حينما طرق باب المكتب الإعلامي الكبير الدكتور عثمان أبوزيد قائلاً افتح الرأي العام لقد نعتك ضياء بوصف مقذع وخرج ولم يضف شيئاً.. فقلت في نفسي علاقتي بضياء ممتازة فما الجرم الذي ارتكبته حتى يصفني ومن ؟ " ضياء" اللهم أعني على قراءة المقال فوجدته في استراحة العدد قد ذكر ما كنا نقوله حينما تهدأ نفوسنا من العمل بعد يوم جهيد كنا ( نخوض ونلعب ) ولم يدر في خلدي بأن النكت التي كنا نقولها جميعاً ستكون مقالاً.. ولكن لله در ضياء. ترددت كثيراً قبل الكتابة ولكنني من الواجب عليَّ أن أضع بين يد القراء حال بعض السودانيين في الخارج وكيف عرفناهم . لقد من الله علينا جميعا بصحبتهم فلا يوجد شعب في نظري في طيبتهم . كيف لا . وهم الذين نجدهم في كل مسجد ومصلى بثوب العابد الزاهد الذي جعل من نفسه ناسكاً متعبداً ، لا ينظر إلى الحياة إلا بنظر المستظل بشجرة ، ودعني أطرح لك بعض الأمثلة إن سمحت ، المثال الأول كان لنا جار في مطلع الثمانينيات واسمه عم عطا وكانت له ذرية صالحة حيث كان حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( تكاثروا تناسلوا فإني مباهٍ بكم الأمم ) شعاره، كان نعم الجار لم نر منه أي شيء عليه أو على أولاده رغم كثرة العدد وبقينا في جواره سنين عددا حتى رحلنا عنهم ومرت الأيام ومرض والدي وذهبنا به إلى المستشفى التخصصي للكشف عليه فوجدنا الطبيب يقول له قبل الكشف لم تعرفني يا عم حسين أنا ابن جارك ( عطا ) لقد انفق عم عطا على جميع أبنائه مدخراته فكانوا أكثرهم في الصيدلة والمختبر والطب وهذا هو حال السوداني في الخارج . قصة أخرى كنموذج عندما التحقت بالجامعة أكرمني المولى عز وجل بأن كان أستاذي في التخصص هو الأب الفاضل والمربي الأستاذ حسن سليمان هذا الرجل المثال الصادق في النزاهة والأخلاق علم كل من تخرجوا على يده في قسم الإعلام بأنه والد للجميع وليس معلماً تنتهي صلاحيته بانتهاء الفصل كما يفعل الآخرون.. حينما تخرجت في قسم الإعلام استمرت علاقتي به ومع ابنه العزيز الدكتور طلال أعواماً عديدة لم تنقطع كنت حينما أراه أقبل يده كما أقبل يد أبي ولا أفرق بينهما أبداً أستشيره في كل أمور حياتي الصغيرة والكبيرة وكأنني ابنه طلال، كنت أعرف مكانه في الحرم وكان يعرفني على رفقائه بلفظ ( ابني عبد الله ) وهذه القصة بعد أن تقاعد وترك الجامعة وتخرجت فيها أنا بعشر سنين فما الذي يجبره على ذلك سوى أصالة هذا المعدن الطيب. أذكر قصة أخيرة.. دخلت إلى المستشفى لأزور والد صديقي بعد عملية جراحية فوجدت رجلاً بجانبه محاطاً بعدد مهول من الزوار فسألت ما به فقال حصل له حادث مروري وحينما دخل المستشفى طلب من العامل أن ينادي له أي رجل سوداني في الشارع وبعد يومين جاء هذا العدد الذي تراه وكلهم لا يعرفونه . لم أسمع عن رجل سوداني امتهن عملاً غير شريف بل كانوا كلهم بسطاء لأنهم أرادوا الآخرة على الأولى جمعهم المسجد وفرقتهم المعصية.. يحبون الله ورسوله تراهم في بيت الله سجداً خشعاً وجوههم كأنها البدر من أثر الوضوء ، حينما تضيق بي الدنيا لا أعرف إلا شاباً سودانياً اسمه خالد عوض أرمي له أثقال همومي فيتلقاها بصدر رحب ويوجهني بأدب سوداني رفيع.. أما بالنسبة للنكتة التي ذكرتها عن صلاة الفجر بأنها تقام الساعة التاسعة مع الإفطار فلم أسمعها إلا من صديق عزيز من بيت الكندورة ولم يقلها غريب . أتمنى أن أكون قد وصفت من عرفت من السودانيين في الخارج بما لمست منهم وهم أكثر مما قلت وأنت تعرف جيداً يا ضياء بأنني كنت من أقرب المقربين للسودانيين في المؤتمر حتى أولئك الذين حضروا من عاصمة الضباب كم كانت سنوات العمر تجمعني بهم.. وكم كان لقائي بهم لقاء الأخ المحب ليس لهم فقط بل لجميع الشعب العظيم ..وإلى أن نلتقي في أرض الخرطوم لك مني السلام. ? صحافي سعودي