لا أعرف السبب الذي يجعل مجلس إدارة نادي الهلال يحتج على العقوبات التي فرضت على النادي من قبل إتحاد كرة القدم السوداني، الجهة الوحيدة المنظمة للعبة في البلاد، وهذه للذكرى فقط إن كان هنالك من ينكر هذه الحقيقة أو يشكك فيها، ومصدر إستغرابي لذهول الأهلة واستجابتهم لمجلس إدارتهم الذي يتظاهر بالمفاجأة أيضاً أن هذه العقوبات قد جاءت هذيلة للغاية، ولا تمثل الجرم الذي تكرر في أكثر من مرة، وليس في هذه العقوبات نظرة مستقبلية فيها تخوف من إنتشار ثقافة العنف المتبادل بين جمهور الناديين الكبيرين كبوابة لشيوع الفتنة الرياضية في البلاد التي لا تنقصها الفتن. الأصل في الموضوع أن جماهير نادي الهلال قد تورطت في عملية شغب، وكذلك فعلت جماهير نادي الأمل في مباراتي الفريقين أمام المريخ، وهذا العنف اللفظي والجسدي لم يكن هو الأول من نوعه حتى تأتي العقوبات مخففة، وندرك تماماً أنه لن يكون الأخير لأنها تواجه بمبررات وتحريضات من الإعلام والإداريين وقيادات المشجعين في سلوك نادر لا يحدث إلا عندنا هنا، حيث غياب القيم والمثل، وحيث أن جميع الرياضيين قد تعاطوا أفيون التعصب وما عاد فيهم رجلاً رشيداً يقدم النصح ويذكر الناس بأن الرياضة سلوك قويم أولاً قبل أن يكون تنافساً يفوز فيه أحدهم يخسر الآخر، لذلك كله إحتج أنصار الهلال والأمل على هذه العقوبات المنطقية وأظن أن بعضهم كان يتوقع أن يشحن لهم إتحاد الكرة ولجانه (بطاقات معايدة) أو باقات ورد تحفيزاً لهم على هذا التصرف الغريب.. فالغرامة بعشرة آلاف جنيه وأداء مباراة واحدة فقط بدون جمهور غير رادعة، ولا تسهم في تطويع السلوك الجماهيري نحو ما يفيد الفريق الذي تشجعه هذه الجماهير ونحو ما يسند اللعبة الحلوة كما يدعي الرياضيون في أشعارهم وشعاراتهم، فكل من إحتج ينظر إلى المسألة بعقلية تسيطر عليها الانانية المطلقة وهو يتطلع إلى أن تأتي هذه العقوبات في مصلحة فريقه دون الإنتباه إلى أن قضية شغب الملاعب والتصرفات المرفوضة في الأندية والملاعب تسير إلى ما يشبه الوباء، وأن الأوضاع لو استمرت إلى أبعد من ذلك فسيحل السلوك العدواني محل الروح الرياضية وبالتالي تفقد الرياضة معناها وتفرغ من المحتوى الذي ظلت تفخر به، وبذلك تكون قد خسرت آخر أمل لها يؤدي بها إلى نتائج جيدة. إذا ارتكبت جماهير المريخ ذات الأخطاء في مباراة القمة القادمة على ملعب الهلال، في الموسم القادم أو بعده، فإننا سنرفض ذلك وندينه ونشجبه بكل ما أوتينا من تعبيرات حتى لا يفاجئنا أحدهم بأننا ندافع عن المريخ بالباطل، ولنؤكد للجميع إنحيازنا للروح الرياضية وإلتزام الجميع بما يسهم في ترقية السلوك الحضري في ملاعبنا وليس العكس، فأن تقتلع مقعداً وتقذف به داخل الملعب هو السلوك الهمجي والبدائي الذي نرفضه جملة وتفصيلاً، وأن تسب العقيدة وأنت تشجع فريقاً، وتشتم لاعبيك بألفاظ نابية وتسهم في توترهم وخروجهم من أجواء المباراة، فإن في ذلك سلوك يضعك على قمة التخلف والعدوانية والهمجية، لأن المشجع الذي لا يضبط أعصابه ويشجع بإتزان لن يكون إيجابياً مع فريقه مطلقاً، وأن يقال لك مشجعاً متعصباً فليس في ذلك مدح يدعو للإفتخار وإنما هو ذم يدل على قبح النفس واللفظ.. وهذه دعوة مني لكل أنصار الفريقين أن ينبذوا هذه التصرفات، ويلتزموا بالتصرفات التي تضيف للاعبيهم وتلهمهم للعطاء والثبات في المباريات..! في إعتقادي أن العقوبات على الأمل والهلال جاءت ضعيفة لا تتناسب مع الجرم الذي تكرر مع سبق الإصرار، وقد تكون مجالس الإدارات مظلومة، لجهة أنها من يدفع هذه الغرامات، ولكن التصرفات الإيجابية والسلبية كلها منسوبة للنادي المذكور، تجني ثمارها أياً كانت، فبعض الاندية الأوربية قد اضطرت لدفع غرامات تعادل أضعاف أضعاف هذه الغرامة التي فرضت على هذين الناديين بسبب أربعه أو خمسة من الأنصار هتفوا أو بدرت منهم تصرفات غير لائقة، ولكن تلك الأندية تملك لوائح وعقوبات ضد مشجعيها المتفلتين أيضاً، ومؤخراً فرض الإتحاد الأوربي عقوبات على دول مثل أوكرانيا بسبب هتافات مشجعيها.. هتافات فقط..! حواشي إداريو الأندية الكبيرة مطلوب منهم دوراً تربوياً أكبر من الذي يقوم به البعض الآن، بتوجيه الجمهور بضرورة أن تلتزم بالتشجيع الحضاري وتحجم عن الإساءات، لأن من تبدر منه تصرفات مسيئة يجد من التصرفات مايناسبه. ولكننا في حيرة بالغة ونحن نرى أولئك الإداريين الذين نعتبرهم كباراً يتصرفون كما المشجع العادي.. يطلبون من بعض الجماهير أخذ الثأر.. هل يعقل هذا؟ حتى الزملاء الكتاب منهم من جنح إلى ذلك كدليل على أن هنالك من يحفز على الخروج عن الروح الرياضية.. وأخشى أن يأتي زمن نرى فيه الجماهير والمدرجات أكثر وعياً ورشداً من الصحف..! ولو كانت مقاعد استاد المريخ مليون مقعداً.. فإنها قابلة للتصليح والصيانة وإعادتها كما كانت وأفضل.. ولكن لو (خرب) سلوك الإنسان فإنها مصيبة..! بدأ العد التنازلي لجمعية المريخ العمومية، أو بالأحرى إنتخاباته التي ستحدد حجم طموحاته في السنوات القادمة..! كالعادة بدأ البعض يتحدث عن عدم نية الوالي للترشح في مقعد الرئاسة كما يحدث في كل مرة.. وبين الفينة والأخرى يظهر من يدعي أنه أقرب للرئيس من حبل وريده.. ومع ذلك سيأتي الوالي ويترشح في مقعد الرئيس..! أتوقع أن يقتحم بعض الأسماء التي نشطت في العضوية مؤخراً قائمة المجلس القادم.. ولأنهم إعتمدوا على عضوية مستجلبة من خارج كوكب المريخ فإنهم سيتسببوا مجدداً في إنهيار المجلس ومن ثم العودة للمربع الأول.. لتواضع قدراتهم ولعدم قبولهم لدى القاعدة الحقيقية للمريخ..! مسرحية كل مرة.. حفظناها عن ظهر قلب وسنوالي تسميع بعض فصولها لتروا بأنفسكم..!