السياسة فيها الإثارة، والإثارة تمسك برقاب الإعلام، فما هو مثير يقفز إلى عناوين الأنباء حتى ولو كان غثا خاليا من المعنى، وما كان غير مثير يتأخر دوره في العرض حتى ولو كان مفيدا. ومن هذا المحتوى يأتي الاحتفال بيوم القيد الوطني. الاسم نفسه لا يحمل كثيرا من الجاذبية ولا الإثارة، وكلماته لا تعبر عن حقيقة معناه ولا تعكس أهميته في حياتنا. يحتفل السودان بعد غد- (الأربعاء 16 يوليو)- بيوم القيد الوطني، وفكرة الاحتفال انبثقت من توصيات المؤتمر الأول لتعليم البنات الذي انعقد في 16 يوليو عام 2001. في مدلوله يبدو الهدف منه التشجيع لتسجيل الأطفال في سن التعليم (سن613) مع التركيز على تسجيل البنات في المناطق الأقل استيعابا لهن. يرصد رجال التربية عدة أهداف لتحديد الاحتفال بهذا اليوم، منها تحريك المجتمعات لتنتبه لأهمية التعليم مع تركيز خاص على تعليم البنات. ومنها، دفع المجتمعات المحلية للمشاركة في دعم التعليم بتطوير البيئة المدرسية لتكون جاذبة. ومنها، محاولة إشراك منظمات المجتمع المدني وعلماء الدين لرفع الوعي المجتمعي بأهمية التعليم. ومنها، إشراك التنفيذيين والسياسيين في حملات القيد الوطني لتساعدهم في الوقوف على حقيقة الوضع التعليمي في البلاد. طبعا كما هو واضح فإن الفئات المستهدفة هم الأطفال في المراحل الأولى من التعليم. في البداية كان التركيز على عشر ولايات هي ولايات كردفان الثلاث، ولايات دارفور الثلاث، ولايات الشرق الثلاث، وولاية النيل الأزرق، بحيث يختارون في كل ولاية (4) محليات تكون نسب التعليم فيها متدنية، ليتفاعل معها هذا النشاط سنويا. نفرة هذا العام هي النفرة السابعة (20012008)، وقد نُفذت خلال هذه المدة (360 ) حملة، ويشارك في هذه النفرات عادة التنفيذيون والتشريعيون على المستويين الاتحادي والولائي وبصفة خاصة يشارك وزراء التعليم الولائيين، ومديرو التعليم على مستوى الولاية والمحلية، والمعلمون والآباء والأمهات والأطفال. وقد تصاحب هذا البرنامج السنوي حملات إعلامية مكثفة في البداية يشارك فيها الإعلام المحلي كالحكامات والهدايين يشرحون فيها أهمية تعليم البنات في شكل دراما أو أغاني شعبية، ثم متابعة وتقويم من الفنيين في النهاية وذلك في شكل تقارير ربع سنوية لإدارات تعليم البنات في الولايات ومنسقيات التعليم في المحليات. وبعد .. يساعد القيد الوطني في رفع نسبة الاستيعاب بالنسبة للبنات. فعندما بدأ القيد قبل سبع سنوات كان متوسط نسبة الاستيعاب (46%) ارتفعت الآن إلى (66% ) لكن ما زالت هناك فجوة بين الأولاد (نسبتهم 72?) والبنات (نسبتهن 66%). والتعليم الرسمي يسعى لردم هذه الفجوة أولا، بالإضافة إلى أن السودان يشارك العالم في تبني نظرية (التعليم للجميع) بحلول العام 2015، ولذلك يجري التخطيط لإحداث طفرة في الاستيعاب، وهو نفس السبب الذي جعل القيد الوطني ينتقل في هذا العام لكل ولايات السودان بدل أن ينحصر في الولايات العشر التي تتدنى فيها نسبة تعليم البنات.