أصبح عالم اليوم تحكمه المصالح على إطلاقها المصالح الاقتصادية ،بل أصبح الاقتصاد يحرك السياسة الدولية وهذا بدا واضحاً فى الزيارات التى أجراها الرئيس الفرنسى نيكولازساركوزى الى دول الخليج ودول شمال افريقيا وتوجها بتوقيع العديد من الصفقات دون انعقاد لجان فنية ووزارية مشتركة مع هذه الدول التى زارها وإنما تم ترتيبها عبر سفارات بلاده بتلك الدول ،وأتى هو لتبادل الابتسامات أمام شاشات التلفزة أثناء توقيع هذه الصفقات..أعتقد انه آن الاوان لنأخذ الحكمة من ساركوزى ذلك الرئيس الذى خطف الاضواء بسرعة وهو يوقع تلك الصفقات الاقتصادية وينقل فرنسا والشركات الفرنسية ،بل والاقتصاد الفرنسي الى آفاق أرحب ويغير كثيراً فى الاقتصاد الفرنسي من حالة الجمود التى كان يعانى منها فى فترة الرئيس السابق جاك شيراك ،وبذا نجح ساركوزى فى فترة وجيزة في النهوض بالاقتصاد الفرنسي الذى وضعه فى الطريق الصحيح. ومن هنا أدعوالقيادتين السودانية والمصرية للاستفادة من تجربة ساركوزى هذه بدلاً عن اضاعة الوقت فى انعقاد اللجان الفنية وتعقبها الوزارية والعليا المشتركة بين البلدين لدورات عديدة لا نعرف عددها حتى الآن ؟ وتتوج بتوقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات تراوح مكانها دون تنفيذ يذكر،فالارادة السياسية مطلوبة لانجاح انعقاد اجتماعات اللجنة العليا السودانية المصرية المشتركة اليوم وغداً بالاسكندرية برئاسة علي عثمان طه نائب رئيس الجمهورية والدكتورأحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء المصري وبمشاركة (130) مسؤولاً سودانياً ومصرياً منهم (9) وزراء من كل جانب و(60) مسؤولاً وخبيراً و (21) من رجال الأعمال لدعم العلاقات الاستراتيجية بين السودان ومصر وتوسيع نطاق التعاون بين البلدين في مختلف المجالات خاصة زيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري، وإقامة المشروعات المشتركة بين البلدين لتأمين الغذاء الى جانب تنفيذ الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين منذ رئاسة د.عاطف عبيد رئيس الوزراء المصرى الاسبق للجانب المصرى فى المباحثات والتى توجت فى آخرمشاركة للدكتورعبيد فى هذه الاجتماعات بالخرطوم بتوقيع (35) اتفاقية ومذكرة تفاهم ولكن لعمرى لم يتم تنفيذ إلا القليل من بعض محاورها وما نصت عليه البرامج التنفيذية المصاحبة لهذه الاتفاقيات التى شملت كافة المجالات الاقتصادية ..نأمل أن لا يكون انعقاد هذه الدورة كسابقاتها تخرج بتوقيع اتفاقيات لم تجد حظها من التنفيذ، بل نرجو أن يستفيد البلدان من تجربة ساركوزى الى جانب الاستفادة من المتغيرات التى يشهدها عالم اليوم من ارتفاع فى اسعار السلع والخدمات وتعمل مصر على تأمين حاجاتها من السودان والذى يفترض أيضاً ان يعمل على تأمين حاجاته من مصر،ونبعد عن مفردات البلدين الشقيقين وابناء وادى النيل ونتخذ خطوات اكثر عملية تقوم على الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة وان يكمل كل بلد ما يحتاجه الآخر منه ..أهمس قائلاً:(العبرة فى التنفيذ وليس الاجتماعات الدورية ،علينا البعد عن البيروقراطية والروتين ومواكبة لغة العصر وعالم اليوم).