اعلن المسؤولون الامريكيون والسودانيون الذين يقودون محادثات للتطبيع إن الولاياتالمتحدة علقت المباحثات مع السودان. وقال المبعوث الامريكي الخاص ريتشارد وليامسون «في هذه المرحلة لا تبدي القيادة لدى الطرفين (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) اهتماما بالتوصل الى سلام حقيقي ولن اكون جزءا من سلام على الورق لن يسهم حقيقة في تغيير الوضع بالنسبة لشعب السودان». واضاف: بعد ايام من المباحثات لحل الازمة في منطقة ابيي المتنازع عليها على الحدود بين الشمال والجنوب «حتى يصبحوا راغبين في سلام ذي معنى ليس هناك ما يمكن للولايات المتحدة ان تقوم به. لقد بذلت قصارى جهدي وانا اغادر حزينا وخائب الامل». واضاف: «مباحثاتنا معلقة في الوقت الحالي». واكد د. نافع علي نافع مستشار الرئيس السوداني عمر البشير للصحافيين ان الولاياتالمتحدة علقت مباحثاتها الثنائية مع السودان. تصريحات وليامسون حملت روحاً تشاؤمية حول مستقبل السلام برمته وبدا المبعوث الأمريكي ملقياً اللوم على الطرفين على غير العادة مما ينبئ انه اصطدم بتشدد من الحركة لأن موقف بلاده من المؤتمر الوطني مفروغ .. ويهدم الموقف الامريكي بتعليق المحادثات حالة التفاؤل التي كان يعيشها دبلوماسيون سودانيون خلال اليومين الماضيين وسارت بعض اجهزة الإعلام في طريق التفاؤل واسرفت فيه بدورها متوقعة اتفاقاً على العديد من القضايا خلال هذه الجولة. وكان وليامسون اكتفى أمس الأول بابتسامة صغيرة وهو يلتقط صورة بروتوكولية مع المشير عمر البشير رئيس الجمهورية في بيت الضيافة وبعدها لم يسرف في الحديث واكتفى بالقول إن الطريق بين الطرفين للوصول للتطبيع شاق، ويرى مراقبون ان الحوار بين الخرطوموواشنطن جاء عبر بوابة الجنوب، حيث شغل دينق الور منصب وزير الخارجية وابن ابيي، لذا عمدت الحركة الى رسم صورة قاتمة لمستقبل اتفاق السلام على خلفية اختلاف الشريكين حول ابيي. ويذهب السفير العميد (م) الرشيد ابو شامة الى أن وليامسون كان واضحاً في حديثه لأن المعطيات على الواقع تشير الى ما ذهب اليه، فالوضع معقد في دارفور وابيي ولا تلوح في الأفق بوادر انفراج وحلول مرضي عنها بين الطرفين، وذكر ل (الرأي العام) ان السقف الزمني الذي تحدث عنه المشير البشير لدى مخاطبته قمة طوكيو بحل قضية دارفور خلال سنتين حديث سياسي، وينبه ابو شامة الى ان الادارة الامريكية التي تحاور الخرطوم الآن يطلق عليها (البطة العرجاء) فهي في آخر ايامها وليس هناك دافع كبير لديها لحسم علاقاتها مع الخرطوم بدليل انه رغم اشادتها بتعاون الخرطوم المخابراتي لم تكلف نفسها برفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب. ويفيد دبلوماسيون ان ما تبقى من عمر الادارة الحالية لا يكفي لإقامة هكذا علاقة اي التطبيع وان تغيير الادارة في البيت الابيض لا يحمل جديداً لان المصالح الأمريكية ثابتة، لكن الاختلاف في طرق تنفيذ وآليات هذه المصالح. السفير ووزير خارجية الانتفاضة ابراهيم طه ايوب قال ل (الرأى العام) إن تفاؤل السودان بتطبيع علاقته مع واشنطن من باب التمنيات لا الحقائق، وعضد ايوب تشاؤمه بقوله انه حسب مجريات الاستعداد للإنتخابات في امريكا فقد يصل الديمقراطيون لسدة الإدارة وهم الأكثر تشدداً، خاصة بالنسبة لما يتعلق بمسألة دارفور، ويرى ايوب أن للأمريكيين قضايا واضحة يتشددون في تنفيذها فهم الراعي الرئيسي لمحادثات السلام من خلال الضغط الذي مارسته إدارتهم على الخرطوم والحركة الشعبية، وبالنسبة للمحور الثاني «دارفور» صارت قضية اساسية في الشارع الأمريكي وفي حملة الانتخابات الرئاسية، اما ابيي فأمريكا هي مهندسة بروتوكول ابيي وتقرير الخبراء، لذا ترى انها اخلاقياً ملزمة بإنجاح كل ذلك وبالنسبة لهم فهذه القضايا هي خط اخير لتطبيع العلاقات، ويضيف ايوب ان امريكا غير مستعدة لتطبيع علاقتها الآن ويبقى الأمل معلقاً الآن على اجتماع اللجنة السياسية التنفيذية لشريكي نيفاشا اليوم برئاسة الأستاذ علي عثمان محمد طه (المؤتمر) ود. رياك مشار (الحركة) بعد أن اتجهت امريكا وفقاً لقراءة موقف وليامسون وتصريحه المقتضب الغاضب بتعليق المحادثات الى النأي بنفسها عن الصراع في ابيي الذي يهدد السلام برمته وقد يتمثل الطرفان قول الشاعر ما حك جلدك مثل ظفرك.