المصيبة لا تكمن فقط في السقوط المتكرر، ولكنها ايضا في مسلسل اختطاف الطائرات من مطار الخرطوم او المطارات الطرفية في نيالا او بورتسودان..عملية الاختطاف تتم بصورة تقليدية ليس فيها تفكير خلاق او دهاء خارق ورغم ذلك يتكرر هذا السيناريو في أكثر من مطار. المسافة بين حسن الظن في المسافرين وضعف القدرات التأمينية للمطار نفسه وتوزع مسؤولية التأمين على عدد من الجهات الرسمية، هذه المسافة كافية لتمرير سكين او مسدس، بل يمكن عبرها ان يسافر شخص ما ممنوعا من السفر، وليكن مرور بعض هذه الاشياء عبرالصالة العادية او صالة كبار الزوار ، التي ربما استنكف اصحابها من اجراءات التفتيش وحدجوا ومسؤول الامن اذا همَّ بالتفتيش بنظرة يطير لها قلب المسكين. الذي تم اختطافه في مطار نيالا ليست طائرة (صن اير) وحدها وانما معها الاجراءات التي سمحت بدخول سكين الى داخل الطائرة.. كل الحيثيات الزمانية والمكانية كانت كافية لاقامة جدار قوي ليس به ثغرة لتهريب ابرة الى داخل صن اير. الاختطاف كان في توقيت قريب من احداث معسكر كلمة، و(كلمة) ليس مجرد معسكر يضم مجموعة من المتأثرين بالوضع في دارفور، ولكنه ايضا رصيد بشري وامتداد جغرافي لحركات مسلحة بعضها ملتزم بوقف اطلاق النار وبعضها الآخر ما زال يقاتل. اما من حيث المكان فإنه لم تكن هناك بقعة ملتهبة في السودان اكثر من نيالا بعد حادثة المعسكر، وفوق هذا فإن مطار نيالا اصبح محطة مهمة لمسؤولي السلطة الولائية والانتقالية والمركزية الى جانب مسؤولي اليوناميد.غير ان هذه الملاحظات ربما لم تكن حاضرة يومذاك في مطار نيالا. لقد نجح الخاطفان في الربط بين احداث معسكر كلمة وبين عملية الاختطاف نفسها، فالتزامن بين الحادثتين جعل بعض الفضائيات ووكالات الانباء تصور العملية وكأنها احتجاج على ما جرى في معسكر كلمة، وليست مجرد عملية اختطاف اراد صاحباها ان يتخذاها مطية الى اللجوء السياسي. وبعد كل هذا التفريط واختطاف الطائرة الى خارج الفضاء السوداني يصبح تسليم الخاطف الى السلطات السودانية امرا صعبا ان لم يكن مستحيلا..فمن هم المختطفون الذين تمت اعادتهم الى السودان من قبل؟!. كم هو فادح خطأ موظف مطار نيالا، اذ استلزم الامر من رئاسة الجمهورية التدخل والطلب من الجماهيرية تسليم الخاطفين! !