تباينت آراء اقتصاديين وخبراء ومعنيين بالشأن التجاري حول اعلان الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة، تلقيها مذكرة رسمية من سفارة السودان في القاهرة، تفيد تنفيذ تحرير التجارة بشكل كامل مع الدول العربية الموقّعة على اتفاقية التيسيرالعربية. وفي الوقت الذي وصفت فيه السلطات المصرية هذا الأمر بالإيجابي خاصة في موافقة جامعة الدول العربية على إمكانية تصدير أية سلع صناعية تحصل على شهادة المنشأ العربي دون رسوم جمركية، قلل فيه مختصون بالسودان منه باعتبار أن الاستيراد للسلع غير الضرورية ليست في مصلحة البلاد، وأن الدوله اتجهت من وقت على تقليل الاستيراد من الأسواق الخارجية لسلع مختلفة. وكشف خطاب بعثت به الأمانة إلى وزارة التجارة والصناعة المصرية، إمكانية تصدير أي من السلع الصناعية التي تحصل على شهادة منشأ عربي إلى السودان دون رسوم جمركية. وكانت كثير من الدول العربية قد شكت إلى القطاع الاقتصادي للأمانة العامة للجامعة من عدم التزام السودان بتخفيضات اتفاقية التيسير العربية ما يشكل عائقاً في دخول كثير من السلع إلى السودان. وتفيد المتابعات الى أن السودان أصدر في يناير 2011 قراراً بحظر استيراد سلع غذائية وصناعية عدة، أهمها البلاستيك والمطاط والجلود والحلويات والبسكويت والألبان ومنتجاتها. وأوضحت الأمانة العامّة لجامعة الدول العربية أنّ وزارة التجارة السودانيّة، أبلغت جميع منافذها الجمركية رسمياً بزيادة التخفيض الجمركي الخاص بالسلع ذات المنشأ العربي إلى (100%) على أن يتم التطبيق بأثر رجعي، بدءاً من أول يناير الماضي. وانتقد الخبراء قرار السماح فيه للاستيراد الكامل للسلع، في وقت تحتاج فيه الدولة لترشيد الوارد وإحلال الوارد خاصة في ظل نقص عائدات النفط بعد انفصال الجنوب وفقد موارد وثروات عديدة من الإيرادات العامة للدولة. وكانت وزارة التجارة أصدرت في يناير من العام (2011م) قراراً حظرت فيه استيراد سلع غذائية وصناعية من بينها البلاستيك والمطاط والجلود والحلويات والبسكويت والألبان ومنتجاتها المختلفة وغيرها، وبررت الحظر لعدم جدوى استيرادها بحجة توفرها في الأسواق بكميات كبيرة. وأكد مصدر بوزارة التجاره أنهم لم يستلموا ما يفيد بالسماح بالاستيراد الكامل لجميع السلع من الدول العربية خلال الفترة الحالية. ونفى المصدر أن تكون الوزارة سلمت خطاباً للامانة العامة لجامعة الدول العربية أو سفارة السودان بالقاهرة حول فتح باب الاستيراد من الدول العربية خلال الفترة الأخيرة. ووصف معنيون بالشأن التجاري أن القرار اذا كان صحيحاً يعتبر كارثة للسودان، مبينين أن الاستيراد للسلع غير الضرورية يسهم في إغراق الأسواق لسلع لا تحتاجه الأسواق السودانية، بجانب أنها تجعل الميزان التجاري يميل لغير صالحه فيما تستفيد منه الدول الأخرى التي نستورد منها متوافرة أصلاً في أسواقنا. وقال علي الطاهر مدير الاستيراد السابق بوزارة التجارة إنّ السماح للاستيراد للسلع المختلفة يجب أن يتم وفقاً لدراسة واستشارة من الجهات ذات الصلة بالمجال الاقتصادي في الأصعدة كافة، مع مراعاة أن يسمح باستيراد السلع الضرورية التي لا تتوافر في الأسواق المحلية، وقال إن الدولة يجب أن تتمسك بعدم السماح للاستيراد خاصة للمتوافرة والاتجاه لزيادة الصادر للأسواق الخارجية من السلع النقدية والمهمة. وأضاف الطاهر أن الفترة الحالية تتطلب ضرورة دعم وتشجيع الصادرات للأسواق الخارجية المختلفة، مقابل ترشيد الاستيراد من السلع والمنتجات غير الضرورية. وفي السياق، قال صلاح الشيخ المدير العام السابق للجمارك إن الدولة يجب أن تسمح بالاستيراد لكن بشروط أن يتم لضروريات غير موجودة في الأسواق المحلية، وأكد الشيخ أن أي قرار يتعلق بفتح المجال لاستيراد أية سلع من الأسواق الخارجية يجب أن يصدر وفقاً لدراسات متأنية واستشارة من الجهات والمعنيين كافة بشأن الاقتصاد والتجارة وغيرها من المعنيين بالأمر، وأضاف ل (الرأي العام) أنّ إعفاء أو تخفيض رسوم دخول السلع للسودان من الدول العربية تستفيد منه الدول العربية، داعياً الجهات المعنية للاهتمام بالميزان التجاري. وقال حاج الطيب الطاهر، الأمين العام للغرفة التجارية إن السماح لاستيراد السلع خاصة الضرورية من البلدان العربية يؤثر سلباً على حركة التبادل التجاري بين السودان والدول العربية بوجه خاص، وأشار الى أنّ الدولة يجب عليها أن تتمسّك بقرارها الصادر في الأشهر الماضية والمتعلق بحظر استيراد كثير من السلع، مبيناً أنّ السماح باستيراد الأنواع الموجودة في الأسواق الداخلية ليست له أي مبرر للسماح باستيراده من الدول العربية، وأضاف الطاهر ل (الرأي العام) أن حظر استيراد السلع من الخارج يتيح الفرصة للسلع المحلية للتننافس الخارجي ومساعدة المعنيين بالمجال التجاري والصناعي لتجويد سلعهم حتى تضمن المنافسة وتحقق عملات صعبة في الاقتصاد القومي. وانتقد د. محمد المبارك الخبير الاقتصادي، سماح وزارة التجارة عبر إرسالها لمذكرة لسفارة السودان بمصر لفتح باب الاستيراد للسلع الضرورية كافة في الوقت الذي يجب أن تشدد على السماح لدخول اية سلعة للبلاد إلاّ للضروريات وغير المتواجدة بالسودان، وأضاف أن البلاد تحتاج لانطلاقة منتاجاتها ومضاعفة الصادر منها للأسواق الخارجية.