حتى الآن لم يصدر منشور رسمي من بنك السودان المركزى يضفي صبغة رسمية او يقنن الضوابط الجديدة التى شرعت البنوك والصرافات فى تطبيقها قبل نحو أسبوعين ولكن على ما يبدو تمت باتفاقية (جنتلمان) وبرضى ومباركة من بنك السودان ،الذى أعطى الضوء الأخضر الى البنوك والصرافات لبدء التعامل بهذه الاسعار الجديدة لصرف الدولار، والتى يصعب وصفها على انها تحرير لسعر الصرف او تعويم للعملة او اي وصف اقتصادي آخر ، طالما لم يتم تنفيذها بمنشور رسمي من قبل البنك المركزى ليحدد فيه ماهية السياسات الجديدة، هل هي تعويم للعملة الوطنية وتحرير لاسعار الصرف، ورؤيته للمرحلة المقبلة ومقدرته على الوفاء بالطلب على النقد الاجنبي، وموارده الحقيقية التى دفعته الى اتخاذ تلك الخطوة او تلك السياسة وغيرها من الاسئلة الحائرة التى تبحث عن اجابة . ولكن عموماً بدأت الصرافات فى تطبيق الاسعار الجديدة لصرف الدولار مقابل الجنيه السوداني بقرار من اتحاد الصرافات قال انه استند الى موافقة بنك السودان الذى وعده بان يتدخل ويضخ الدولارات للصرافات اذا عجزت عن الوفاء او مقابلة الطلب المتزايد على الدولار، لتشرع الصرافات فى تطبيق هذه الزيادة فى سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني، ليبلغ سعر بيع الدولار نحو (5) جنيهات، و(20) قرشا للجمهور لمقابلة اغراض السفر والعلاج والدراسة بالخارج وتحاويل الاجانب العاملين بالبلاد مقارنة بالاسعار السابقة والبالغة نحو (2) جنيه و(93) قرشا، اي فاقمت هذه الزيادة فى اسعار الدولار بالصرافات، من الاعباء على الجمهور او المواطنين بزيادة بلغت نحو (90%) فى الاسعار، وحرمتهم من امتياز كان يمنحه البنك المركزى بالسعر الرسمي ليصبح السعر الجديد (مقاربا ، او فى مستويات) السعر بالسوق الموازى او تجار العملة، ولكن _ كما يقولون الحسنة الوحيدة انه زاد من حجم المبالغ الممنوحة لهؤلاء المسافرين الذين حملهم اعباء الزيادة فى سعر الصرف لتبلغ هذه المبالغ الجديدة فى حدها الادنى نحو (3) آلاف دولار وفى حدها الاعلى نحو (10) آلاف دولار مع الغاء تسليم المبالغ للمسافرين بالمطار ليتم تسليمها بالصرافات مباشرة ونقداً. هذه الزيادة في سقوفات المبالغ الممنوحة للمسافرين الى نحو (10) آلاف دولار وتسليمهم لها نقداً فى الصرافات دفعت (تجارالعملة) الى تحويل نشاطهم الى الصرافات مباشرة، والتى اصبحت تشهد صفوفاً من المواطنين او المسافرين الذين كانوا فى الأصل يسافرون الى الخارج بتمويل من ( تجار العملة) ، ويعودون بعد سفرهم القصير بكميات من الدولارات محدودة ، والآن هذه الكميات اصبحت كبيرة ، وبالتالي من السهل ان يقف هؤلاء صفوفاً طويلة طالما سيمنحون هذه المبالغ الكبيرة، ثم يعودون بعد سفر قصير الى احدى دول الجوار التى لا تحتاج حتى السفر عبر المطار ليقفوا مجدداً بهذه الصفوف، وبدلاً من ان يتم تسريب (2) مليون دولار كان يلتزم بها بنك السودان يومياً الى الصرافات للوفاء باحتياجات عملائها لاغراض السفر والعلاج والدراسة وتحاويل الاجانب، ستزيد هذا المبالغ الآن الى ملايين الدولارات ، لتتسرب كميات كبيرة وضخمة الى السوق الموازى وتجار العملة، والذين سيعملون ب(لغة اشترى وخزن) على تخزين هذا الدولار لليوم الاسود او للسوق الاسود ، وبعد ان يضعف ايقاع الصرافات وتعجز عن الوفاء بذات المبالغ والسقوفات المفتوحة للمسافرين ويتم من بعد مراجعة هذه السقوفات ووضع ضوابط وقيود جديدة على المسافرين ، وتظهر الندرة فى الدولار ، ينشط السوق الموازى او تجار العملة ، ويمارسون (مضاربات ) مجدداً فى اسعار الدولار ، وتعود الكرة الى المربع الاول . ويبدو ان العودة الى هذه المربع بدأت بسرعة لاسيما وان اسعار الدولار فى السوق الموازى استقرت الآن فوق ال(5) جنيهات، و(60) قرشا ، وقابلة لزيادة اكبر، والمناخ مواتٍ لمضاربات محتملة فى الدولار، فى ظل شكوى الصرافات من عدم توفر النقد الاجنبي الكافي لمقابلة هذه السقوفات المفتوحة للمبالغ الممنوحة للمسافرين، الى جانب شكوى الصرافات من الصفوف غير المبررة بحثاً عن الدولار .. لتتحول بذلك عملياً (الصرافات الى نافذة لتجارة العملة)، ولكن فقط تحتاج الى تقنين هذه الممارسة حتى تصبح تجارة العملة مقننة بدلا من انها محظورة بالقانون ، او يصدر بنك السودان منشورا يوضح فيه الصلاحيات الممنوحة للصرافات، كما تتدخل الاجهزة الرقابية الاخرى حتى لا يتضرر الاقتصاد الوطنى من هذه الممارسات الخاطئة، او تعود الصفوف بشكل جديد، ولكن ليس للسلع كما كان فى السابق ، وانما صفوف ل(الدولار) والذى فيما يبدو اصبح سلعة يباع ويشترى على عينك يا تاجر.