كشف ناشطون في مجال الدفاع عن الحقوق المدنية في مصر عن انتشار حالات اعتقال الفتيان وتعذيبهم في السجون، حيث قالوا ان الشرطة وقوات الامن تتصرف كما كانت في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. ويقول تقرير في صحيفة ‘اندبندنت' ان مئات الفتيان اعمار بعضهم لا تتجاوز التاسعة احتجزوا في مراكز الامن بطريقة غير قانونية، وتعرضوا في بعض الحالات للتعذيب وذلك بعد اندلاع المظاهرات في الذكرى الثانية لانتفاضة عام 2011. ويتعامل المحامون والمدافعون عن حقوق الانسان مع هذه الحالات على انها صورة من تمترس الامن وقمع الدولة وعدم تغير اساليب الاعتقال والتحقيق عن النظام السابق، حيث تم اعتقال الاطفال في نفس السجون والمحتشدات التي كان الامن المركزي يستخدمها في اثناء دولة القمع السابقة. ويتحدث الناشطون عن ممارسات تعذيب تمارس من مثل الضرب والصعق بالعصي الكهربائية، والشبح، فيما اجبر اخرون على التعري امام المحققين، ورش عليهم الماء البارد. ويقدر محام عدد من القت الشرطة القبض عليهم بحوالي 400 شخص عدد كبير منهم من الاحداث، وذلك بعد اندلاع التظاهرات في 25 كانون الثاني (يناير) الماضي. وبعض من اعتقلوا نقلوا الى مركز الاعتقال سيء الذكر في معتقل ‘الجبل الاحمر' شرق القاهرة، وهو المعتقل الذي يرتبط اسمه بحقبة مبارك حيث كان ينقل اليه المعتقلون السياسيون، كما استخدم الامن معتقلات اخرى مثل ‘السلام' في ضواحي القاهرة. ويقول المحامون ان احتجاز المعتقلين بهذه الطريقة غير قانوني حسب القوانين المصرية. اساليب التعذيب ونقلت الصحيفة عن مسؤول في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قوله ان ما يجري الان يعتبر ‘موجة جديدة'، مضيفا ان مستوى انتهاك الفتيان على مستوى المؤسسة غير مسبوق. ويقول محمود بلال، المحامي الذي يعمل على حالات اعتقال للفتيان ان العديدين منهم تعرضوا للتعذيب المنظمة من قبل الشرطة. ويضيف ان بعضهم تعرض للضربات الكهربائية، فيما تعرض اخرون لاساليب الشبح وهي الاساليب المفضلة لرجال امن مبارك، الرئيس المخلوع. ويقول بلال ‘ تقريبا كل المعتقلين الذين اعرفهم تعرضوا للتعذيب بعد اعتقالهم في 25 يناير'، كما واجبر فتيان على ‘شرب حساء يثير الغثيان يحتوي على ملح مذاب بالماء'. ونقلت الصحيفة عن ناشط قضى شهرا في الاعتقال قوله انه شارك زنزانة مع 47 طفلا اعتقلتهم الشرطة. ويقول محمود المليجي البالغ من العمر 26 عاما ان معظم الاحداث ظهرت على اجسادهم اثار التعذيب. ويقول ان ولدا لا يتجاوز عمره 14 عاما جاء اليه وظهرت اثار الكدمات على عينه المتورمة بسبب ضرب الشرطة له. ويشير المليجي ان الصبي كان خائفا من زيادة ممارسات التعذيب حيث قال له ‘بعد خروجك سننتهي'. وبحسب المليجي فمعظم من اعتقلوا كانوا يسيرون في الشوارع لم يعتقلوا اثناء التظاهرات لان محاولة اعتقالهم خطرة. ويفسر المليجي سبب قمع الشرطة والاعتقالات انها محاولة لاظهار انهم لم ينهزموا امام المتظاهرين. ويلحظ ان التظاهرات في العامين الاخيرين انتجت جيلا من المتظاهرين لم يكن مكونا من مكونات الاحتجاجات حيث يتجرأ الاولاد والصبيان على تحدي الشرطة وهو امر لم يكن بارزا في عهد الرئيس المخلوع. ونقلت الصحيفة عن المحامية راجية عمران قولها ان ‘الثورة عززت موقع الكثير من الشباب'، حيث يشعرون بانه لهم دور في الثورة وعليهم المشاركة فيها حسب المحامية. ولكن ظاهرة الصبيان الذين يشاركون في التظاهرات، اضافة لاولاد الشوارع ادى الى زيادة عدد القاصرين في السجون. ويتهم نقاد النظام النائب العام طلعت ابراهيم عبدالله الذي يقولون انه يتحايل على الاجراءات القانونية من اجل ملاحقة معارضي الاخوان المسلمين. ويرى ناشطون ان مكتب النائب العام تسيس بشكل كبير ومن الواضح انه اصبح اداة بيد الحكومة. وفي نهاية تقرير الصحيفة اشارت الى قصة الصبي عمر صلاح عمران (12 عاما) الذي كان يبيع الحلوى على عربة قريبا من ميدان التحرير في يوم 3 فبراير، حيث طلب منه رجل شرطة خدمته، لكن مشادة اندلعت، وانتهت باطلاق النار على الولد حيث نقلت جثته الى المستشفى. وطلب رجال الامن الذين نقلوا الجثة عدم تسجيل وفاته على الرغم من طلب الاطباء اجراء تحقيق، ولم يعط والد عمر غير المتعلم تقريرا يشخص اسباب الوفاة. ويقال انه طلب منه التنازل عن حقوقه وتقبل ان اطلاق النار لم يكن مقصودا. تغيرت العلاقة وبقيت الممارسة وبنفس السياق اشار تقرير في صحيفة ‘فاينناشال تايمز' الى نفس الموضوع حيث قال ان تصرفات الشرطة لم تتغير على الرغم من شعور المواطنين المصريين بالجرأة لمواجهة قوات الامن، حيث منحتهم الثورة القوة على مواجهة الامن واستخدام العنف ضدهم في بعض الاحيان.كل هذا ادى الى لجوء الامن لاستخدام القوة المبالغ فيها والاعتقالات العشوائية وانتشار التعذيب. وامام اتهامات الناشطين ومنظمات حقوق الانسان، تدافع الشرطة عن نفسها ويقول مسؤولوها ان هناك جو جديد غير الجو السابق يقتضي قواعد جديدة للتعامل مع المواطنين وحمايتهم وممتلكاتهم وليس مجرد العمل على تطبيق القانون. وقالت الصحيفة في تقريرها المطول ان ناشطي حقوق الانسان جمعوا مئات الحالات ارتكبت فيها الشرطة انتهاكات وذلك منذ عامين من الثورة، مشيرة الى المخاوف التي تتنتاب الناشطين بسبب عجز الحكومة الحالية عن حل مشاكل الدولة المستعصية. وقد ادى غياب مشروع الاصلاح السريع الى خلق جو متفجر وخطير اكثر من السابق. وتنقل عن مسؤولين في المبادرة المصرية ان اساليب الشرطة لم تتغير لكن ما تغير هو علاقة الشعب بها، حيث يتصرف رجال الامن بقسوة اكثر من السابق في بعض الاحيان. فبعد ان طردهم المتظاهرون من الشوارع اثناء الثورة عاد رجال الامن للشوارع لفرض الامن وهو امررحب فيه الكثير من السكان، لخوفهم من المجرمين والبلطجية. لكن منظمات حقوق الانسان تقول ان الشرطة تعتقل اي شخص سواء كان ناشطا سياسيا ام بائعا متجولا، ويقومون باستخدام نفس الاساليب التي ادت الى الثورة. وعن طبيعة العلاقة المتغيرة تشير الصحيفة الى عدد من الحالات قامت بها عائلات معتقلين بمهاجمة الشرطة، وذكرت ان الامر تطور مرة في شبرا الخيمة الى مواجهة مسلحة بين عائلة سامح المحروس الذي اتهمت عائلته الشرطة بالقتل. وفي هذا الشأن يقول المسؤولون انه جرى استحداث لجنة مهمتها متابعة قضايا حقوق الانسان وترقيتها في كل وحدات الشرطة. ولكن الناشطين يقللون من اهمية هذه الاجراءات ويؤكدون ان شيئا ما لم يتغير بل ويذهب بعضهم لاتهام حكومة الرئيس محمد مرسي بعقد صفقة مع الشرطة واطلاق يد الاخيرة حفاظا على الامن في البلاد. توتر مع الجيش ويبدو ان حكومة محمد مرسي لا تتعرض الانتقاد من الناشطين او المعارضة بل واشار تقرير نشرته ‘واشنطن بوست' عن ما رأه كاتب التقرير نفاذ صبر من جهة المؤسسة العسكرية تجاه الرئيس الاسلامي وجماعته- اي الاخوان المسلمين، واشار التقرير الى الانتقادات المتواصلة من الجيش للقادة الاسلاميين واطلاق التهديدات المبطنة بانه قد يضطر للتدخل والسيطرة على الحكم. وبحسب التقرير ف ‘التوتر' بين المؤسسة العسكرية والرئاسة يحمل مخاطر تدخل جديد مثل عام 2011 عندما تدخل الجيش ووقف الى جانب المتظاهرين ضد نظام حسني مبارك. ويبدو ان المواجهة بين محمد مرسي والاخوان المسلمين من جهة والجماعات العلمانية والليبرالية المعارضة هي وراء التوتر ومخاوف الجيش خاصة ان الحرب بين المعسكرين تجري على خلفية انتشار الفوضى وتزايد الجريمة وتراجع الاقتصاد. ويرى باحث في الشؤون المصرية من ‘سينشري فاونديشين'، وهو مايكل حانا ان الجيش لن يسمح بتعرض الاستقرار الوطني او استقراره للخطر بسبب تفكك النسيج الاجتماعي او توسع الصراع المدني. ويضيف ان الجيش المصري ليس جيشا مؤدلجا او مؤسسة تسعي لزعزعة استقرار الحكم المدني ولكنه لن يقف متفرجا امام وصول البلاد الى نقطة اللاعودة بسبب الصراع المدني. ويبدو ان التقرير الصحافي هذا قائم على تصريحات عبدالفتاح السيسي قائد الجيش المصري الذي تحدث الشهر الماضي عن استعداد الجيش المصري للتدخل ومنع الانهيار حالة لم يتم التوصل لتسوية للازمة السياسية، وقد تكون تصريحاته ازعجت الرئيس مرسي. كما ازعجت تصريحات نقلت عنه انه لن يسمح للاخوان المسلمين بالسيطرة على الجيش مما دعا بالمتحدث باسم الجماعة لرفض الكلام وتأكيده انه كلام معاد وقديم، فالحركة لا تفكر بهذا. في اطار رصد التوتر بين الرئاسة والجيش، يشير التقرير الى شائعات عزل السيسي التي قد تكون بالون اختبار من الاخوان المسلمين لفحص رد الجيش. ومع ان الجيش لم يرد الا ان مصدرا في الجيش اعتبر ان مجرد التفكير بهذا هو بمثابة انتحار من الحكومة، مشيرا الى حالة من عدم الرضى الواسع على الحكومة. وقد ابعد الجيش نفسه عن هذه التصريحات لكن قيام مكتب مرسي باصدار بيان هو محاولة لتطمين الجيش والتعبير عن ثقة الحكومة بقيادة السيسي. ولم يفعل البيان الكثير للتخفيف من التوتر. ونقل التقرير عن جنرال متقاعد ان الجيش كان واضحا في ان اي محاولة لعزل السيسي سترتد سلبا على الحكومة، مشيرا الى الطرفين يلوم الاعلام بنشر الشائعات ويعبر عن حبه للاخر لكن ما يحدث في الحقيقة لا يشير الى علاقة وئام. فقد رفض الجيش مثلا فرض حظر التجوال على مدن القناة الثلاث بعد ان اعلن مرسي الطواريء فيها الشهر الماضي. يضاف الى ذلك تصريحات رئيس هيئة الاركان محمد صبحي المبطنة هذا الاسبوع والتي حذر فيها الاخوان، حيث قال ان الجيش مع انه لا يتدخل في السياسة لكنه سيكون في الشارع حالة احتاج الشعب اليه. ولم يفت التقرير الاشارة الى ان صبحي ارسل تصريحاته اثناء زيارته للامارات العربية المتحدة التي تتهم القاهرة حكومتها بالتدخل في الشؤون الداخلية لمصر. ويظل السؤال ان كان الجيش يرغب بالمخاطرة والتدخل خاصة ان هناك بعض المعلقين يرون في تدخله حلا للفوضى، التي يتهمون مرسي بالتسبب بها، ويرون ان الرئيس منذ توليه السلطة لم يكن قادرا على التقدم في حل المشاكب الاساسية الملحة مثل الامن، والاقتصاد. دولة داخل دولة ويبدو ان الحديث عن العلاقة المتوترة بين الجيش ومرسي ومحاولة الاخوان السيطرة على المؤسسة العسكرية مرتبط باتهامات اخرى للاخوان من انهم يقومون ببناء دولة داخل دولة، حيث لم يتخل الاخوان عن عقليتهم التي كانت في المعارضة، ويتهمون بادارة مؤسسات جمع معلومات والتجسس، وكذا بتشكيل ميليشيات لحماية الرئيس، كما يقول عاملون في الخارجية ان مرسي يعتمد بشكل كبير على من يثق بهم من الاخوان. ويقولون ان من يدير مصر ليس مرسي ولكن خيرت الشاطر الذي يقال انه يدير وحدات لجمع المعلومات اضافة لمرشد الجماعة محمد بديع عزت. ونقل تقرير لوكالة اسوسيتدبرس نشر في ‘تايم' الامريكية عن عضو سابق في الجماعة قوله ان هناك عدد من المراكز الصغيرة لجمع المعلومات منها واحد في المركز الرئيسي لها في القاهرة، مع انه لم يقدم معلومات وتفاصيل. من جانبهم يتهم قادة الاخوان المعارضة بنشر الشائعات ان بعض عناصرها يتحالف مع ‘الدولة العميقة' اي بقايا النظام السابق من اجل تشويه صورة الرئيس الاخوان. وينفي المتحدثون باسمها وجود وحدات تجسس واخرى عسكرية او غير عسكرية.