[email protected] في الخمسينات وبداية الستينات سكنا في فريق السردارية . و خلف المنزل سكنت الخالة (الشول) و هي إمرأة قوية الشخصية و لا تعجبها المسخرة . كانت فاتحة اللون و بشلوخ و تضفر شعرها ، إلا أنها تتكلم اللهجة الأمدرمانية بلكنة مصرية . و كما أوردت في كتاب ( حكاوي أمدرمان) فإن غنماية جدتي الرباطابية الرسالة بت أحمد كانت تقطع الحبل . و أخيرا” و جدنا لها الحل إلا أن الخالة ( الشول ) قالت و في داخل مسكننا المكون من حوشين ( عالم مقانين ، أصلها غنماية و لا بابور بحر ) . الغنماية كانت مربوطة بجنزير ثخين . وفي أحد الأيام وهي داخل بيتنا و هي تحكي ، إرتفع صوت بنات الأحفاد و هن خارجات من المدرسة و طغى صوتهن على صوتها فقالت ( إنعل أبو بابكر بدري اللي . . . . . البنات ). في أحد الأيام قدم الطعام و لم تظهر الملاحة ، فغضبت لعدم وجود شطة في منزلنا . فطلبت من أمي إحضار عشرة جنيهات و هذه ثروة و قتها . و أرسلتني لإحضار تاكسي ، وذهبت للسوق و عادت و معها كل أنواع الملاحات من صيني و زجاج حتى الملاحة المصنوعة عند السمكري من علبتي صلصة . و ثمنها قرش و نصف و تتواجد في كل المطاعم الشعبية . ومن الأشياء التي كان أهل منزلنا يدعون للخالة ( الشول ) بالرحمة بسببها هي فندك كبير و فنادك صغيرة و صاج للحمة بخرس (حلقات ) ، وصواني نحاس ، و أطباق و أشياء كثيرة ، حتى لمبة جاز في حال انقطاع الكهرباء الذي لم يكن يحدث أبدا” في ذلك الوقت. و الخالة ( الشول ) كانت إمرأة مدبرة و ذات بصيرة . ميرغني وحيد الخالة (الشول) كان وسيما” انيقا” و كان موظفا” و عرفنا أنه قد أعفي من الكلية الحربية لأنه كان مناكفا” و لا يستحمل أن يتأمر عليه أحد . وكان يقول رأيه في أي و قت و لأي إنسان ، ويعرف كل الناس في السودان و كل و صغيرة و كبيبرة ، وليس هناك باب لا يفتح له ، و الويل لمن يشتبك معه . و الجميع يعمل له الف حساب . كان زميلا لأحمد الميرغني في مدرسة الأشراف . وله قصص لا تنتهي عن تلك الفترة فهو إبن الخليفة سوار الذهب . في سنة 1998 م و في جريدة الخرطوم في القاهرة ، كان مكتب رئيس التحرير( فضل الله محمد) مفتوحا لغير العادة ، فدخل مرغني ومكث طويلا ، ومن يجرؤ على عدم الإستماع لميرغني ، فأرسل الأستاذ فضل الله و رقة إلى الصحفي توفيق صالح شاويش رحمة الله عليه الذي أتى للقاهرة للإستشفاء ، وتوفيق من مشاهير أمدرمان بيت المال ، حتى يأتي لأخذ خمسين جنيها لكي يأخذ ميرغني ود الشول لجولة في القاهرة ، وكتب الأستاذ توفيق على نفس الورقة أن المبلغ المناسب لتلك المهمة هو مائة جنيه ، و لقد كان . و بينما ميرغني في حي الرياض في الخرطوم شاهد المحامي الشهير (ك.ر) يقف في حديقته ماسكا الخرطوش، فحياه ميرغني و ابدى رغبته في الشرب ، فقال له المحامي ( لقي إيديك !! ) فقال ميرغني (ألقي إيدي أنا ميرغني ود الشول يا نعتك و يا صفتك ، إنتي منفوخ كده زي جانزة البحر ! أنا حأندمك ) و بالسؤال عرف أنه في ورطة ، و المخارجة كانت ، عزومة كبيرة جمعت كل الناس و الأحباب . في التسعينات حضرت والدتي و شقيقاتي للقاهرة ، وتقابلنا وكانت بنت أختي في السادسة من عمرها و كانت شيطانة ، فحكت لي والدتها ان ميرغني ود الشول عندما أتى لزيارة والدتي في السودان، أتعبته الطفلة فقال لها (أمشي كده عاملة عيونك الزي قدود الجلد ديل ) وضحك الجميع لمعرفتهم الوثيقة بميرغني . بالرغم من أنه كان قبلها قد وعدها بأن يزوجها لأبنه . قديما كان لعمنا (. . . .) كتاب يسمى ( ثقلاء السودان ) وكانت هنالك نبذة عن كل ثقيل حسب رأيه ، و قد كتب عن أحد الزعماء السياسيين و أخيه البلة ، وقصة أخيه البلة تذكر عندما يحتاج إنسان لإضافة شخص آخر و صارت مثلا” . الحل أن يكسب الإنسان ود الكاتب والموضوع يجب أن يكون إعتذار ، و ترضية ، و عصرة في اليد ، وعزومة و بعض زجاجات معتقات بعد الحفل . و يشطب الإنسان من سفر الثقلاء . وبعد إزالة اسم السياسي ، طلب إزالة اسم أخيه و لكن الرد كان ( و الله لو جبت لي أسكتلندا كلها هني ، أخوك السغيل ده ما أشطبو ليك) . في أيام الديموقراطية الأخيرة إصطدم ميرغي بعربة في الخرطوم . و ميرغني كان يتوقع أن يكون الأمر كالعادة تطييب خاطر و تسوية ، إلا أن المسؤول الذي كان يجلس بجوار السائق و الذي كان سودانيا” متشددا” أصر على إقحام البوليس . ميرغني ود الشول أفهم المسؤول بأن له علاقات جيدة بالسفارة العراقية و تنظيم حزب البعث . و السيارة تتبع لهم ، إلا أن المسؤول قام بنهزرة ميرغني و أصر على إقحام البوليس . فقال له ميرغني (طيب أنا حأوريك ) . وقال( بس أنا من محل الحادث انا تووش في السفارة الإيرانية). ميرغني يقول بعد الحرس و المسؤولين النزلوا مندهشين ، كان الإستفهام عن سبب الزيارة. فقال ميرغني ( أنا جيت أرحب بيكم في السودان ، وفي سودانيين واقفين معاكم) وهذا في أيام الحرب العراقية الأيرانية . والسفارة العراقية كانت مقصد الناس و كان هناك المتطوعين ، والباحثين عن العمل، والمؤيدين ، والسفارة عبارة عن خلية نحل. و السفارة الإيرانية ما بجيها حتى سيد اللبن . وأتى ميرغني بمعارفه و أصدقائه و أنفتح الناس على السفارة الإيرانية . و حير هذا السفارة العراقية لأن الأهتمام بدأ فجأة . وعندما أراد الآخرون الأعتذار لميرغني لم يعرهم إهتماما ، وكان يقول ( أنا بلقى الإحترام و الإهتمام ، والناس بتبيت في صفوف البنزين . و أنا بملأ تنكي جوه السفارة الإيرانية ). هذه الأيام إيران تسرح و تمرح في السودان . و القنصل الإيراني يقدم محاضرات في الجامعات السودانية. و الأسطول الإيراني يشرف بورتسودان زي أي سيرة عرس في أبروف . والإنقاذ محتاجة لأي كشكشة للصرف على جيوش أمنها و المرتزقة . وشغالة مع ناس الخليج زي ميرغني ود الشول ، تدونا و لا نمشي لإيران ! ! . و لا يهمها أن إيران الآن بعد كوريا الشمالية أكثر بلدين مكروهين عالميا و السودان ثالثة الأثافي . التحية ع.س شوقي بدري [email protected]