*فقد وظيفته بخطاب إحالة للصالح العام .. *بحث عن عمل آخر – وهو في حالة نفسية سيئة – إلى أن فقد كثيراً من صحته.. *صاحب بقالة (الجرورة) كان يواسيه بعبارات رقيقة.. *ثم يطلب منه أخذ ما يريد إلى أن تُفرج.. *بعد فترة – وهي لم تُفرج بعد – لاحظ تغيُّراً في تعامل صاحب البقالة تجاهه.. *هو لم يمنعه شيئاً طلبه… ولكن سلامه وكلامه صارا مقتضبين.. *لم يعد يواسيه كما في السابق… ولا حتى يبتسم في وجهه.. *بعد فترة أخرى حلت التكشيرة محل عدم التبسم .. *ثم جاء يوم اعتذر له عن تجميد (كراسته) جراء ديون عليه هو نفسه في السوق.. *ففقد (مصدر عيشته) هو… وزوجته… وأولاده.. *بلغ تذمر زوجته هذه مداه عقب مرور شهر على انقطاع (الشُكُك).. *فيوم يجود عليه بعض زملاء عمله السابق بشيء…. وأيام لا يجودون.. *وكذلك الأمر بالنسبة لأصدقائه الذي أخذوا يتناقصون سريعا.. *ثم فقد زوجته وأبناءه حين رجع عصر يوم بخفي حنين فلم يجد أثراً لهم بالبيت.. *أو بالأحرى ؛ وجد آثار ذكريات مفعمة بالشجن.. *وحان الأوان الذي فقد فيه كل أصحابه… وزملائه… ورفاق دربه.. *وعندما كان يسير صباح يوم – على غير هدى – لاحظ شيئاً غريباً.. *فهو ليس له ظل يتبعه… رغم الشمس السافرة في كبد السماء.. *وتلفت نحو السائرين من حوله فشاهد ظلاً ممدوداً وراء كلٍّ منهم.. *تملكه رعب مزلزل لم يشعر به طوال حياته.. *جالت بخاطره أفلام الرعب الأجنبية كافة التي تحكي عن مسوخ لا ظل لها.. *ولكنه ليس مسخاً أصيلاً… بل هو آدمي (مسخته) الظروف.. *هم بأن يسأل المارة هؤلاء إن كانوا يرون ظله إلا أنه تراجع في آخر لحظة.. *فقد خشي أن يُرمى بالجنون… وما أكثر مجانين هذا الزمان.. *حين رأى رجلاً يهيم – فَرِحاً – لملم أطراف شجاعته واتجه نحوه .. *وما أن فرغ من شرح حكاية ظله له حتى انفجر الرجل ضاحكاً.. *ثم غمغم بلسان ثقيل (يا عم أحمد ربنا أنه خلَّصك من همه).. *وما درى أن الرجل السعيد ذاك كان من (أهل الكيف)…الهاربين من دنيا الراهن.. *لم ينم ليلته تلك في انتظار الصبح… على أحر من جمر (الواقع).. *ليرى إن كان ظله قد عاد إليه… أم غادر بلا رجعة.. *توجه صباحاً إلى (كشك) الجرائد… دون ظل.. *هناك سمع حديثاً غريباً من المتجمعين حول المكتبة.. *قيل أن(ظلاً) شوهد ضحى البارحة فوق حافة الجسر الجديد..