ناقوسنا التهم الصباح من الصباح الى المساء فترنحت مقل النهار ودب في الالق العياء ياصندل الليل المضاء افرد قميص الشوق حين تطل سيدة النساء فالمجد جاء لو كان زندك يحتمل لكسوت زندك ما تشاء ثوب من العشب الطري وابرتين من العبير وخيط ماء من غير مصطفى سند يمكن ان يشدو بهذه الابيات؟؟؟ من غير سند يموسق الكلمة ويجعلها تحتفظ بعنفوانها ويقذف بها دماغ المتلقي وتجعله يتحسس وعيه؟؟ لو كان مصطفى محمد سند من بلد عربي غير السودان لنصب اميرا للقصيدة العربية الحديثة، يكفى مصطفى انه شكل وعى جيل بأكمله وغرس فيه القصيدة العربية الحديثة. سند كان شاعرا غنائيا عذبا ولو لم يقل غير (اكتبي لي ياغالي الحروف اكتبي لي ياما الدنيا نورها وبهجتها صارت براك غيمة شتاء تنسج طيوف وتجيب طيوف والشوق جار بيناتنا يحجب بهجتها) لكفاه.. رحم الله شاعرنا الفذ مصطفى سند فقد كان مشروعا شعريا لا ساحل له. في ذات اسبوع رحيل مصطفى رحل صهره شاعرنا الفذ محيى الدين فارس الذي يعتبر رائدا من رواد شعر التفعيلة على مستوى الوطن العربي لقد خلد محيى الدين رحيل اهل وادي حلفا بقصيدة يندر ان يجود الزمان بمثلها وكتب قصيدة ليل ولاجئة التي كانت تدرس في منهج اللغة العربية في كثير من البلدان العربية وغنى له العطبراوي لن احيد تلك القصيدة التي لو وجدها كارل ماركس لاكتفى بها عن المنفستو الشيوعي رغم ان محيى الدين فارس معلم اللغة العربية لم يكن شيوعيا ولكن الانتماء للانسانية يجعل المفكر والشاعر في سرج واحد.. رحم الله فارسنا محيى الدين. وفي ذات اسبوع فارس رحل استاذنا واستاذ الاجيال محمود ابو العزائم وعلى استاذنا ينطبق قول الفيلسوف سنغور الذي قال كلما سمعت بوفاة شيخ افريقي علمت ان هناك مكتبة احترقت فقد كان الاستاذ مكتبة متحركة في الفن والسياسة والادب والفكر والثقافة، وصل في الصحافة قمتها ووصل في الاذاعة قمتها ووصل في التلفاز قمته فقد كان ذاكرة امة بحالها ونحمد الله انه ترك لنا ارثا عظيما في مؤلفاته وفي مقالاته التي نتمنى ان تجمع في كتب.. رحم الله استاذنا ابو العزائم. في ذات الاسبوع رحل عن دنيانا الاستاذ المفكر والمترجم محجوب عمر باشري الذي الف السفر الضخم الموسوم باسم (رواد الفكر السوداني) وهو عبارة عن موسوعة حوت كل رواد الحداثة في السودان وفي المجالات كافة وقد بذل فيها راحلنا جهدا مقدرا ومن مؤلفاته كذلك (اعدام شعب) وهو عبارة عن كتاب سياسي عن تجربة النميري في تطبيق الشريعة الاسلامية وللمؤلف تحفظ على طريقة نميري ويكتسب الكتاب اهميته من ان مؤلفه كان يعمل مترجما بالقصر الجمهوري.. رحم الله استاذ باشري. وكان آخر الراحلين في هذا المقام العالم الزراعي والاستاذ الجامعي البروفيسور كمال نورين مدير مشروع الجزيرة فقد كان استاذا بجامعة الجزيرة ووزيرا للزراعة بولاية سنار وهناك قدم تجربة رائدة في زراعة الموز وصلت مرحلة التصدير الى سوريا ولكن غول الجبايات قتلها اما في الجزيرة فقد كان اول مدير بعد القانون الجديد وتمسك الراحل بالقانون وبقوة ففي عهده تقلصت المساحات المزروعة قطنا الى ادنى مستوى لها منذ نشأة المشروع وكان ذلك خيرا وبركة على المزارع وعلى الدولة اذ اتاح زراعة القمح بمساحة واسعة وكان عليه الرحمة متمسكاً بالقانون الجديد وفي آخر تصريح صحفي له قال ان دونه خرط القتاد رحم الله البروف نورين.