هنالك عدة هويات متنازعة في السودان .اولهما “الاسلاموعروبية” وهي تلك التي تبنتها ومازالت تتبناها الحكومات التي تعاقبت علي حكم السودان .كما انها المسيطرة علي كافة مؤسسات الدولة .اما الثانية فهي “السودانوية” وهي التي تتبناها الحركات الثورية في اقليم دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق بجانب اجزاء خري من الشرق والشمال علاوة علي قوي اخري تمثلها بعض التنظيمات السياسية والمؤسسات المدنية.اما الثالثة فهي الافريقانية التي تؤكد بان السودان دولة افريقية. ويمكن لاهالي تلك الثقافات او الهويات ان تعيش في سلام وتساعد في بناء وطن سوداني اذا مااعترف كل منهم بالاخر .بيد ان اصرار معتنقي “الاسلاموعروبية” علي اعادة انتاج الاخرين داخل ثقافاتهم بل واختزال الوطن في ذواتهم ادي الي اندلاع الحروبات الاهلية بل ان الواقع قد يشير الي احتمالية انهيار مؤسسة الدولة. ورغم النتائج السالبة التي افرزتها فكرة احادية اللغة والثقافة بجانب تسببها في تفتيت النسيج الاجتماعي وتقسيم الناس حسب الاعراق والثقافات وتفضيل البعض علي الاخرين وحرمان اهالي الثقافات الاخري من حقوقهم السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية .رغم كل ذلك الا ان المتابع للاوضاع في السودان في الفترة الاخيرة يري مدي تعالي الاصوات التي تشدد علي ضرورة اسلمة وتعريب الدولة دون وضع الاعتبار للاضرار التي يمكن ان تلحق بالمكونات الاخري. وحينما اتفقت القوي الثورية المناهضة لنظام الجبهة علي ميثاق يدعو الي فصل الدين بين السياسة والاعتراف بحق المكونات الاخري في التعبير عن ثقافاتها ومعتقداتها استنكر البعض تلك الفكرة بل واعلن بصورة قاطعة بان السودان دولة عربية واسلامية في تعد صريح علي كافة القيم الانسانية ونكران واضح لفكرة ان السودان دولة متعددة الاعراق والثقافات. من حق هؤلاء ان يعبروا عن هوياتهم وثقافاتهم ولكن ليس من حقهم ان يعيدوا انتاج الاخرين داخلها .فمثلما ان الاسلاموعروبين يعتزون بثقافاتهم كذلك يعتقد الاخرون مثل ذلك وبالتالي لاتوجد ثقافة او هوية افضل من الاخري .وبما ان السودان دولة متعددة الاعراق فان الواجب يلزمنا بان نعترف بذلك ونسعي الي ادارة هذا التعدد والاختلاف بصورة جيدة يساعدنا في بناء سودان جديد . والاعتراف لايعني ان نعلن بان السودان بلد متعدد الاعراق والثقافات فقط وانما ان نسعي بكل ما اوتينا من قوة الي تطبيق ذلك الشعار علي ارض الواقع .اي بمعني اخر ان نمنح كل مجموعة ثقافية او دينية او جنسية حق التعبير عن ذاتها وممارسها شعائرها وطقوسها الدينية وتعلم لغاتها وان نمنحها حق ادارة شئونها السياسية والاقتصادية بما تراه متفقا مع توجهاتها مالم تتسبب في اضرار المكونات ااخري .ونلغي في ذات الوقت كلما يكرس للهيمنة الثقافية والعرقية والدينية .ورغم ان الطريق الي بناء وطن سوداني جديد شائك الا اننا حينما نفعل ذلك سنتمكن من بلوغ غايتنا.