حيدر أحمد خير الله [صادق البرلمان على الموازنة كما صادق على قانون الضريبة القومية للمركبات.. واللافت في هذه المصادقة في مرحلة القراءة الرابعة والأخيرة هو المزايدة التي نعاها الأستاذ أحمد ابراهيم الطاهر في كلمته عندما قال: (إن الإيرادات البالغة 25 مليار جنيه تماثل إيرادات موازنة 2010 إبان وجود البترول (مبيناً) أن هناك بنوداً سُدت دون أن تحتاج لبترول الجنوب (ثم استدرك) إنه إذا إنسابت موارد عبور نفط الجنوب تكون قد شكلت إضافة (وأوضح) أن مرور البترول ينتظره الجنوبيون ولا ننتطره نحن (وزاد بالقول) إن جاء خيراً وإن لم تأتِ تلك الإيرادات لن يزاود علينا أحد..] والأستاذ الطاهر يزاود علينا هذه ميزانية بائسة وأكثر بؤساً هو تسويق فكرة إنها تماثل ميزانية (2010) إبان وجود البترول فإذا كان الوضع كما يراه رئيس البرلمان بعين ملأى بالتفاؤل فلماذا توسيع المظلة الضريبية وما الداعي لأن يعطي المجلس لوزير المالية أكثر مما يطلبه من ضرائب؟ ولماذا لم يقل رئيس المجلس أنه أجاز ميزانية تقوم على 90% من الضرائب المباشرة وغير المباشرة؟! ومن أين أتى سيادة رئيس البرلمان بفهم أن مرور البترول ينتظره الجنوبيون ولا ننتظره نحن؟ سيادة الرئيس نحن كشعب ننتظر هذا البترول.. وعلي محمود كوزير مالية منتظره (لما قلبو مقطوع) ومن يعانون في هذه الأرض ينتظرونه إنتظارهم للمسيح.. ولأن رئيس البرلمان لا يكابد ما نكابد.. ولا نظنه عجز عن سداد رسوم أطفاله.. ولا نحسبه يعلم أن طلب الفول أصبح (5جنيهات) ولأن حياته في سودان غير سودان عامة أهل السودان.. فكان طبيعياً أن يوافق في المرة الأولى على رفع الدعم عن المحروقات والشعب يعاني الويلات وبالأغلبية الميكانيكية في البرلمان قد أجاز رفع الدعم.. وبنفس الأغلبية مرر الميزانية التي تماثل 2010.. وأجاز الضريبة القومية للمركبات [والنواب يصفقون صفقة حادة ومتواصلة وبهذا قد أرَّخ لنفسه بأنه أول رئيس للبرلمان يصفق لعذاب شعبه وفقره. ومعاناته ليس هذا فحسب بل يفضح السيد وزير المالية عقلية الإفقار فبعد كل (الهيصة) مع الأستاذة أميرة الفاضل وهو يعتذر لوزيرة الرعاية والضمان الإجتماعي ويقول أختي الصغيرة أميرة حريصة على الفقراء والأرامل لكن من يده في الماء الحار (ليس كغيره).. (تصفيق من النواب) وناشدها أن تنسى ما حدث وأن يكون ما (حصل) قد إنتهى.. وأشار لإرتفاع بند الدعم الإجتماعي في الموازنة مبيناً أنه لولا حرص (أميرة) وبقية عضوات البرلمان لما إرتفع].. وضح جلياً أن الأستاذة أميرة تعرفك جيداً وما ذكرته لا يدخل في دائرة الإعتذار إنما يدخل في دائرة (الإستهبال).. سيادة الوزير: واضح أن الأستاذة أميرة ليست (أختك الصغيرة) إنها (أختك الكبيرة) لأنها وقفت موقفاً عجز عنه الرجال.. فلقد تطاولت عليها وطالبتها بالإستقالة ثم تأتي في آخر المطاف لتخرج علينا بماء حار وماء بارد؟! هل يمكن أن تكون هذه طريقة وزير؟! بلا أدنى حياء تقول (لولا حرص أميرة لما إرتفع بند الدعم الإجتماعي؟ أهكذا القلوب بلا رحمة وعلى من؟! (الفقراء والأرامل) لا يجدون عندك حساً لمعالجة مشاكلهم لولا حرص الأستاذة أميرة؟ ثم تقول لها إستقيلي؟ أجمل ما ذكرته هو إقرارك بأن الأستاذة أميرة (حريصة على الأرامل والفقراء).. لهذا نحن أهل السودان نحترمها ونقدرها.. لأن هذا الموقف وحده كافٍ لإدخالها التاريخ من أوسع أبوابه لكونها وقفت في هذا البرلمان الذي يجيد (الصفقة) وإنتزعت للأرامل والفقراء حقوقهم.. هذا يكفيها.. فمن الصغير يا ترى؟! وليسمع السيد رئيس البرلمان والسيد وزير المالية ما قاله مشكور النائب المحترم عبد الله بابكر [إن راتب العضو البرلماني يعادل الأجر الذي يتقاضاه أي (فنان مغمور) في آخر كل حفلة يحيها في المناسبات العادية.. ووصف الهيئة البرلمانية بالضعيفة.. وغير المبرة بوعودها للنواب لتحسين رواتبهم (وأضاف) بأن ذلك الضعف قد يحول النواب إلى متسولين أمام مكاتب الوزراء.. الذين ينبغي على النواب مراقبتهم ونوه إلى أن الوضع الحالي أحدث ململة وسط النواب وعدم رضاء تجاه الهيئة البرلمانية]. نلاحظ عند الإجازة البرلمانية لميزانية الإفقار قوبلت بالصفقة.. وعند المطالبة بتحسين الأوضاع كان التشبيه بعدَّاد الفنان المغمور.. والرابط بين الإثنين حس الطرب.. فليس غريباً أن يهتف الشباب (نموت عشان الحوت) وليس مدهشاً إن تعجز المعارضة عن إخراج مظاهرة وينجح في ذلك هيثم مصطفى.. فماذا نقول للمجلس الوطني.. قد اخترتم بكامل إرادتكم عدم الإحساس بمعاناتنا.. وعجزتم عن النهوض بقضايانا.. وها نحن نترككم وخياراتكم.. لأننا موقنون بأن إكرام الميت دفنه.. وسلام يا.. وطن سلام يا.. قالت سلام.. أجيزت الميزانية.. سلام.. مررت من أمامها.. مرور اللئام.. سلام يا..