كلمة عماد الدين عمر الحسن نيلين .. وحلمك هنا أن تعاني مدينة كالخرطوم من العطش وشح المياه وهي ترقد بين مجري نهرين يشكل إتحادهما في حضنها واحداً من أطول الأنهار في العالم فهو أمر جد غريب وغير مقبول ، خصوصاً وهي تمثل عاصمة البلد الذي يشقه الماء العذب من أقصي جنوبه القديم الي أطراف شماله المتقادم . وأن تحاول الحكومة حل مشكلة المياه القديمة المتجددة هذه بعزل المسئول الأول في هيئة توفير المياه لسبب فشله في معالجة المشكلة ثم تعيين من كان قبله والذي تم عزله من قبل لنفس السبب فهو أمر أغرب من سابقه . وأن يستنكر البعض عزل المدير بزعم أن قرارا بهذا الشكل يقلص المشكلة ويختزلها في شخص هذا المعزول دون النظر الي باقي المشاكل فهو أمر أشد غرابة من كل ما سبق ، فمعلوم ومن الضرورة أن هناك عواملا كثيرة تراكمت وتضافرت فيما بينها ثم أدت الي شح المياه وانقطاعها لفترات طويلة عن أحياء كثيرة بمدينة الخرطوم وما حولها ، وأنَ هذه العوامل من بينها قدم الشبكة وحوجتها الدائمه للمتابعة والصيانة ، والتمدد الجغرافي الكبير الذي أوجب التوسع والتمديد الموازي لذلك ومشكلات اخري كثيرة من أنواع مختلفة كما عدّد ذلك بعض المسئولون بالهيئة وذكروا من بينها ضعف أمكانيات الهيئة المادية بسبب ضعف الموارد لانخفاض قيمة الرسوم التي يدفعها المستهلك مقارنة بارتفاع تكلفه التشغيل . نقول : هي مشاكل طبيعية واعتيادية يمكن أن تتوفر في أي مرفق خدمي أو انتاجي ، حكومي كان أو خاص ، غير أن المحك الحقيقي والفيصل يكمن في قدرة الادارة علي التغلب علي المشاكل والمعيقات من هذا النوع للوصول الي أفضل النتائج الممكنة باستخدام أقل الوسائل والموارد المتاحة وأقل تكلفة ممكنة ، وهذا هو المعيار الحقيقي لقياس نجاح المدير والادارة ، فماذا كان دورك ياسيدي المدير السابق المعزول وسيدي المدير الأسبق منه والذي عاد أدراجه من جديد وحط سالماً في قواعده التي أقلع منها من قبل ربما ليواصل ما انقطع من فشل سابق في ذات الملف ، وقياسا علي القول المعروف أن المجرَب لا يجرب ،فلم يكن منطقيا علي الاطلاق أن يعاد المدير الأسبق الي الخدمه ما لم تكن هناك موازين وقواعد اخري تتم الاقاله والتعيين بموجبها وليس من ضمن هذه الموازين الكفاءه ولا النجاح والفشل بطبيعه الحال . نعرف تماما أن المدير الجديد القديم لن يأتي وعصا موسي في يده ليضرب بها البحر فينفلق ويجري متدفقا الي المنازل عبر شبكات المياه المهترئة والمتهالكة تدفعه الطلمبات القديمة التي تتوقف فجأة وتخرج من الخدمة علي حد وصف مسئولين بالهيئة ، ونعرف أن ثمة تدابير وإصلاحات لابد أن تتم عبر خطط وبرامج مدروسة وقد يأخذ ذلك بعض الوقت دون شك ، لذلك فقد نتحمل المزيد من الاعباء الاضافية بشراء المياه من مصادر اخري ، وقد نتحمل المزيد من الصبر والمعاناة علي شح المياه كذلك ، ولكن الذي لا يمكن أن يتحمله المواطن هو مده بمياه قليلة المعالجة ، أو بدونها ، وهي لا علاقه لها لا من حيث الشكل ولا اللون ولا الطعم بالتعريف البديهي القديم للماء والذي تعلمناه صغارا من أنه سائل شفاف لا لون له ولا طعم ولا رائحة ، ولا نعلم مدي صحييته ولاصلاحيته للاستخدام الادمي ، وكأنما المقصد هو جريان الماء وتوفره علي أي هيئة يكون دون النظر الي صحة المواطن ، فالمهم أن يعرف الناس أن فلانا قد أعاد الماء بعد ان أعاده من أعاده . أما الحديث عن شح امكانيات الهيئة وارتفاع تكلفة التشغيل مقارنة بالرسوم القليلة التي يدفعها المستهلك نظير الحصول علي المياه – علي حد قول الهيئة ، فهو حديث واضح النوايا والمقاصد ويفهم منه دون كثير اجتهاد أنه مقدمات للمطالبة برفع تعرفة المياه وأن علي المواطن المسكين أن يوطن نفسه ويهيأها من الان لمقابلة بند جديد يضاف الي بنود مصروفاته الشهرية الثابتة . غير أن زياده التعرفة ليس هو أقصي ما يخافه المواطن ، بل أخوف ما يخافه – إن صح القول – هو أن يتم التصديق علي تعديل التعرفة وزيادة السعر ثم يستمر الحال علي ماهو عليه ، ونستطيع أن نجد كامل العذر للمتخوفين هؤلاء من مثل هذه الحاله قياسا علي ما تم في الكهرباء ، حيث ارتفع السعر ، بل وأصبح يدفع مقدما كذلك ورغم هذا لم ينعم المواطن بخدمه مستقرة ومتواصلة ، لم يتكرم أحد المسئولين بمسائله مدير الكهرباء ناهيك عن اقالته من منصبه . [email protected]