زووم ابوعاقلة اماسا مباراة للتأريخ..! لو أن المريخ فاز على فريق بايرن ميونيخ الألماني في مباراة اليوم، فإن الأجيال ستتحدث عنها وتضعها من بين سفر الملاحم الوطنية الخالدة، ويدون بأحرف من نور أسماء كل اللاعبين الذي دافعوا عن ألوانه، وسيبقى ملعب الأمير حمد بنادي السد مزاراً ورمزاً تقصده أجيال المشجعين وأنصار نادي المريخ لقرون أخرى قادمة، ولو تعادل الفريق أمام العملاق البافاري أيضاً، فإننا سنحتفي بذلك الإنجاز وكأنه إنتصار يضاف إلى الإنتصارات التأريخية التي نفاخر بها، من مانديلاً إلى سيكافا ودبي وغيرها من البطولات المحمولة جواً، وإذا خسر المريخ أيضاً وبأي عدد من الأهداف ستبقى الذكرى العطرة باقية، وسيكون الحدث من حيث هو صالحاً لعشرات السنين القادمات، وسنخبر الأجيال بعدنا، أن المريخ بطل الدوري والكأس في موسم 2013 نازل الفريق البافاري وهو بطل ألمانيا وأوربا والعالم في نفس الموسم، وأن نجوماً مثل ريبيري وسفانيشتايقر ورفاقهما لعبوا أمام المريخ والأول كان ضمن القائمة النهائية التي ضمت أفضل نجوم كرة القدم في العالم. ذلك يعني أن المباراة بكل الحسابات مكسب كبير، ولكن.. هنالك فرق كبير بين المكسب من الناحية النظرية، والناحية الواقعية من حيث المفهوم، فإذا كان الهدف من هذه المباراة أن تكون بداية لمشروع كبير يهدف لبناء مريخ كبير وقوي، فإن المسألة تخرج من الصورة الذهنية التي رسمها إعلام النادي وطبعها في عقول مشجعيه ومريديه، وأقصد بمريخ قوي وكبير وعالمي أن يكون فريقاً ينافس دائماً مع الأربعة الكبار في دوري أبطال أفريقيا، وليس كبيراً بالمفهوم الذي تحتفي به أقلام النادي وبطريقة (إياك أعني ياجاره).. فعندما نقول أن هذا النادي كبير في مفاهيم كرة القدم، فذلك يعني أنه يضم أكبر عدد من الأنصار، مع قيادة واعية وتنظيم يعكس حضارة وعنفواناً في كل شيء، وقبل كل ذلك لا تتثائب نتائجه ولا تفتر عزيمته في صعود منصات التتويج في البطولات الكبيرة، والطريق الأوحد الذي يؤدي إلى ذلك لا يمر إلا عبر رؤية إدارية وقدرات تنظيمية كبيرة تضع الأمور في نصابها ولا تحتفي بمظاهر الأشياء على حساب جوهرها.. أما إذا كان الهدف من المباراة أن يتحدث العالم ووكالات الأنباء عن الرئيس الذي وضع فريقه أمام بطل العالم في مباراة ودية، وعن النادي الثري الذي يستطيع أن يفعل بقدراته المالية كل شيء، وأن يتحدث المحللون في الإستديوهات العالمية عن المريخ على أساس أنه ند للبايرن الألماني في هذه المباراة، ففي ذلك سذاجة ستضحك علينا العالم وتثير فينا سخرية الرياضيين، فلا أحد في هذا العالم لا يعرف أن كرة القدم في السودان بحاجة إلى عمل قاعدي يسبقه التخطيط الواقعي وترتيب الكثير من الأمور المتعلقة بالمفاهيم وبعض السلوك الإداري الذي ما زلت أعتقد أنه السبب الأساسي في تخلف كرة القدم عندنا.. لذلك كان يجب أن نجيب على الأسئلة المطروحة: متى ننفق المال؟.. وماهي الأولويات في ظل الظروف الحالية التي تمر بها البلاد والرياضة بصفة عامة وكرة القدم بصفة أخص؟ ستنتهي هذه المباراة، ولا أتوقع أن يخسر المريخ بعشرين هدفاً أو أكثر كما يحاول البعض ممن أسرفوا في التقليل من شأن نجوم المريخ، ولكن بغض النظر عن نتيجتها يجب أن نخرج منها بالكثير من العبر والعظات التي ترفعنا درجات في سبيل البحث عن أدوار حقيقية في خارطة التنافس على الألقاب الأفريقية.. والأهم فيما بعد، أن القارة الأفريقية وبمن فيها منافسي المريخ في دوري الأبطال، سيتعاملون مع الفريق على أساس أنه النادي الذي لعب أمام بطل العالم في مرحلة الإعداد.. ولا يشاركه في ذلك إلا الرجاء البيضاوي المغربي.. وقد يكون ذلك هو السبب الأساسي في خروجنا من هذه البطولة المهمة ما لم نتحسب لذلك ونكون على قدر التحدي.