من البرامج الأمريكية التلفزيونية الرائجة برنامج (لحظة الحقيقة) وعنوانه بالإنجليزية (The Moment of Truth) وهو في الحقيقة برنامج عجيب يعكس طريقة الأمريكيين في التفكير وفي الحياة. البرنامج، مع بعض التجاوز، هو برنامج أسئلة وأجوبة، وهو ليس مثل باقي برامج المسابقات، بمعنى أنه لا يسأل سؤالا بحيث تكون الإجابة صحيحة أم خطأ. يعني لا يسألك سؤالا فيه إجابة صحيحة وإجابة خطأ، كأن يسأل : من هو الرئيس الأمريكي الذي قتل في العام 1963، فإن أجبت هو جون كيندي فإن الإجابة صحيحة، وإن أجبت بأي اسم آخر فالإجابة خطأ. بل قد تكون الإجابة صحيحة عند شخص وغير صحيحة عند شخص آخر. مثلاً يسألك مقدم البرنامج : هل أقمت علاقة حميمة مع صديقة أخيك. وهم في هذه الأمور لا يستخدمون كلمات المواربة مثل كلمة (حميمة) بل يقفزون إلى كلمات التصريح فيقولون بدل (علاقة حميمة) (علاقة جنسية). فتكون الإجابة بالنسبة مرة صحيحة ومرة أخرى غير صحيحة لأن جهاز كشف الكذب هو الذي سيحدد. فإذا أجابت الأولى ب (لا) وقال جهاز كشف الكذب (الإجابة غير صحيحة) فتكون الإجابة غير صحيحة، وإذا أجابت الأخرى ب (لا) أيضا وقال جهاز كشف الكذب إن (الإجابة صحيحة).. فتكون الإجابة صحيحة. توسطت المتسابقة الشقراء الجميلة والدها الذي جلس على يسارها وشقيقتها التي جلست عن يمينها واستعدت للإجابات بابتسامة عريضة. سألها مقدم المسابقة: هل حدث أن خرجت مع صديقك في سيارة مسروقة. فأجابت بعد صمت قصير (نعم)، وضجت القاعة بالتصفيق، وبعد حوالي عشرين ثانية قال جهاز كشف الكذب (الإجابة صحيحة). ومرة أخرى ضجت القاعة بالتصفيق. سألها المقدم : هل حدث أن تسللت مع صديقك إلى غرفتك من دون أن يعرف أهل البيت بوجوده بحيث قضى الليل معك. تلفتت يمنة ويسرة لكن بغير حرج وقالت (نعم). ضجت القاعة بتصفيق حار بينما كانت الكاميرا مركزة على وجه الأب على يسارها والأخت الجالسة على يمينها. وجاء تعليق جهاز كشف الكذب (الإجابة صحيحة). في هذه المرة صفقت القاعة لكن ليس بنفس حرارة التصفيق الأول. سألها المقدم : هل حدث أن عملت علاقة مع أحد زبائنك، فأجابت (نعم). فصفقت القاعة لكن مع همهمة ملحوظة. وبعد ثوان أكد جهاز كشف الكذب صدق إجابتها. وكان السؤال الرابع : هل حدث أن عملت علاقة مع صديق إحدى صديقاتك. وكانت الإجابة (نعم) وهذه الإجابة تحمل معنيين: التصفيق لأنها لم تخف الحقيقة والهمهمة لأنها فعلت شيئا كان يجب ألا يفعل. وهكذا. وبعد .. الصدق هو القيمة الأولى عند الأمريكان وكل شيء يأتي بعده. لعلنا نذكر الفضائح الجنسية للرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون مع مونيكا بولينسكي. كل العالم كان يظن أن الأمريكان غضبوا من رئيسهم بسبب خيانته الزوجية، لكن العالم اكتشف بعد ذلك أن الأمريكان غضبوا على رئيسهم لأنه كذب في بداية التحقيق وأنكر علاقته مع مونيكا.