أدان مجلس الأمن بالإجماع حملة الترهيب والعنف التي يتعرض لها حزب المعارضة في زيمبابوي لدرجة اضطرت زعيمه، مورجان تشانجراي، للانسحاب من انتخابات الإعادة التي يفترض أن تجرى غدا الجمعة. وسبق بيان مجلس الأمن لجوء تشانجراي إلى السفارة الهولندية بالعاصمة هراري. شاركت معظم فعاليات العالم في إدانة حكم روبرت موغابي والمطالبة بوقف الجولة الثانية من الانتخابات، ابتداء من بان كي مون إلى الاتحاد الأوروبي، إلى الاتحاد الأفريقي، إلى التجمعات السياسية الأفريقية، إلى الولاياتالمتحدة ومعظم الدول الأوروبية والدول الأفريقية. وقد وضعوا موغابي في زاوية ضيقة، فقالوا باستحالة إجراء الانتخابات في جو غير آمن، وبانسحاب المرشح المنافس، رئيس حزب الحركة من أجل التغيير الديمقراطي وزعيم المعارضة من الجولة الثانية من الانتخابات .. قالت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس (إن الرئيس روبرت موغابي لا يمكن أن يكون شرعيا في غياب الانتخابات). هناك أسباب عديدة جعلت العالم يتألب ضد روبرت موغابي ربما كان من أهمها استمراره في الحكم لثماني وعشرين سنة في ظل تدهور منتظم في الأوضاع السياسية والاقتصادية الزيمبابوية. العالم منقسم الآن إلى قسمين : العالم الراشد الذي يحكم بالقانون ولا يخضع لأهواء حكامه، والعالم الآخر الذي يتربع حكامه على الكراسي الوثيرة ولا (يتزحزحون) عنها إلا بالموت أو بالتغييب القسري. روبرت موغابي حكم زيمبابوي منذ أبريل 1980 بلا انقطاع. وعندما تتطاول مدة حكم الرئيس يكون قد إلتفت حوله مجموعة من المستفيدين يصعب عليه أن (يزحزحهم) من مواقع وصلوا إليها بوضع اليد. فالمشكلة لا تكون مشكلته هو فقط وإنما مشكلة من حوله كذلك. مفتاح شخصية موغابي هي حرب العصابات التي خاضها في السبعينيات وصنع فيها اسمه. فقد كان ينظر إليه كبطل ثوري يحارب من أجل التخلص من حكم الأقلية البيضاء ومن أجل حرية شعبه، ولهذا، وعندما بدأ ينحدر تردد كثير من الزعماء الأفارقة في انتقاده باعتباره بطلا من أبطال حرب التحرير. ومنذ استقلال زيمبابوي تحرك معظم العالم إلى الأمام واصطنع له أهدافاً يناضل من أجلها مثل التنمية والتوزيع العادل للثروة .. بدل الأهداف الأولى المتمثلة في محاربة الاستعمار والرأسمالية واستعادة الأراضي التي امتلكها البيض في روديسيا التي أصبحت تعرف بزيمبابوي بعد الاستقلال. لكن موغابي ظل كما هو. تركز كل همه في البقاء في دست الحكم، وأصبح أي منتقد له يعتبر عميلا وخائنا، في محاولات غير ناضجة للبقاء في الحكم بنفس مواصفات الحكم العتيقة التي كانت سائدة يوم كان زعيما لحرب العصابات. وبعد .. السياسة لئيمة، إذ في الواقع ليست دكتاتورية موغابي هي وحدها السبب في غضب الغرب عليه. هناك سبب مهم هو مصادرة موغابي لمعظم الأراضي التي كان يملكها البيض في روديسيا وتوزيعها على مواطني زيمبابوي السود مع تعويض لأصحابها السابقين من البيض، وأحيانا من غير تعويض .. هذه هي عقدة الغرب الحقيقية مع روبرت موغابي.