لن تسكت الأرض على الظلم الغاشم ولم تبكي السماء قط من قبل على المستبد الظالم. والإحساس بالمهانة والذل والخنوع يعتمل في النفوس ويزيد كل حين ليأتي بالغضب الساطع. وفي كل حراك بركة. إنتهى وقت الكلام عن الفساد والفشل والمآسي والخذلان الذي فات الكبار والقدره. فلا يمكن لساحر أو أشطر عطار أن يصلح ما بني على باطل وما أفسده فساد ولغوثة وجغمسة أربع وعشرون دهرا. ومهما عسعس الليل فسيأتي الفجر الثاقب ليهدي الحياة للصبح ليتنفس من جديد. ولكن لن يأتي هذا إلا بالمجاهدة والجهاد والعمل الدؤوب والجاد. دعونا نتذكر أهم النقاط التي كتب عنها كثير من الشرفاء لنوطد الطريق ونحصد ثمرات ما يختزن في أنفسنا: طول النفس ويقين الأمل. علينا أولا أن لا نيأس ونعلم تمام العلم ان في المظاهرات كر وفر، وثورتنا بدأت من زمان منذ إنقلاب الإنقاذ المشئوم علي الديمقراطية وسرقة حرية الشعب ولكنها تقمع يوميا بكل الوسائل الخبيثة وراح كثير من الشرفاء شهداء وضحايا علي سبيل المثال لا الحصر: شهداء رمضان و الشهيد علي فضل والشهيدة عوضية عجبنا والأستاذة هندوسة إلى شهداء جامعة الجزيرة وغيرهم الكثير. وبرغم فشل المعارضة في إنشأ قناة فضائية تساهم في زيادة الوعي وحراك الشعب وبرغم من ان أكبر المتربصين بثورتنا هم الإسلاميين أو التنظيم الإخواني العالمي بكل عتادهم المالي والإعلامي وذلك ليضمنوا أن التغيير الذي يحدث في السودان لابد أن يأتي بهم أيضا. فلابد من مواصلة التظاهر حتى يسقط النظام. عدم تحديد أيام أو في أيام الجمع كما عملنا من قبل. ذلك لنقطع الطريق على الطغمة من إلتقاط انفاسها وكي لا يروج الموالسين والخائنين والخائبين أنها ليست مظاهرات إنما إحتجاجات محدودة فقط. علينا اليقين بان نار ثورتنا لن تخمد وهي متقدة ونجاحها المؤكد مكتوب بإذن الله إلى أن يقتلع الإسلامويين إقتلاعا من أرض السودان، لأن الله نا صر المستضعفين لا ريب. عدم التهاون دينيا بمقاطعة الظالمين الغاشمين الجبارين ونبذهم بالعصيان المدني. علينا ان نستمد من الدين طاقة التحرر الثورجية لنضرب بها في مقتل الذين يخدعوننا ويخادعوننا بالدين. المقاطعة لكل المنافقين، والكذابين والمجرمين. روى أبو داوود -بإسناده- عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن أول ما دخل النقص على بنى إسرائيل كان الرجلُ يلقى الرجلَ، فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك. ثم يلقاه من الغد، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده. فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض). صدق رسول الله صل الله عليه وآله وسلم. لابد ان تكون ثورتنا ثورة تقدم علي الرجعية، وثورة عقل علي التغفيل، وثورة تغيير مستمر علي الروتين القاتل، ثورة علم علي الجهل، ثورة صحة علي المرض. ثورة جيل شباب على جيل مسن، وثورة أبناء على آباء، وثورة عبيد على السادة، وثورة أمة على القبيلة. التصعيد بالمقاومة المدنية. ومن الأمثلة الرائعة التي تذكر هو غاندي الذي قاد مسيرة الملح 1930-1931 ضد نظام إستعماري غاشم كان يستعبد جميع شعب الهند ويسخرهم. غاندي قال إنه تأثر بشخصية سيدنا ومولانا الإمام الحسين واقتبس من سيرته الكثير من مبادئ اللاعنف ومقولته الشهيرة بهذا الصدد: (تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فانتصر). وتأثر عموما بالمنهاج الصوفي الذي طبقه في حياته وفي المقاومة حيث كان يتحكم بكل أهوائه وحواسه بواسطة الزهد والتنسك وعن طريق الطعام واللباس والصيام والطهارة والصلاة والخشوع والتزام الصمت يوم الاثنين من كل أسبوع. وعبر هذه الممارسة يتوصل الإنسان إلى تحرير ذاته قبل أن يستحق تحرير الآخرين. تأمل عنما سأل غاندي: (لماذا يتبعك عشرات الآلاف اينما تذهب؟). فأجاب: (لأني نصف عريان وجعان مثلهم …). وهذا ما طلبناه من السادة الصوفية ليفيدوا الوطن والشعب من تصوفهم في النداء الذي أطلقناه إليهم في مقال: “ويا كآفة صوفية: شيئ لله ..”. لماذا يجارون هؤلاء الظلمة. وخلال نداء آخر ننصحهم فيه للإنحياز لمستضعفين والغلابة في “أيها الصوفية صمتكم يقتلنا”. لقد إستفاد غيرنا الكثير بمبادئ وقيم الإسلام التي احدثت تغييرات جذرية في أمم. ونذكر أيضا Dutty Bookman أو رجل الكتاب –اللقب الذي إشتهر به- وهو مفجر ثورة العبيد في هاييتي وقائدها الأول قبل أن يُعدم والتي حدثت بالتزامن مع الثورة الفرنسية وإستمرت ل 14 عاما. كان هذا الكتاب الذي يحمله هو القرآن الكريم. لابد من التجرد ونكران الذات من اجل علاج الوطن وتعافيه من كل الأمراض التي نالت منه ومازالت تفتك به. على الجميع في الداخل والخارج أن تتضافر جهودهم. فما يمكن أن يقف في وجه ويزيل هؤلاء المتاجرون بالدين والجاثمون علي صدورنا وقلب الوطن وفي أيديهم المال والآلة الإعلامية الضخمة ومساندات خارجية وهم يدلسون وينافقون ويفترون ويهتفون كذبا هي لله هي لله لا للسلطة لا للجاه؛ إلا أبطال أشاوس متظاهرون لوجه الله. في الداخل، وبالرغم من أن ليس لدينا ميدان تحرير يمكن ان يجتمع شباب الأحياء ويعتصموا أو يعتكفوا في الميادين أو بيوت الله ويمتنعوا من الطعام كتعبير للفقر والجوع والظلم والقمع والقهر وكل ما يحدث. وسينتقل إليهم الإعلام العالمي. وعلى من بالخارج إمداد هؤلاء الثوار بالدعم المادي والإعلامي والمعنوي اللامحدود. وهذه العملية تحتاج لقيادات وتنسيق ستفرضه الحالة الثورية. وسيكون عملا مقدرا إذا أفلح بعض من الشباب في تنظيم مسيرات تجوب كل الأحياء ومن ثم كل مدن السودان في تعبير صارخ لرفض الظلم والباطل والذل وتأكيد صلب لقوة الإرادة في طلب الحق والعدل وإسترداد الكرامة وتحقيق حلم الحرية. نعم سيكون هناك قمع وتشريد وقتل ولكن لكل غالي ثمنه. ومن لم يستطع أن يركب قطار الثورة بسبب قد هرمنا عليه بالدفع من الخلف لكي لا يقيف هذا القطار أبدا ويستمر باللز أو الدفر أو الدفع حتى يحضر الجيل الذي يأتي حاملا للشمس بين يديه ويضعها في سماء الوطن، ويحرر الوطن من الظلمات ويشفي الوطن بالحقيقية، لتضئ قلوب الناس بالمحبة ويصبح لكل مواطن في الوطن إحترام يسمى كرامة الإنسان.