يتسع الجدل فيما يلي تشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية باعتباره واجهة جديدة ينظر لها البعض بأنها ستسحب البساط من تحالف الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة بينما يرى آخرون أنه لا يعدو أن يكون مجرد مجلس تشاوري مهمته حسم الخلافات التي تطرأ بين أطراف الحكم ،وأثارت لائحة مجلس الشركاء المزمع إجازتها، جدلاً واسعاً وسط الأوساط السياسية. 1 واعتبرتها الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو، بأنها تمثل تآمراً صريحاً على أهداف وشعارات ثورة ديسمبر المجيدة، كما تقف عائقاً أمام التغيير الشامل،ووصفت الحركة الشعبية – شمال جناح عبدالعزيز الحلو مشروع لائحة مجلس شركاء فترة الانتقالية بأنه يصادر صلاحيات البرلمان ومجلس الوزراء ويقطع طريق التفاوض الحكومي معها، لكن اللائحة التي تحدثت عنها الحركة لم تُجاز بصورة رسمية من أطراف الحكم، وإنما هي مقترح من الحرية والتغيير يجرى التشاور حولها بينها والمكون العسكري في مجلس السيادة وتنظيمات الجبهة الثورية. 2 ويقول القيادي بالحرية والتغيير خالد عمر يوسف أن مجلس شركاء الفترة الانتقالية هو جسم سياسي لتنسيق الرؤى والمواقف ومعالجة التباينات بين المكونات التي وقعت على الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية واتفاق السلام وأشار الى أن هذا الجسم ليس جسماً تنفيذياً ولا تشريعياً ولا سيادياً ولا تداخل بين عمله وعمل بقية الأجهزة الأخرى إلا بمقدار التوافق الناتج بين مكوناته والتزامهم بالتعبير عنه عبر ممثليهم في الهياكل المختلفة، وأضاف خالد اقتضت تجربة العام الماضي انشاء هذه الآلية نسبة لما شهدته البلاد من تنازع بين مكونات المرحلة الانتقالية وتشاكس في قضايا رئيسية اتخذ فيها كل طرف موقفاً وعمل له، مما هدد حتى تماسك البلاد ناهيك عن نجاح المرحلة الانتقالية في تحقيق أهدافها بحسب حديثه، وفي خلال العام الذي مضى كان كثيراً ما يتم الدعوة لاجتماعات "أزمة" ثلاثية بين الحرية والتغيير والسيادي والوزراء للتعامل مع خلاف ما، أو التوافق على وجهة ما، وقال شهدنا ذلك في قضية خطاب رئيس الوزراء للأمم المتحدة ولقاء رئيس مجلس السيادة بنتنياهو في عينتبي واجتماعات المصفوفة وتداعيات الموقف من التطبيع مع اسرائيل وأحداث الفشقة وتمرد هيئة العمليات وقضية تبعية جهاز الشرطة، وفي غالب هذه الحالات كانت الاجتماعات لاحقة لحدوث أمر لا توافق حوله، وتركزت على التعامل مع تبعاته ولم تتوفر صيغة مؤسسية لمتابعة ما يتم التوافق عليه لاحقاً، وتابع إن الحديث عن اجازة لائحة ما ليس دقيقاً، فلا زالت مسوداتها تناقش داخل الحرية والتغيير ولم تخضع لحوار بين الأطراف المختلفة، والنقاش حول أرقام ونسب التكوين وطرائق العمل لا زال مستمراً بين هذه المكونات بغرض احكام هذه الصيغة الناشئة وضمان تحقيقها للغرض الذي صممت له. 3 وفي الأثناء يقول مراقبين إن تكوين الحاضنة السياسية الجديدة من ثلاثة مكونات يظل إلى حد كبير يفتقر إلى الصلاحيات الواضحة وأن وجود هذا الجسم لا يعني امتلاكه للسُلطات الحقيقية ولا يعني أنه بالضرورة سوف يؤثر في مجريات الحياة السياسية في الفترة القادمة لأن طبيعة الحاضنة السياسية تجعلها ذات صبغة تشاورية أكثر من أنها ملزمة،وسيكون وجود الحاضنة الجديدة بالشكل الذي تم الاتفاق عليه هو جسم فضفاض، وأنه سيكون جسماً تشاورياً بين المكونات الثلاثة لا أكثر ولا أقل . 4 ومن جانبه يقول عبد الفتاح عرمان في مقال مبذول بالاسافير أن فكرة إنشاء مجلس شركاء الفترة الانتقالية جاءت من شخصية سياسية من ذوي الوزن في الجبهة الثورية لتضم مجلس السيادة- بشقيه المدني والعسكري، ومجلس الوزراء، وقوى الحرية والتغيير، والجبهة الثورية مما يعني إنهاء دور قوى الحرية والتغيير منفردة كحاضنة سياسية ليحل محلها جسم أوسع يشمل كل الأطراف التي قادت عملية التغيير والمؤسسات السيادية والتنفيذية لتقوم بمراقبة الأداء وحل اي خلافات قد تطرأ سوى في مجلسي السيادة أو الوزراء أو فيما يتعلق بتنفيذ اتفاقية السلام الشامل. وتم تضمين هذا الجسم في الوثيقة الدستورية. بعض الأطراف رأت أن في ذلك استبدال للحاضنة السياسية بحاضنة سياسية جديدة ولكن كان رد الجبهة الثورية بالنفي. ولكن بنظرة فاحصة للمجلس الجديد الذي سيكون أعضاءه حوالى 20 شخصا وممثلة فيه كافة أطراف قوى الثورة والتغيير، نجد أنه أكثر شمولا من جسم قوى الثورة والتغيير ويوسع من قاعدة الانتقال. آخرون كذلك سيرون فيه أنه جهاز مترهل وغير فعال وعلى كل حال، تكمن أهميته في أنه لن يترك الحبل على الغارب لمجلسي السيادة والوزراء وإنماء سيضع السياسات والموجهات العامة للجهاز التنفيذي لمراقبة وضبط الأداء والمحاسبة في حالة عدم التزام اي طرف بالخطة المتفق عليها. 5 وفي السياق قلل الخبير القانوني، نبيل أديب، من تأثير مجلس شركاء الحكم المنتظر تشيكله، او تغوله على صلاحيات مؤسسات الدولة الأخرى، قائلاً إنه مجرد جسم توافقي بين الشركاء في الحكم وليست جهة تنفيذية او مرجعية لأجهزة الدولة وقال نبيل أديب إن لائحة مجلس شركاء الحكم لا علاقة لها بالشعب ولا بالسلطات التشريعية أو القضائية أو التنفيذية بحسب ما ورد في الزميلة "الديمقراطي " وإنما تختص فقط بأنشطة الحاكمين من الدعوة للإجتماعات وخلافه من الأمور التنظيمية،وأضاف "لا تعلو على الوثيقة الدستورية بأي شكل من الأشكال، الوثيقة الدستورية تمثل الدستور للفترة الإنتقالية واللائحة المعنية تمت بموجب المادة 80 من الوثيقة والتي تقول : ينشأ بين الشركاء لائحة تمثل الأطراف السياسية تعمل على توافق الرؤى بين الشركاء بما يخدم المصلحة العليا للبلاد ويضمن نجاح الفترة الإنتقالية،وتابع "إذن هي مجرد جسم توافقي بين الشركاء في الحكم وليست جهة تنفيذية أو مرجعية بشكل من الأشكال"، موضحاً أن الحكومات الإئتلافية عادة يتمك فيها تشكيل لجنة تنسيقية بين الأحزاب المشاركة حتى لا تصل الأمور بينها إلى الخلافات التي يمكن أن تعصف بالإئتلاف وقالت الشعبية في بيان إن اللائحة تمت صياغتها لتسود على غيرها من التشريعات، حسبما تقول المادة (2) التي تسود على (جميع التفاسير) دون تحديد ماهية هذه (التفاسير) بجانب عموميات أخرى مُبهمة كلها تُشير إلى تآمر خفي واضاف البيان "اللائحة هدفت الى قفل الطريق أمام التفاوض مع الحركة الشعبية حول جذور المشكلة السودانية وإلحاقها فقط بإتفاق سلام جوبا الموقَّع في 3 أكتوبر 2020، فضلا عن إضعاف مجلس الوزراء ومُصادرة صلاحياته وإفراغه من مضمونه وتحويله إلى كيان دستوري هلامي لا دور له، والحيلولة دون تحقيق مدنية السُلطة، بالاضافة الى مُصادرة صلاحيات المجلس التشريعي في حال تكوينه بواسطة مجلس شركاء الفترة الإنتقالية، وتحويل أعضائه لمجرد موظَّفين يتقاضون رواتبهم مثلما كان يحدث في عهد النظام البائد.