الدول المولودة طبيعيا أعمارها لا تحسب بالسنوات ... أمّا الدول المصنوعة فإنّ أعمارها تقاس بالسنوات ... و اسرائيل فى هذا اليوم يبلغ عمرها ستين عاما و هو عمر التقاعد ... ليس التقاعد عن أداء الوظائف الطبيعية و إنما التقاعد عن الدور المصنوع ! قامت اسرائيل فى مثل هذا اليوم قبل ستين عاما بقرار التقسيم : تقسيم أرض فلسطين الى دولتين عربية و عبرية و بينهما خط دولى هو القدس ... نكص الانتداب البريطانى عن وعد بدولة واحدة الغالبية فيها للفلسطينيين و الاقليّة للاسرائيليين ... و رفض الفلسطينيون و العرب تقسيم الرغيف الى ساندوتشين ففقدوا الرغيف و الساندويتش ... و بعد عشرين سنة أخذ الاسرائيليّون الساندويتش الآخر غزّة و الضفة الغربية بما فيها الخط الدولى فداخ الفلسطينيون الدوخات السبعة من أجل استرداد ربع الساندويتش ! أمّا الساندويتش الاسرائيلى فقد تحوّل الى فرن آلى ... استدعت اسرائيل اليهود من كل الدنيا لتمنحهم المواطنة و المستوطنة ... جاء اليهود السفارديم و الشكيناز و الدونمة و الفلاشا و الصابرا فكوّنت منّهم شعب الله (المختار) و جعلت الفلسطينيين شعب الله (المحتار) ... ثمّ فتحت ثقبا فى معبر يعلوه سلك شائك للراغبين فى التسلّل ! عاشت اسرائيل الستين عاما دولة شرق أوسطية ... و فى غضون ذلك تحوّلت من دولة تستورد البشر الى دولة تصدّر الخبرات و الاستخبارات ... و تقدّم نموذجا للديمقراطية و الشفافية ... نموذج يسائل رئيس الوزراء على مائة ألف دولار فى حملة انتخابية و لا يسأله عن مقتل مائة ألف نفس فى حملة عسكرية ! و حينما جاء الوقت الذى تسمح فيه نظرية الامن الاسرائيلى بمعادلة الأرض مقابل السلام راجت فى دول الطوق سلعة التطبيع ... فصاحت أصوات فى دول ما وراء الطوق تسأل و تجيب : لماذ لا نطبّع هل نكون (طوقيّين) أكثر من دول الطوق ! بعد بلوغ اسرائيل عمر الستّين فإنّه يجوز التطبيع معها اذا سلكت هى سلوك الستين ... فتتخلّى عن الاحتلال ... و تحسّن نواياها فتتنازل عن نوويّتها ... و تأبى معاملة الكبار لها كطفل يلاعبونه بلعبة الفيتو ... فلا يكون لها حق بعد الآن غير فوائد ما بعد الخدمة !!