تعقيبا على عمودكم (دايركت) والمنشور ب(الرأى العام) الصادرة بتاريخ 19 يناير بعنوان (سد عجز الموازنة).. ارجو نشر هذا التعقيب. ورد في عمودكم بأن الموازنة نصت على (3) آليات لسد العجز (والبالغ 8 مليارات جنيه) متمثلة فى الآتي حسب ماورد بالعمود: (1) الإستدانة من الجمهور. (2) الإستدانة من البنك المركزي بطباعة العملة. (3) استقطاب القروض الخارجية. وحسب ما ورد بالعمودأن الآليات الثلاث دخلت حيز التنفيذ. ما يختص بالآلية رقم (1) ورقم (3) تعتبر اقتصاديا من الآليات الأقل خطورة في الدول التي تنقصها آليات التحكم في السوق وعدم توفر الأنظمة الصارمة لتحجيم المخاطر السلبية في تطبيق السياسات الإصلاحية لأي إقتصاد. فيما يختص بالآلية رقم (2) وهى الاستدانة من البنك المركزي بطباعة العملة.لو رجعنا لشروط طباعة العملة وكمياتها عالميا يجب الطباعة بما يعادل تغطية البنك المركزي لعملته من النقود السلعية قبل ظهور العملات (وهى الذهب والفضة) . وأية اضافة جديدة للعملة بالطباعة دون تغطية، يضعف قيمة العملة أمام العملات الأخرى وبالتالي القيمة الشرائية للعملة حيث أن تقييم تكلفة السلع والخدمات ومدخلات الانتاج تتم بالعملات الحرة وبموجبها يتم حساب سعر بيع السلع والخدمات، وهو ما يسمى ب (العملة المكشوفة بدون تغطية). لو رجعنا للتاريخ القريب نجد أن تفعيل آلية طباعة العملة لسد العجز في الميزانية تمت في أواخر عهد مايو وكان أثرها السلبي ارتفاع أسعار السلع والخدمات من ضمن أسباب قيام انتفاضة 6 أبريل، قبل طباعة العملة حافظ الجنيه السوداني على قيمته لعدة عقود حيث كان الدولار يعادل( 33 )قرشا ( 0.33 جنيه) ويعادل الجنيه 12 ريالا سعوديا ? انخفضت قيمة الجنيه نتيجة لطباعة العملة دون تغطية واستمرت في الانخفاض حتى تخطت قيمة الدولار ال( 8 )جنيهات خلال أقل من( 4) سنوات ( أي أن العملات الصعبة أصبحت تعادل (18) مرة ضعفها ما قبل الطباعة)، أي أن قيمة الجنيه أصبحت تساوى أقل من( 6% ) من قيمته الحقيقية قبل طباعة العملة بدون تغطية. هذه الآلية تشكل خطورة انفلات عقد التحكم في النتائج السلبية لطباعة العملة وعلى قمة النتائج السلبية انخفاض قيمة العملة المحلية وبنسبة عالية جدا، وإضعاف قوتها الشرائية, مما يشكل مؤشرا قويا لقدوم ما يسمى بالتضخم الجامح الذي يمكن وصفه ب (هو بالعربي البسيط الكثيرة لسلع قليلة)، انفلات عقد التحكم هذا في دولة كالسودان تنقصه الآلية الموحدة للأجهزة التنفيذية القائمة على الشؤون الاقتصادية ، مثالا لا حصرا تضارب الأرقام فى الخطة الاسعافية الثلاثية (سوف أورد مثالا لاحقا في هذه الرسالة). هذا الخيار تعتمد عليه الدول التي لها أنظمة تحكم صارمة في اقتصادها تستطيع تحجيم أي آثار سالبة عند طباعة العملة ، هذه الأنظمة الصارمة نفتقدها في السودان وهذه حقيقة رضينا أم أبينا، بالرجوع للأزمة المالية الأمريكية وان الحكومة الأمريكية للخروج من الأزمة قامت بتفعيل آلية الطباعة كأحد خطط سد العجز فى الموازنة قامت بطباعة كميات من عملتها ورغم أنظمتها الصارمة ما زال الدولار يعانى من آثار الطباعة السلبية (بالرغم من تحجيمها بالنظام الصارم) بانخفاض قيمته أمام العملات الأخرى. وطباعة العملة يعتبر في علم الاقتصاد ب( آخر العلاج هو الكي) بعد فشل كل الأدوية والمسكنات. مثال تضارب الأرقام فيما يختص بوضع الخطط والسياسات الاقتصادية وتنفيذها في هذا الوقت الحرج للاقتصاد السوداني: ذكر وزير المالية في مؤتمره الصحفي بعد إجازة الموازنة أن الرقم المستهدف لإنتاج أهم السلع وهى القطن هو (400 )ألف طن ، وبعدها بأيام معدودة قدم وزير الزراعة خطة وزارته لمجلس الوزراء وتمت أجازتها من مجلس الوزراء برقم مستهدف لإنتاج القطن هو( 700) ألف طن ، أي بما يقارب الضعف مما ذكره السيد وزير المالية، إذا قسنا تضارب الأرقام الآن حين وضع الخطط والسياسات وبدراسات ?أي- بهدوء تام , ما بالك من التضارب في القرارات والأرقام حينما ينفرط عقد التحكم ويقع الفأس في الرأس؟؟ سيد الحسن تعقيب: الأخ سيد الحسن : طباعة العملة ليست آخر العلاج، وإنما هي آلية اقتصادية قديمة يمكن استخدامها وفق مبررات اقتصادية معينة تراعى عند زيادة (معدلات التضخم) بان توظف هذه العملة التي تتم طباعتها في تمويل القطاعات الإنتاجية سواء الزراعة أو الصناعة، وبالتالي العائد من الإنتاج يتم به امتصاص التضخم، وهذا ما دعونا إليه، وكذلك ما حرص عليه بنك السودان المركزي في السياسات التمويلية للعام 2012 والتي وجهت البنوك بتمويل الإنتاج الزراعي والصناعي والصادر من اجل ذهاب التمويل المصرفي للقطاعات المنتجة ومساهمة هذا الإنتاج فى خفض الأسعار بالأسواق وبالتالي خفض معدلات التضخم، وذلك ما نرجوه. سنهوري