عبدالعزيز المازري إضاعة الفرص... ودرس الإرهاق والبدائل بين المنتخب والهلال: درس مجاني... صقور تعاني، والهلال إعداد وبديل مثالي خسر منتخبنا أمام مدغشقر بعد مباراة ماراتونية امتدت للأشواط الإضافية، مباراة سكب فيها لاعبونا العرق، وقاتلوا رغم الإرهاق وقلة الراحة، ليصلوا بمحطة نصف النهائي في بطولة لم نحسن الإعداد لها، وبخيارات محدودة ووجوه شابة دفعت ثمن موسم طويل ومرهق. نعم، لم تكن تلك مبررات، لكنها حقائق على الأرض. صقور الجديان أفرحونا كثيرًا، وأسعدونا في مشوار البطولة، وكانوا على بعد خطوة من النهائي. هاردلك لهم، والقادم أجمل بإذن الله إذا استثمرنا الدرس الكبير. منتخبنا لم يستفد من النقص العددي لمدغشقر منذ الشوط الثاني، ولم يحسن استغلال الزيادة العددية بعد حالة الطرد. ضاعت الفرص تباعًا، وكان يمكن أن نحسم المواجهة في الوقت الأصلي. لكن محدودية البدائل، والخيارات العشوائية، جعلت المدرب يضطر لإشراك لاعب مثل أرنق في الوسط، في إشارة واضحة إلى ضيق المساحة الفنية. إصابة صلاح عادل، وإرهاق بوغبا، غياب البديل المناسب... كلها عوامل جعلت المنتخب يعاني. بينما اعتمد المنافس على المرتدات القليلة، ونجح من خلالها في التسجيل، كاشفًا هشاشتنا في لحظات الحسم. الأداء كان رائعًا، الروح عالية، لكن الخطأ الاستراتيجي ظل واحدًا: غياب الإعداد السليم. الاتحاد العام مطالب أن يستوعب هذا الدرس، وأن يهيئ الأجواء بعيدًا عن المجاملات في الاختيارات، وأن يبدأ العمل مبكرًا من الآن استعدادًا لتصفيات كأس العالم والمشاركة في أمم أفريقيا المقبلة. ولعل ما حدث للمنتخب أيضًا يوضح أن مباريات البطولات تحتاج إلى نفس عالٍ، وإعداد سليم، وبدائل لا تقل نجاعة عن التشكيلة الأساسية. وهنا أحسب أن الهلال هو الفريق الذي فطن مبكرًا لهذه الحقيقة، فجاءت تسجيلاته الأخيرة لتؤكد أن المجلس كسب الرهان، وأن القادم يمكن أن يكون امتدادًا لما ظل يقدمه الأزرق في منافسات الأبطال. اليوم، الهلال يمتلك في كل خانة بديلًا لا يقل مستوى عن الأساسي، ويملك جهازًا فنيًا على أعلى مستوى. الهلال يؤدي اليوم أولى مبارياته الإعدادية، والتي يمكن للجهاز الفني أن يقف من خلالها على مستويات اللاعبين، ويعرض فكره على أرض الملعب، ومن هناك نتعرف أكثر على بصمة المدرب رجاكمب وقدرته على استثمار التعدد الكبير في الخيارات. الفرقة الهلالية أصبحت تملك فريقين قادرين على تقديم مستوى جيد، ومعسكرها بتنزانيا، واختيار زنجبار ملعبًا، يمنح اللاعبين دافعًا قويًا، خاصة مع وجود منافسات قارية في نفس البلد. وهنا ينبغي أن يقف الجميع دعمًا للهلال، فالقادم يتطلب جهدًا وفيرًا، وتوفير المعلومات والنهج المؤسسي من مجلس الإدارة لتفادي سلبيات المشاركات السابقة. أما الحارس **أبوجا**، فقد كان تسجيله إلى المريخ منطقيًا جدًا، فالهلال ليس في حاجة إليه مع توفر أربعة حراس من الطراز الأول، وبالتالي فرصته محدودة داخل الفريق الأزرق. ولو كنت مكانه، لاخترت الانتقال فورًا إلى المريخ لأجد فرصتي وأثبت إمكاناتي، بدل أن يظل راكدًا في الهلال بلا استفادة، مع العلم أن مثل هذا اللاعب يمكن أن يستفيد منه المنتخب كثيرًا إذا توافرت له المشاركة الفعلية في المباريات. وفي المقابل، يثير التساؤل كيف لفريق **الزمالة** – ممثل السودان في الكونفدرالية – أن يستغني عن حارسه الأساسي ثم يبحث عن بدائل أخرى، بينما استفاد من إعارة **ثلاثي الهلال** بشكل كبير، ما يظهر نظرة المدرب خالد جوليت الثاقبة تجاه اللاعبين وإمكاناتهم. الهلال اليوم ليس في حاجة إلى الكثير من الإضافات، لكن علينا أن نعترف بوضوح: رأس الحربة الصريح هو الحلقة المفقودة. الإصابات التي ضربت الغربال، وعدم جاهزية المهاجم النيجيري القادم، تجعلنا نحتاج إلى محطة هجومية بمعنى الكلمة، تستثمر قوة الأجنحة والوسط التي وفرها المجلس. هذه ليست تقليلًا من جهد العليقي ودائرة الكرة، بل هي همسة صريحة، سنظل نكررها حتى نرى المهاجم الذي يصنع الفارق في أول صدام قاري. **كلمات حرة** * شكرًا صقور الجديان على الروح القتالية. * المطلوب إعداد مبكر لا ردود أفعال متأخرة. * لا بد من إنهاء سياسة "البدائل المفقودة" التي عانينا منها أمس. * الهلال على الطريق الصحيح، لكن رأس الحربة ضرورة لا خيار. * المنتخب علّمنا أن البديل هو سر البطولات. * العمل المؤسسي لا يقل أهمية عن التسجيلات. * أبوجا مثال على اللاعب الذي يحتاج إلى فرصة حقيقية ليخدم نفسه والمنتخب.