عماد الدين عمر الحسن الساده النواب.. وقانون الرفق بالساده الدواب.. قبل أيام قليله طالعت خبرا غايه في الغرابه يتحدث عن مناقشات بالبرلمان لاجازه قانون ينظم رفاه الحيوان ، نعم ..هكذا ، وقد كنت اعتقد ان بالأمر خطأ مطبعيا وأن المقصود رفات الحيوان ، أي بقاياه بعد موته ، والاستفاده اوالاقتداء بالغراب الذي دفن غرابا اخر يعلم بذلك ابن ادم الاول كيف يمكنه أن يتخلص من جثمان من يقتل ، أو قل من يموت ، قبل ان أجد من يصحح لي فهمي بأن المقصود إنما هو رفاهيه الحيوان ، ثم عدت لأتأكد الخبر فوجدته يخبر عن أن البرلمان السوداني يجيز قانونا ينظم رفاهيه الحيوان ، عفوا..هل قلت السوداني ؟ ، نعم هو البرلمان السوداني وليس ثمه خطأ في الموضوع ، ولم يحدث هذا في اوروبا أو امريكا . بربكم ، هل هناك استفزازا لمشاعر الشعب اكثر من هذا ،هل هناك استخفافا بالعقول واستحقارا للأحاسيس أكبر مما تقرئون الان ، يتحدثون في البرلمان عن عدم تحميل الحيوانات لاكثر من طاقتها وعدم تحميل عربات الكارو حملا زائدا يجلب المشقه للحمير والخيول التي تجرها وذلك حرصا علي الحيوانات دون البشر من أبناء هذا الشعب الذي يتنفس المشقه ويعيشها في كل تفاصيل يومه بدءا من مطاردته لوسيله تنقله الي مقر عمله مرورا بمعاناته في الحصول علي ثمن هذا النقل ثم ثمن وجبته في مكان العمل وتفكيره في رحله العوده ، وليس نهايه متاعبه بالتاكيد وصوله الي منزله حيث تنتظره هناك الكثير من الأعباء لتثقل كاهله أكثر مما يثقل كاهل الحمار الذي يجر العربه المملوءه بالبضائع الثقيله . وأكثر من هذا ، يطلب احد الساده النواب أن يتم الكشف الطبي علي الحيوانات هذه بشكل دوري حرصا علي سلامتها ، وللتأكد من أنها قادره علي تحمل الأعباء وجر الحموله التي توضع عليها ، في بلد يعاني أغلب من عليه من الناس – وليس الحيوانات – من التردي الصحي وعدم استطاعه العلاج من الامراض التي تداهمهم فضلا عن اجراء كشف دوري وقائي مثل الذي يقترحه العبقري ( طويل العمر ) من النواب . نقول..مناقشه البرلمان لامور مثل هذه واجازاتها لهكذا قوانين تظهر بوضوح تام انعزال الساده النواب الكامل عن عامه الشعب ومعاناته ، فهم لايرون في اهتماماتهم هذه أمرا غريبا ، لأنهم لايشعرون بالشعب ، و يعتقدون أن كل الشعب يعيش نفس الترف الذي يعيشونه ،وذات النعيم الذي يتمرغون فيه ، وأنهم قد أشبعوا كل احتياجاتهم من الاساسيات والكماليات ولم يبق لهم غير الاهتمام بالحيوانات .كما تظهر من ناحيه أخري حجم الفراغ الذي يعيشونه ويعانون منه ،فانما هو برلمان التمرير والتبرير ،فمتي ما مرروا كل شئ ، ثم برروا لكل شئ ناموا ، ومتي استيقظو ولم يجدوا ما يفعلونه طفقوا يحدثوننا عن حقوق الحمير ، فلتمرح المهازل كثيرا لانها لن تجد أبدا مثل هذا الزمان لتمرح فيه . ونقول للذين يستعدون الان ويتحفزون للرد بأن الاسلام أوصي كثيرا بالرفق بالحيوان ، وفي بالهم حديث المرأه التي دخلت النار في هره ، والرجل الذي سقي كلبا من البئر ، وأن في كل كبد رطبه أجر ، نقول لهم أن الاسلام حث علي ذلك كله بعد أن أكمل توضيح كل الحقوق المتعلقه بالناس تجاه بعضهم البعض ، إكرامهم ، وحرمه دمائهم وأموالهم ، وتوقير كبيرهم ، ورحمه صغيرهم ، وحقهم في العدل والمساواه بينهم ، ومعامله شريفهم بمثل ما يعامل ضعيفهم ، فهل وجد كل ذلك اهتمام الساده النواب أم تخطوه ليحفظوا للحمير حقوقها ثم ينظرو بعد ذلك في أمر البشر ، أو قد لايفعلون . عفوا الاخوه النواب ، فهذه الحمير التي تتحدثون عن تقدير ظروفها ، وحرمه أو كراهيه ايذائها بالتثقيل علي كواهلها ، ربما كان البعض من ابناء الشعب ينتظر موتها ليجعل لحمها ضمن بعض وجباته إذ لا يستطيع ثمن لحمها وهي حيه ناهيك عن ثمن لحم طيب مما يشتهي . ان المسافه جد بعيده بين عامه الشعب ونوابه في البرلمان ، وأعتزر بشده عن كلمه نوابه هذه فلا اعتقد أنهم ينوبون عنه بحال ، ولايمثلون احلامه ومستقبل رؤاه ،فكيف لمن يمتلك الاساطيل والشركات والارصده في البنوك أن يشعر بمعاناه من يموت طفله بين يديه لأنه لا يملك للعلاج ثمنا ، كيف لمن تسرق من خزائن بيته المليارات والقناطير المقنطره من الذهب والفضه أن يشعر بمأساه من يسحبون أبنائهم من المؤسسات التعليميه علي الرغم من تفوقهم لعدم مقدرتهم علي الايفاء بمستلزماتهم ومصروفات دراستهم ، كيف لمن يقيم وليمه باحدي مزارعه تكلف أموالا تكفي لمعيشه العشرات من الاسر التي تكمل وجباتها نوما أن يحس بجوع الاخرين ، كيف يمكن أن يعرف أحوال الناس من لم يكلف نفسه يوما واحدا للنزول الي الناس والمرور عليهم خفيه لتفقد أحوالهم ، هم فقط يزورون بعضهم بعضا فيجد كل واحد منهم الاخر في نفس حالته او افضل قليلا فيعتقدون ان تلك هي الحاله التي عليها العامه ، وانهم لمخطئون .. والغريب فعلا أن هؤلاء النواب الذين يتحدثون عن حقوق الحيوان في ان يعيش سعيدا غير متعب ، وغير مثقل الكاهل ، ويناقشون في البرلمان قانونا يخفف عنه ، هم نفس النواب الذين أجازوا قبل وقت ليس بطويل قانونا يرفع الدعم عن السلع الاساسيه التي يحتاجها العامه من ابناء الشعب قافزا بالاسعار الي حيث لايطيقون ، ومكلفهم أكثر مما يتحملون ، فهل يهتم الساده النواب بأمر الساده الدواب أكثر مما يهتمون بالساده البشر من أبناء الشعب.؟ الله المستعان واليه المشتكي..