يوم أمس وفي الوقت الذي كان فيه موظف لكلية الحاسوب بجامعة النيلين ينهال بالطعنات على أحد زملائه، تجمع حشد كبير من الطلاب في ساحة النشاط بذات الجامعة للإستماع الى مخاطبة سياسية لرابطة طلاب دارفور وقد كانت القضية مدار الحديث هي إعفاء طلاب دارفور الذين يدرسون بنظامي الدبلومات والانتساب من الرسوم الدراسية مثلما حدث لزملائهم من طلاب القبول العام لدرجة البكالوريوس. وتم إعداد مذكرة بهذا المطلب حملها عدد من أعضاء الرابطة بغرض تسليمها الى مدير الجامعة البروفيسور عوض حاج علي، ومن غير الواضح ما اذا كانت الأحداث التي تلت ذلك خرجت عن اطارها المرسوم أم أنها نفذت كما كان مخططاً لها، فقد قامت مجموعة من الطلاب المتحمسين برمي الحجارة وزجاجات الملتوف على الحرس الجامعي ومكتب المدير وتطورت الأحداث الى خارج مباني الجامعة وقامت مجموعات من الطلاب بتحطيم زجاج عدد من السيارات التي تصادف وقوفها او مرورها في الشارع العام، الأمر الذي حدا بالشرطة الى التدخل والتعامل مع المسألة بصفتها أحداث شغب، وتم إلقاء القبض على خمسة وثلاثين طالباً أخضعوا للتحري وفتحت في مواجهتهم بلاغات جنائىة. على إثر ذلك اصدرت الجامعة تعميماً صحافياً في اليوم التالي الذي اخلى فيه الحرس الجامعي مباني الجامعة من الطلاب منذ الظهيرة، واشارت الجامعة الى ان توجيهات الرئيس اتتها عبر خطاب من وزارة التعليم العالي ارفقت نسخة منه مع التعميم وينص الخطاب على (ان يقتصر الاعفاء على الطلاب الذين تم قبولهم بنظام القبول العام ولنيل درجة البكالوريوس). و في ذات السياق قال المعز أحمد افندي رئيس اتحاد طلاب جامعة النيلين إنهم أصدروا بياناً حول الأمر وإن الإتحاد وفق الدستور والعرف غير معني إلا بالطلاب النظاميين فحسب، وإن الطلاب المنخرطين في أعمال العنف هم طلاب الدبلومات والانتساب، ولا دخل للإتحاد بذلك. ولقد ظل طلاب الدبلومات في صلب معظم الأحداث التي وقعت داخل الجامعات وخارجها طيلة السنوات الأخيرة، اذ لا تزال احتجاجات رابطة طلاب الدبلومات بجامعة السودان عالقة في الذاكرة بخسائرها وضحاياها، وإن كانت تلك الاحتجاجات تتعلق بالحصول على الرقم الهندسي حينها فإن الاحتجاجات الحالية تتخذ من الرسوم الدراسية موضوعاً لها، ويبدو أن الدولة أخذت تدرك ابعاد المشكلة، وربما كانت تصريحات علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية الأخيرة حول اعادة النظر في نظام الدبلومات مؤشراً في هذا الإتجاه. وكما يرى خبراء في التعليم العالي فإن قضايا الطلاب المطلبية تشكل جسراً مناسباً لتحقيق اجندة سياسية، ويقول المعز أفندي إنهم اتصلوا بمكتب مني اركو مناوي كبير مساعدي الرئيس ولكنهم أفادوهم شفوياً أن الطلاب المعنيين بإعفاء الرسوم هم النظاميون فحسب وفق إتفاق أبوجا، ويضيف أفندي : (ربما لا تخلو الأحداث الحالية من بعد سياسي، مصالح الطلاب يجب أن لا تسيس)، ولا تبدو قضية العنف الطلابي برمتها بعيدة عن الصراعات السياسية، ويقول أبو أنس الناشط في صفوف روابط طلاب دارفور (الأجندة السياسية تقف احياناً وراء العنف الطلابي الذي صار ثقافة كاملة، نحن ضد ذلك قضيتنا مطلبية وليست سياسية على الرغم من ان الإعفاء جاء ضمن اتفاقية سياسية، ولكننا نرى أن المصداقية غير موجودة فيما يتعلق بتنفيذ اتفاق سلام دارفور، مناوي نفسه يتحدث حول ذلك، الكل يعلم جيداً بظروف ابناء دارفور، اننا نحارب العنف في ذات الوقت الذي نطالب فيه بحل عادل لقضيتنا، لا يُعقل ان ُيمنع طالب من الجلوس للإمتحان بينما والدته مشردة في أنحاء دارفور أو تشاد، ثم ان الجامعة مؤسسة تربوية ذات دور إجتماعي في النهاية). ومن غير الواضح اذا ما كانت القضايا المطلبية للطلاب قادرة بالفعل على التجرد من ابعادها السياسية والسيطرة على العنف الذي يبدو كما لو كان الوسيلة الوحيدة التي تستطيع عبرها التعبير عن نفسها، يقول رئيس اتحاد طلاب الجامعة: (إني اوجه رسالة لكل الساسة على مستوى قيادات الاحزاب، يجب ان لا يجعلوا الجامعات اجنحة عسكرية تخدم مصالحهم السياسية، الجامعات هي سوح للعلم والمعرفة والتسابق الاكاديمي فحسب)، وحتى تحل قضايا الطلاب المطلبية، او تتغير وسائل التعبير عنها، فإن العنف وبخلاف رغبة رئيس الإتحاد - يظل اللغة الاثيرة للتعبير عن القضايا، والاجندة السياسية ربما.