في مصاف الفضائل وقف المثل الشعبي السوداني موقف الناقد الساخر من هؤلاء الذين انخرطوا عن جادة الحق والعدالة ولا سيما أهل الحكم والسلطة فوصفوا حكمهم بأنه «حكم قراقوش، أو - حكم ابتكو - وابتكو طائر يصنع عشه كهيئة الخيمة من الاعشاب معلقاً بأحد الاغصان فاذا باضت انثاه معط ريشها وأدخلها في العش وزقها كالفرخ حتى يفقس بيضها وينمو ريشها وهو مثل يضرب للظلم الفاحش، وفي العهد التركي كثرت شكوى الناس من كثرة الجباية وفداحة الضرائب وعبروا عن ذلك بأمثال منها: «كان الترك حوض رملة حوض الرملة تب ما يروى». ومما يسيء إلى سمعة الفرد في مجتمعه ان يكون ساعياً في الشر داعياً الى التفرقة بين الأهل والعشيرة.. وقد ذمت الامثال هذا الذي يتجسس الأخبار السيئة «الاضينة» وهي تصغير «أضن» أي الأذن وقالت فيه: «الاضينة دقو واتعضر لو» أي اضربه ثم اعتذر له عذراً غير مقنع استهانة بأمره..وحذرت الامثال من السماح لهؤلاء الذين يسعون بالوقيعة بين الناس.. بتجسس أخبارهم ونقلها ان يدخلوا البيوت وفي المثل: «املا بيتك طوب ولا تملاه عرقوب» وفي المثل ايضاً: «إن دخلوا يغبروا وإن مرقوا يخبروا». وهؤلاء يشبهون «أم عجيب» وهي كنية العنكبوت فقالوا: «أم عجيب تودي وتجيب». فالذي ينقل الأخبار يشبه العنكبوت في حركتها جيئة وذهاباً.. وهي تنسج بيتها وفي سرعة عملها وفي تفاهة النسيج الذي تصنعه.. فالانسان الامثل على العكس من ذلك ينأي بقوله وفعله من تلك المزالق التي تعوق الجماعة من التساند والتعاون.. وتؤكد الامثال الشعبية السودانية ضرورة التعاون بين القوم والأهل.. وتلح على هذا المعنى فمن اقوالها: «ايد على يد تجدع بعيد». أو في آخر: «ان كان في البيضة عروة بشيلوها اتنين». أو في آخر: «الايد الواحدة ما بتصفق». ومن ثم كان السخط كبيراً على هؤلاء الذين يقفون عقبة في سبيل التساند والتعاون بين الأهل والعشيرة.