التقت (الرأي العام) بالروائي امير تاج السر الذي يقيم في دولة قطر، حيث كتب العديد من النصوص الابداعية ومنها عشر روايات.. منها (مهر الصياح) و(المرايا الساحلية) حاوره الدكتور مهدي بشري وعيسى الحلو لأكثر من ساعة وكان الحديث صريحاً وجريئاً وصادقاً ? انت من الغاضبين.. لقولي.. (الطيب صالح سقف الرواية السودانية).. لماذا؟ - في رأيي الشخصي، لا يمكن احالة الادب السوداني (الرواية السودانية) إلى بناء يحد بسقف معين، وبالتالي لا يمكن، اعتبار الاجيال القادمة، برغم ابداعها الكثير مجرد محاولات لاختراق سقف الطيب صالح. الطيب كتب وابدع بلا شك ونحن كتبنا وابداعنا ايضاً. فهل نكون اسقفاً للاجيال التي تأتي بعدنا؟.. انا من جيل الثمانينيات في الكتابة، وبركة ساكن من جيل الثمانينيات ايضاً، وأحمد الملك ومحسن خالد من جيل التسعينيات وهناك كثيرون بدأوا الكتابة في الالفية الثالثة وكل يكتب ابداعه الخاص بعيداً لما تسميه بالسقف. روايتي (مهر الصياح) التي تترجم الآن الى الفرنسية ونشر منها فصل واحد، انبهر بها الغربيون كثيراً وروايتي الاخيرة «زحف النمل» حققت اعلى مبيعات في معرض القاهرة الدولي للكتاب. وهي الآن من الاعمال المرشحة ل(البكر العربية). لذلك عندما تحدد سقفاً كأنك تضع متبارين - أو متسابقين - من يخترق ذلك السقف؟ واعتقد ان الطيب نفسه لا يرضى بقامته الكبيرة ان يقال عنه بأنه حجب احداً من الظهور أو من الكتابة. المسألة في رأيي هي مسألة نشر وتسويق وهو ما لا يملكه الكثيرون ممن يكتبون في السودان. ? كتب الشاعر والقاص الشاب محفوظ بشرى يقول إن ليس هناك نقد. كل ما في الأمر لا يتعدى ان يكون رأياً شخصياً؟ - اتفق مع هذه المقولة لحد ما.. فالنقد الموجود الآن لا يقوم بتحليل العمل الروائي بحيادية تامة، بمعنى ابراز ما له وما عليه. لذلك تجد النقاد يكتبون بانبهار عن عمل احبوه شخصياً. ويكتبون بلا حماس عن عمل لا يحبونه، متجاهلين اضاءات أو عيوباً في تلك النصوص، انا شخصياً كتب عني كثير من النقاد العرب ولم يكن النقد علمياً أو مؤسساً في كثير من المقالات، واجدهم كتبوا كثيراً عن روايتي «المرايا الساحلية» وروايتي الاخيرة «زحف النمل» بدافع الحب لهذين العملين. وتجاهلوا «مهر الصياح» التي هي في رأيي افضل الاعمال التي كتبتها. ? محفوظ بشرى.. يرى ان النقد على إطلاقه - غير موضوعي؟ - ليس تماماً.. هناك نقد موضوعي وعلمي واكاديمي!.. مصطفى الصاوي يكتب نقداً موضوعياً بعيداً عن تأثيرات ثقل الكاتب ومحمد الربيع محمد صالح عندما يكتب عن الشعر. ? ما رأيك في نقد عبد القدوس وكبلو ومجذوب ومهدي بشرى؟ - كل هؤلاء نقاد محترمون. ? عندما قلت الطيب سقف الرواية قالت لي بثينة خضر مكي.. و«أين أنت؟» (ان كنا نحن دون المستوى فأنت معنا ايضاً)؟ ? انت تسرف في الزهد والتواضع وتشملنا نحن معك دون مراعاة لموقفنا الحقيقي.!!.. رجل مثلك.. ومع وجوده في السودان يفترض ان تلعب دوراً اكبر في انارة الاجيال الجديدة، بدلاً من وضع مقولات تثير الحساسية. حيث تشملك الاحكام التي اطلقتها. ? الدكتور محمد المهدي بشري يدخل في النقاش ويشير الى رفضه للاحكام القطعية خاصة عندما ترد على لسان كاتب متمرس.. لأنه في هذه الحالة سرعان ما يتردد صدى المقولة خاصة وسط الاجيال الجديدة، لأنك بهذا الحكم تظلم كتاباً من اجيال مختلفة على سبيل المثال ملكة الدار محمد... خليل عبد الله الحاج وإبراهيم اسحق ومن الاجيال الحديثة امير تاج السر وأحمد الملك وابكر آدم اسماعيل والطيب سليم. فالحياة مستمرة والسقف مفتوح بلا نهاية. ? الدكتور مهدي.. رأيك في ما قاله محفوظ بشرى عن انه لا يوجد نقد موضوعي؟ - لا أفهم ماذا يقصد بنقد موضوعي!! لا تخلو العبارة من (حراق الروح) وهي مثل عبارة (عيسى) تلقى مساهمات مهمة وثرة واضاءت الكثير من ملامح النص الابداعي وسأكتفي بذكر بعض الامثلة - دراسة تاج السر الحسن عن الابتداعية وكنت قد تحدثت عنها في مهرجان تكريمه واشرت لعدم اهتمام الكتاب والمبدعين بهذه الدراسة وما يقوله محفوظ بشرى تأكيد لما أقوله. وكذلك دراسات عبد الحي عن التيجاني يوسف بشير في كتابه (الرؤيا والكلمات) ودراسة صلاح أحمد إبراهيم عن التيجاني (الجرح والقوس) ودراسات (عبد الرحمن الخانجي) عن الطيب صالح ودراسات وكتابات عبد القدوس الخاتم وهاشم ميرغني وفيصل مالك ومجذوب عيدروس. ? كتاب في جريدة (المقاعد الامامية) أثار ضجة كبيرة.. ما رأيك في المسألة كلها؟ - في رأيي هذه الضجة غير مبررة وما قدمه الدكتور مهدي بشرى كان مكتملاً بتعريفه بالقصة السودانية منذ بداياتها وحتى الآن فلم يكن المجال متسعاً لاختيار نص على حساب نص كما ذكر الذين انتقدوا العمل. هو يقدم نماذج للكتابة وليس افضل ما عند الكاتب كما اثير، وايضاً ان ما اثير حول تجاهل اسماء في القصة وابراز اسماء ليس لديها مساهمات في القصة ففي مثل هذه الانطلوجيا المحدودة الصفحات لا يمكن ايراد كل شىء. كما لا يمكن تجاهل كتاب لهم كتابات كثيرة. لذلك فان العمل برمته اعتقد انه وصل الى الذهنية العربية تبقى بعد ذلك مجهودات الكتاب انفسهم. والادب يحتاج لتسويق فالدكتور مهدي فتح الطريق امام الابداع السوداني. ? الدكتور مهدي بشرى يسأل الدكتور تاج السر.. انت كاتب مكثر انتجت احدى عشرة رواية عكس ما هو معروف عن الكاتب السوداني المقل؟ ألا تعتقد ان الاكثر قد يضعف النوع؟ - بالنسبة لتجربة عمرها اكثر من عشرين عاماً فان احد عشر كتاباً يعتبر رقماً ضئيلاً. ذلك اذا قيس بكتاب عرب بدأوا بنفس زمن بدايتي، أما بالنسبة للكتاب السودانيين فقد اعتبروا ذلك اسرافاً في الكتابة، بالنسبة للذين تناولوا اعمالي بالتحليل لم يقل احد ان كتابتي ضعفت بل بالعكس اشادوا بالتنوع، كتبت في البداية عن شمال السودان، ثم عن شرق السودان واستوحيت من التاريخ، وكل عمل له طعمه الخاص، وايضاً في رأيي ان الاقلال في الكتابة ما دام الشخص كاتباً يصيب الذهن بالصدأ وتوجد امثلة كثيرة عن الذين توقفوا ولم يستطيعوا استئناف الكتابة مرة اخرى. ? السؤال من الدكتور مهدي.. «درج الدكتور على زيارة السودان بانتظام والالتقاء بالكتاب والناشرين - كيف يرى المشهد الثقافي الراهن في السودان، حيث اتيحت له العديد من اللقاءات كنادي القصة، حيث قدم تجربته الابداعية»؟ - اولاً انا افتخر لانتمائي للمشهد الروائي السوداني على اعتبار انني لم اكتب الا عن السودان، وفي زياراتي للسودان احاول الالتحام بالمثقفين والكتاب، لكن لا اجد تفاعلاً كافياً من العاملين بالوسط الابداعي فالبعض يظنني متطفلاً يحاول اقتحام هذا الوسط.. بعد ان حققت نتائج طيبة في الخارج، وايضاً محاولاتي في مساعدة البعض لنشر اعمالهم في الخارج لا تجد ترحيباً. لهذا لقد قررت ان اكف عن هذه الجهود.. بالنسبة للندوة التي اقمتها في نادي القصة كانت جيدة وبحضور طيب لكن بعد ذلك اختفى المشهد تماماً من امامي