) ، ونوه المصدر إلى ” مذكرة الأف أخ، وافطارات رمضانية أقامها عسكريون لا يزالون يعملون في الخدمة العسكرية). إلى ذلك اعتبر محلل سياسي ” أن الحديث عن الانقلاب ربما القصد منه التضييق أكثر على الحريات واعتقالات للمعارضين والسعي لجلب تعاطف شعبي مع البشير )، وقال المحلل السياسي ( إن الحديث عن انقلابات عسكرية صحت أو كذبت لن يحل المشكلة السودانية، كما لن يحل مشكلة البشير وأفراد طغمته ، ولن يكسبهم تعاطف الناس، لأن الأوضاع صارت لا تحتمل، وأن البلاد كلها مهددة بالانهيار حال استمر نظام البشير في الحكم، وأن الحل الوحيد هو اسقاط هذا النظام بكل الوسائل وصولاً إلى نظام ديمقراطي انتقالي، ووقف الحروب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، ومحاصصة عادلة للسلطة والثروة بين مكونات السودان الجغرافية والعرقية والثقافية والدينية داخل دولة مواطنة حرة وديمقراطية، وإطلاق الحريات ، وتفكيك دولة القمع والاستبداد والجزب الواحد لصالح الوطن، وتحقيق السلام الدائم مع دولة الجنوب والوصول معها إلى صيغ للتعاون في كافة المجالات، وتسوية القضايا العالقة بين البلدين بعيداً عن المزايدات ، ولما يحقق مصالح السودانيين في الشمال والجنوب). ويتزايد السخط في القوات المسلحة منذ فبراير 2011 بسبب الفساد وما يراه الضباط من سوء إدارة وزير الدفاع عبد الرحيم ، وحدثت مواجهة شهيرة إنتهت إلى فصل أكثر من (13) من ابرز قيادات القوات المسلحة . وتجدد السخط مرة أخرى وتزايد على خلفية معارك هجليج ابريل 2012 وأوامر عبد الرحيم التي رأى فيها الضباط سبباً مباشراً لهزيمة القوات السريعة والسهلة وإستيلاء قوات الجيش الشعبي على عدد كبير من الآليات العسكرية من بينها عدد كبير من الدبابات . كما يتذمر الضباط من إضفاء الطابع الحزبي والقبلي على القوات المسلحة ، خصوصاً وقد تم تشكيل قوات موازية غالبية من قياداتها وجنودها من (الأحجار الكريمة) ومن الجعليين تحديداً حتى تدين بالولاء الشخصي لعمر البشير ومجموعته . وزادت أعداد هذه (القوات الخاصة) مؤخراً كما زادت مخصصاتها قياساً بمخصصات ضباط وجنود القوات المسلحة . وكانت قاصمة الظهر الهجمات الإسرائيلية على مصنع اليرموك للصناعات العسكرية التي نظر لها الضباط كإهانة للقوات المسلحة تلخص كامل سياسات وإدارة عمر البشير وعبد الرحيم محمد حسين لقضايا السياسة الخارجية وتسليح القوات المسلحة ، وما يرتبط بها من سوء إدارة وفساد وحزبية ضيقة .