المستفيد الأول من رفع الدعم المواطن (البسيط) ، بينما ظهر (الأغنياء) بأنهم الخاسرون من رفع الدعم، وذلك بحسب رأي عدد من المختصين، موضحين بأن الضرر المباشر يلحق المواطن أو المستهلك، في المدى القصير، ولكن في الأجل البعيد سيستفيد المواطن من رفع الدعم ومعه الدولة والموازنة، وأكد البعض بأن رفع الدعم يجعل أكثر من 70٪ من المواطنين يستفيدون، ولكن (للأسف هم لايدرون ذلك)، إلا أن المحك الرئيسي للدولة، هو توفير السلع والمحروقات والخدمات للمواطنين ، ودعا البعض لتوضيح حقيقة الدعم، كما دفع الحاضن السياسي قوى الحرية والتغيير ( لفكفكة هذه الكلمة) مشدداً على (استمرار الدولة في دعم السلع) محذراً من (الرضوخ للوصفات الجاهزة). واعتبر الخبير الاقتصادي، بروفسير محمد خير حسن، أن المستفيد الأول من رفع الدعم البلد عموماً، تليها الشرائح الضعيفة في المدى البعيد، وذكر (أنا شخصياً مع رفع الدعم) وقال ل(السوداني) إن دعم السلع يثقل كاهل الموازنة، ولايمكن الإدارة الاقتصادية من توجيه موارد البلاد نحو التنمية، ومحاربة تهريب السلع المدعومة للخارج ، مبيناً أن إزالة الدعم تساعد على توفير موارد للموازنة، كما تحسن من أدائها بجانب القطاعات الاقتصادية الأخرى ، وأضاف: رفع الدعم في المدى القصير يشعل الأسعار ويؤثر على الشرائح الضعيفة، إلى حين تحقيق وفورات وفوائض تنعكس ايجاباً على مستوى زيادة حركتي الصادر والوارد ، وتنشيط قطاعات الإنتاج وصولاً لمرحلة حدوث انخفاض عام للأسعار.
ولفت حسن، إلى أن الخاسر الأكبر من رفع الدعم هم ( شريحة الأغنياء) ، التي كانت مستفيدة من الدعم المتاح للكل، مشيراً إلى أن رفع الدعم (يخفف العبء على الموازنة) ويحقق النتائج للمدى البعيد. ويرى الخبير الاقتصادي بروفسير ابراهيم اونور ، بأن المواطن أو المستهلك هو الخاسر الأول، يلحق به ضرر رفع الدعم مباشرة، وقال ل(السوداني) إن (حكاية رفع الدعم تحتاج لوضوح)، وزاد بأن الفترة الماضية شهدت الحديث عن رفع دعم المحروقات، بينما نجد بأن السعر العالمي لها منخفض، مايعني بأن المقصود هو (سعر الصرف)، داعياً الحكومة لعدم الربط بين رفع الدعم وسعر الصرف، موضحاً بأن سعر الصرف يرتبط بعوامل حقيقية وأخرى غير حقيقية، متسائلاً هل رفع الدعم سيحقق إيرادات للدولة، مؤكداً بأن معظم دول العالم، لديها مسؤولية تجاه مواطنيها، فيما يخص السلع الاستراتيحية، مشيراً إلى أن الدولة لايمكن أن تكون مثل(التاجر تربح وتخسر).
وأوضح الخبير الاقتصادي بروفيسور عبدالعظيم المهل، بأن المستفيد من رفع الدعم كل السودانيين الذين لايملكون سيارات، ونسبتهم تتجاوز 90 ٪ من المواطنين، بينما يتضرر مالكي (الفارهات)، وقال ل(السوداني) إن تحويل موارد رفع الدعم إلى شكل خدمات وصحة وتعليم ، يجعل أكثر من 70٪ من المواطنين يستفيدون، ولكن (للأسف هم لايدرون ذلك)، وينظرون فقط إلى الأسعار وتعرفة المواصلات ، وفي حالة معالجة مشكلات المواصلات والترحيل، ستكون الفائدة أكبر، ومضى يقول، إن المستفيدة أيضاً وزارات الصحة والتعليم والخدمات الأخرى بتوفير مخصصات لها ، وأيضاً وضع الإيرادات القومية وقطاعات الإنتاج، مشدداً على ضرورة توفير السلع والمحروقات للمواطنين عند رفع الدعم، وأضاف : رفع الدعم يجعل الحكومة (في وضع مريح) لسببين، توفر ايرادات لتنفيذ المشاريع والبرامج ، ثم لديها فرصة تلقي تمويل خارجي، من البنك الدولي أو صندوق النقد، والمؤسسات التمويلية الدولية والإقليمية الأخرى.
وأكد المهل، بأنه في حالة استغلال إيرادات رفع الدعم لصالح المواطن عموماً ودعم الإنتاج والإنتاجية، سيكون المتضررون (أصحاب السيارات الفارهة)، مشدداً على أهمية ( النظر بموازنة) إلى قطاعات الشحن والنقل والصناعة ومدخلات الإنتاج، لأن إضافة أي أعباء على هذه القطاعات ، تنعكس سلباً على أسعار السلع والخدمات، ويلحق ضررها مباشرة المواطن، وهنا لا بد من ( دعم مباشر للفئات المتأثرة) وأشار المهل، إلى أن خلاصة رفع الدعم ستظهر بأن الريف سوف يستفيد أكثر من المدن ، والفقراء من الأغنياء.
ومن الحاضنة السياسية، قال عضو اللجنة الاقتصادية بقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله، ل(السوداني) إن الدولة (لن تخسر) عندما تقوم بالوظيفة الاجتماعية والاقتصادية الخاصة بها تجاه الشعب من خلال قيامها بتوفير السلع الأساسية والخدمات الضرورية ،وباتجاه تحقيق مهام مرحلة ما بعد الاستقلال السياسي، وزاد هذا الدور يجعل الدولة رائدة (كلاعب أساسي) في تقديم وإدارة العملية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال القطاع العام وشركات المساهمة العامة، والشركات المختلطة، وذلك من أجل تخفيف حدة التطور غير المتوازن اقتصادياً واجتماعياً، وخفض نسبتي البطالة والفقر، وذكر (لايوجد قطاع في البلاد يستطيع القيام بهذه الوظيفة إلا الدولة) بتوفير السلع الأساسية والخدمات الضرورية، وهو ما يدفع بتوجيه مقدرات القطاع الخاص ليتجاوز دور الوسيط والسمسار إلى الفاعل في أنشطة الاقتصاد الحقيقية، ووفق خارطة الصناع والاستثمار وأضاف خلف الله: حالياً الدولة تعزز من أسعار أربع سلع أساسية (القمح، المحروقات، الكهرباء، الدواء)، واعتبره من (صميم واجبها) وأي تقصير منها في القيام بهذا الواجب ( يعنى عدم استيعاب دورها المفروض) بعد الاستقلال السياسي بمعنى تقويم هيكلة الاقتصاد وتحقيق التنمية الشاملة.
ونوه خلف الله، إلى أن الجدل حول رفع الدعم (دفعنا لفكفكة هذه الكلمة) وتابع ( نحن مع استمرار الدولة في دعم السلع الأربع) و التوسع في دعم السلع والخدمات لاحقاً ، عبر وظيفتها الاجتماعية والاقتصادية . وفي مقابل ذلك أكد خلف الله، بأن وصفة صندوق النقد الدولي التقليدية تهدف إلى إلغاء الوظيفة الاجتماعية للدولة، بتحرير أسعار القمح والمحروقات والكهرباء والغاز والدواء إضافة إلى تحرير سعر العملة الوطنية، وتصفية القطاع العام وذكر بأنه في حالة الاستجابة للممولين الدوليين ب(رفع الدعم) يعد السير في نفس تجاه النظام السابق، والذى أدى لحدوث الثورة وتدمير الاقتصاد وإثقال الأجيال بالديون، مشدداً على أن تحرير الأسعار (بمعنى الدولة لاتتدخل) ولكن (نحن نريد الدول تتدخل)، وأن جائحة كورونا أوضحت بأن توجيهات البنك الدولي وصندوق النقد (انهزمت) في البلدان الرأسمالية.
وطالب خلف الله، بتصحيح مفهوم رفع الدعم، وعرفه بأنه في الحقيقة (إجراءات محاسبة نتيجة فروقات سعر الصرف لعدم ثابته)، وأن المشكلة في التدهور المستمر لقيمة الجنيه أمام الدولار، ودعا إلى اتباع سياسات تزيد وتعزز من مصادر حصول السودان على النقد الأجنبي، عبر صادرات متنوعة، وترشيد الواردات، وقيام شركات مساهمة عامة، وتنظيم صادر الذهب، وبورصات للذهب والمحاصيل وغيرها من الأفكار والخطط التي قدمتها اللجنة الاقتصادية لحزب البعث العربي الاشتراكي ولقوى الحرية والتغيير.
ولفت خلف الله، إلى أن سياسات الحكومة لم تبرهن حتى الآن على أنها لا تفارق النهج القديم والمضي في نفس الاتجاه (والرضوخ للوصفات الجاهزة)، وحذر الحكومة من تجنب المواجهة والانزلاق في مخاطر رفع الدعم، لأنه لا يقدم حلاً ويفاقم الأزمة و يعطل الإنتاج ويزيد الفقر والبطالة، و يعظم الاستيراد وغمر الأسواق المحلية بالمنتجات الأجنبية، ويرفع نسبة التضخم، ويزيد من عجز الموازنة، ويحول المجتمع إلى مجتمع استهلاكي. وأشار خلف الله إلى ضرورة الاعتماد على إرادة الشعب، واستغلال الثروات والموارد المتعددة للاقتصاد الوطني، وهيكلة الجهاز المصرفي وقيامه بتمويل القطاعات الإنتاجية وتمويل مشاريع الخريجين والشباب، ومكافحة الفساد، وتوفير ورفع سقوفات التمويل لمشاريع الإنتاج الزراعي والحيواني والصناعي، وتنفيذ ذلك كخطة إسعافية بجانب وضع الخطط المتوسطة والبعيدة المدى. يذكر أن الحكومة الانتقالية ، توصلت إلى برنامج اقتصادي يعالج التشوهات الهيكلية في الاقتصاد بطريقة جذرية، وذلك بالتوافق مع صندوق النقد الدولي ، ويستغرق مدة 12 شهراً، وتوقعت بأن ينتج عن ذلك الحصول على منحة سنوية بمليار دولار، بحانب استقطاب استثمارات ، ولكن يظل المحك الرئيسي لإنفاذ هذا البرنامج المضي في رفع الدعم السلعي، كما أن بقاء اسم السودان في قائمة الإرهاب، يحول دون الحصول على المنح والقروض واستقطاب المزيد من الاستثمارات، ومعالجة مشكلات السودان الاقتصادية.