دولة صغيرة جعلت الأقدار الجغرافيّة الصحراء أهم جيرانها ... تقع فى الأطراف النائية من القارة السمراء و فى الاطراف النائية من اللسان العربى و فى الأطراف النائية من الرابطة الفرانكوفونية ... و فى الأطراف النائية من محور طنجة / جاكارتا ! هذه الدولة الصغيرة يسكنها شعب صغير نال استقلاله أيام ازدهار حركة الاستقلال (الطوعى) ... ثمّ عاشت تلك الدولة عقودا سياسية و هى (نائية) عن المشهد العام ... و لم يلتفت اليها الاقليم و المحيط إلا بعد أن اصبحت صورتها الذهنية تقع على خط متعامد مع الحالة العربية / الافريقية ! و بين هذه و تلك كان الخبر من موريتانيا مثل موقعها خبرا نائيا ... كانت تعيش على الفوسفات و النحاس و المنجنيز و الذهب ... فلمّا بدأ السائل الأسود (النفط) التدفق فيها عرفها العالم ... لم ينسب لموريتنانيا يوما موقف مع أحد أو ضد احد فى الجامعة العربية أو الاتحاد الافريقى أو الاتحاد المغاربى ... و لذلك حين أقامت علاقات مع اسرائيل لم يسمع أحد بتطبيعها , فقد قرأه بعض المتابعين مصادفة فى صحيفة (معاريف) ! عاشت موريتانيا سيرتها السياسية بين حلقتين : حلقة مدنية و حلقة عسكرية ... تداول سلمى و غير سلمى و كلا التداولين لم يلتفت إليهما أحد ... فالنخبة السياسية بوجهيها المدنى و العسكرى نخبة صغيرة ... و التسليم و التسلّم بين النخبتين يتم بين المورييّن وحدهم دون المجموعات السكّانية الافريقية ! لم ينظر العالم الى المشهد الموريتانى الا بعد الانقلاب الذى عزل به (على) معاوية ... حين اقال الجنرال على فال معاوية ولد طايع ثمّ بعد تسليمه السلطة الى المنتخبين ... لكن بعد أكثر من عام عادت النخبة العسكرية بانقلاب مختلف حول جدواه السياسية ... انقلاب قد يعيد الحياة النيابية أو لا يعيدها و لكنّه يلقى تاييدا من بعض الأحزاب و بعض نوّاب البرلمان ! لا تثقلوا على كاهل دولة صغيرة و شعب صغير فتجعلوهما حالة دراسة ... لا تنتظروا من دولة صغيرة و شعب صغير اعطاءكم الدروس فى الديمقراطية و العبر من الانقلابات العسكرية ... فذلك الطراز من الديمقراطيّة كالغربال ... ديمقراطيّة ملئية بثقوب تسمح بمرور دبّابة الانقلاب العسكرى !!