*هذا اسم كتاب لأستاذ الفلسفة عاطف العراقي.. *وزكي نجيب محمود كان متخصصاً في الفلسفة.. وفي نقد العقل العروبي.. *وآخرون كثرٌ – من دارسي الفلسفة – انتقدوا عقلية العرب.. *وخلاصة النقد هذا أنه عقلٌ بدائي، تخالطه عاطفة القلب.. وتأثيرات الخرافة.. *أما نقد بعض فلاسفة الغرب لعقل العرب فقد جاء مغايراً.. *مغايراً في توصيف العلة.. لا خلاصاتها، وفيه مسحة من شاعرية الفلسفة.. *قالوا إنه عقل جنت عليه شمولية الصحاري.. واتساعها.. *فهو-من ثم- بات شمولياً مثلها.. ومتسعاً.. ومتمدداً.. ولا متناهياً، ترهقه التفاصيل.. *والتفاصيل هذه إنما هي أساس العلم التطبيقي.. *ولذلك فالعقلية العربية تُبدع شعراً.. ونثراً.. وكلاماً.. وثرثرة.. وكل ما فيه إسهاب.. *ولكنها تتقاصر عن مقومات الحضارة العلمية المعاصرة.. *وغالب الذين أسهموا في حضارة العرب القديمة-أو الوسيطة- لم يكونوا عرباً.. *وإنما كانوا عجماً، بينما اكتفى العرب بخصائص الصحراء.. *وننتقل الآن من هذا التجريد والتعميم.. إلى التبسيط والتخصيص، إلى عقلية السوداني.. *أنا.. وأنت.. وهو.. وهي، بكل خليطها متعدد الأعراق.. *ولنبدأ بمعطى رياضي-كروي- حدث ليلة الأول من أمس.. وأحزن الكثيرين.. *وأعني مباراة المريخ وشبيبة القبائل الجزائري.. *فعقلية اللاعب السوداني من عقلية بني جنسه، الحماس.. التهور.. ثم التراجع.. *تراجع اللحظات الأخيرة، قبيل بلوغ النهايات.. *وهذا أحد – لا كل – عيوب العقلية السودانية التي تستحق نقداً بهدف الإصلاح.. *وبعض من كانوا معي في البيت سمعتهم يصيحون فرحاً.. *وكنت قد جمدت انتمائي الأحمر بسبب نمر.. فالعقلية هذه تتجلى فيه بأسوأ صورها.. *فلما سألتهم عن دافع الفرح هذا قالوا إن المريخ منتصر.. *بل وأحرز من الأهداف ثلاثة.. ولم يتبق من زمن اللقاء سوى الإضافي فقط.. *فقلت لهم : لا تتعجلوا الفرح.. سيما مع وجود صلاح نمر.. *فجانب من عقليتنا التي نتحدث عنها فقدان الإحساس بأهمية اللحظات الأخيرة.. *وهي متوافرة لدى نمر هذا بأكثر مما عند غيره.. *وبالفعل، أحرز الخصم هدفين في الزمن الإضافي هذا.. تسبب في أحدهما نمر.. *والنمور – وما دونها – موجودة بكثرة في مناحي حياتنا كافة.. *بل حتى في الثورات الشعبية-مثل ثورتنا هذه- تجدهم متوافرين.. و مُجهضين.. *ويتسببون في إحراز أهداف قاتلة في مرمى ثوراتنا هذه.. *ودائماً ما تكون في اللحظات الأخيرة.. حين يظن الجميع أن الأمر قد حُسم.. *ولهذا نُكثر من نقد ثورتنا الراهنة، إشفاقاً عليها.. *ولكن عقليتنا – والتي يستهويها الشمول المنبسط.. والبسيط-تنتقد نقدنا هذا.. *ما دامت بلا (نقد) !!.