عكس ما كان يتوقعه تماما الاستاذ عز الدين صباح الخير المدير العام ورئيس مجلس ادارة شركة «المستقبل» للسياحة والذي منى نفسه بصفقة في ذلك الوقت تعد «خبطة» في عالم المال، فشركته حديثة التكوين ستقوم بايجار سيارات متعددة الماركات من «الكوريلا» الى «الاتوس» وباعداد كبيرة ولفترة غير محددة لقيادات حركة تحرير السودان برئاسة مناوي الذين وصلوا الخرطوم حيث كانت ابوجا في عزها «تقدل» كما يقولون. سعى عزالدين بكل قوة وباسم شركته لتوفير هذه العربات من عدة شركات مستغلا اسمه ومحتفظا بحقه في هامش الربح، دون ان يدري انه يحفر قبرا لشركته ويهئ نفسه لقضاء قرابة العام في سجن ام درمان بعد ان طاردته الشركات التي استأجر منها العربات..ولكن حركة التحرير التي امتطى منسوبوها هذه السيارات، فشلت في الايفاء بالتزاماتها المالىة معه التي تجاوزت المليار وتفاقمت الازمة أكثر بعد المطبات التي واجهت الاتفاقية نفسها ابتداء من وفاة الدكتور مجذوب الخليفة وانتهاء بخروج مناوي من القصر احتجاجا. كان المبلغ الملياري عبارة عن مستحقات سبع من شركات ايجار العربات وهي «700.968» لشركة المستقبل للسياحة، و«358.500» للبنان ليموزين، و«329،57» للطيارليموزين ، و«574،67» للخيول ليموزين و«1.600 » للفاضل الامين، و6.100 للصفوة ليموزين و«52.250» للإحساء ليموزين و«8.400» خاصة بشركة ديسكفري ليموزين، ليبلغ الإجمالى «721،270،1» جنيهات. سوء ادارة عندما وصلت قيادات الحركة الخرطوم في وفد المقدمة وحتى اكتمال وصول بقية القيادات الاخرى كانت الامانة العامة والتي يمثلها الامين العام السيد مصطفى تيراب مسئولة بشكل مباشر عن كافة المسائل المالية وتوزيع الفرص والمستحقات لافراد الحركة من ناحية مالية وهي كذلك مسئولة بشكل مباشر عن كل الالتزامات المالية. يوسف حقار المحامي والقيادي بالحركة انتقد بشدة الطريقة التي وزعت بها الامانة العامة هذه العربات واشار الى سوء ادارتها للأمر، وقال ان بعضهم كانت تؤجر له عربتين واحدة له واخرى لزوجته ..وآخرون ليس اعضاء في الحركة، ووصف ما آلت اليه الامور وتراكم الديون بأنه نتيجة طبيعية للطريقة التي تم بها الامر، اضافة الى ان تأخر اعلان السلطة الانتقالية اسهم في زيادة فترة ايجار العربات باعتبار ان تسلم المفوضين والعاملين بالسلطة لمهامهم ووظائفهم الجديدة يقلل عبء المنصرفات على الحركة. وبدا حقار أكثر صراحة وهو يقول ان الاموال كانت تخرج شهريا وفق الاتفاقية كمبالغ تسيير لتسديد فواتير ايجار العربات ولكن هذا لا يتم او يتم بشكل جزئ.. تفاؤل محمد التيجاني الطيب رئيس لجنة انفاذ الاتفاقية من جانب الحركة اكد ما ذهب الىه حقار واشار الى انه وفق ما نصت عليه الاتفاقية فان الحركة كانت تتسلم من الحكومة حوالى «250» الف جنيه شهريا التزمت الحكومة بها في الاشهر الاولي ولكنها تقلصت بعد فترة ووصلت الى «140» الف جنيه .. وتابع ان هذه المبالغ كنا نسير بها العمل داخل الحركة وعلى مستوى الامانة العامة.. واشار التيجاني باصابع الاتهام للامين العام للحركة صراحة بسوء استخدام سلطاته في هذا الشان وقال ل «الرأي العام» «جلسنا وشكلنا لجنة لجرد مستحقات العملاء كلها لحل الاشكال ووجدنا انفلاتاً فيما يتعلق بايجار العربات التي تجاوزت مديونيتها المليار ولم يكن الامين العام يلتزم بدفع المبالغ الشهرية كاملة ولم يستمع الينا في هذا الخصوص». وقال التيجاني ان الحركة تضررت كثيرا من هذا الامر وربما تفقد صدقيتها.. وكشف التيجاني ان نثريات الحركة نفسها توقفت منذ أشهر بطلب من الامين العام نفسه، وقال ان كثيرين من عضوية الحركة يواجهون الآن ضيقا في العيش وصعوبة في السكن.. الا ان التيجاني بدا متفائلا من ان الحراك القادم الذي ستشهده الاتفاقية وفق تصريحات المسئولين الحكوميين فى اطار مبادرة رئيس الجمهورية لحل ازمة دارفور مع بقية القوى السياسية الاخرى ربما يصحح الاوضاع.. مسئولية الحركة الامين العام لحركة تحرير السودان الاستاذ مصطفى تيراب الذي يأتي اسمه في مقدمة كافة المطلوبات المالىة مسئول بحكم وظيفته عن الوضع المالى في الحركة، لكنه رفض بشده الاتهامات الخاصة بتصرفه في اموال تسيير الحركة وقال ل «الرأي العام» ان هذه الاموال تخرج من حكومة وليس شركة او مؤسسة، وبالتالى يمكن مراجعتها ومعرفة من استلمها في وقتها. وهذا الامر متوافر للمتابعين لانفاذ الاتفاقية. ويقول تيراب نائيا بنفسه عن المشكلة: انا فقط في ظل هذه الصراعات والمشاكل والضجة طلبت من الحكومة منذ أشهر ايقاف نثرية الحركة التي لم يكن يتسلمها شخص محدد وانما اشخاص متعددين.وهذا الايقاف ضروري حتى نجلس ونعرف اين تصرف هذه الاموال وكيف؟ اما بالنسبة لموضوع ايجار العربات تحديدا ومسئوليته المباشرة في ذلك فقد قال تيراب انه تم باسم الحركة واضاف:هذه العربات استعملتها قيادات الحركة وهناك اكثر من «15» عربة منها ما كانت تخص مناوي ومرافقيه استعملوها لعدة أشهر. واقر تيراب بوجود انفلات في توزيع هذه العربات وطريقتها، لكنه اشار الى ان هذه العربات في النهاية تم تأجيرها للحركة وليس لمصطفي تيراب بصورة شخصية..وقال انا اتفهم ما يحدث الآن حول هذا الامر من قبل البعض وهو لايخرج من اطار الصراعات داخل الحركة، واضاف: عموماً هناك مساعٍ الآن لاحتواء الامر خاصة ان التواصل مستمر مع الاستاذ عز الدين ونعرف تماما حجم المشاكل والمعاناة التي يعيشها الآن. وعد ومن داخل سجن ام درمان التقت «الرأي العام» عبر الهاتف بالاستاذ عز الدين قسم الله صباح الخير،الذي بدا من خلال نبرته متشائما كما ذكر من كثرة الوعود التي تلقاها في اطار حل المشكلة، وقال انه كان يعرف بعض الاعضاء في الحركة،رفض ذكر اسمائهم وتابع قائلا انه بدأ بايجار عربات للحركة تملكها شركته، ولكنهم طلبوا منه مساعدتهم في ايجار المزيد من العربات مع توافد قياداتهم للخرطوم واضاف ل «الرأي العام» ان العربات من ماركات مختلفة: سوناتا جياد، سوزكي، كورلا، وكامري ولاندكروزر.. بدأ تأجيرها منذ وصول وفد المقدمة. واضاف تواصلت الطلبات الى ان آل الحال الى ما عليه الآن. وبصورة مؤثرة واصل في الحديث: بعت كل ما املكه حتى الآن واستطعت تسديد جزء كبير من المبلغ وتقلصت المديونية من سبع شركات الى اربع فقط وتبقي حوالى 500 مليون جنيه.. واكد قسم الله انه كان يتعامل مع السيد الامين العام مباشرة وتابع: في الاشهر الاولى قبل وفاة د مجذوب الخليفة كانت المبالغ تسدد في موعدها تماما. سألت عزالدين: لماذا لم تلجأ للقضاء لتسترد حقك؟ اجاب انه لم يلجأ للقانون رغبة منه في حل الامر ودياً خاصة ان عدداً من قيادات الحركة يقفون معه في محنته وقال ان المسار القانوني قد يستغرق وقتا طويلا..واشار الى ان هناك املاً في حل الموضوع بعد مقابلة لجنة من الحركة للدكتور نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية ومسئول ملف دارفور الذي وعد بمعالجة الامر. أخيراً وصف مراقبون هذا التخبط المالي بقلة خبرة الحركة اضافة الى الصراعات الداخلية وروح الزعامة التي تتملك جميع القيادات فهي تريد ان تتمتع بكل الامتيازات وبالتساوي، فقط تبقى كيفية الخروج من هذه الورطة في ظل التداعيات الأخيرة.. قطعاً الأمر يحتاج الى حسن الادارة المالية وتنحية الصراعات جانباً، والى ان تحين تلك اللحظة.. يظل مصير قسم الله مجهولاً. !