إذا لم تحدث معجزة فإن غالبية صحف الخرطوم سوف تختفي من أكشاك الجرائد - بل ان بعضها قد احتجب فعلاً وأخريات انطوين إلى الأبد.. مشاكل الصحف السودانية التي تجاوز عددها الثلاثين معروفة ولكنها تفاقمت في الآونة الأخيرة بارتفاع اسعار مدخلات الطباعة ويعتقد ان السبب في ذلك يعود الى الارتفاع العالمي الذي طرأ على اسعار ورق للطباعة واحتكار بعض الشركات المحلية التي تتولى استيراد مدخلات الطباعة وعلى رأسها الورق. ناشرو الصحف يشتكون ايضاً من شح الاعلانات والإعلانات الحكومية بالذات والحكومة كما هو معروف هي المصدر الرئيسي للإعلانات إذ أنها تضخ نحو «60% » منها.. ويقول بعض الناشرين انها لا تقسم بعدالة - يعني هناك خيار وفقوس وليس على أساس معدلات التوزيع وهي المؤشر الحقيقي للرواج.. فبعض الصحف- رغم تدني توزيعها تُمنح صفحات كاملة من قبل كثير من المؤسسات المركزية والولائية من الاعلانات مدفوعة القيمة تحت عناوين «متابعات» أو «تسجيلية» مما يربك القارئ بل ربما تضلله.. في الحقيقة ان صناعة الصحف في بلادنا وخاصة المستقلة منها تناضل هذه الأيام من أجل البقاء.. وكما يقول المثل فإن «رأس المال جبان»- وهذا ينطبق على الصحافة السودانية ، وقليل من المستثمرين السودانيين هم من لهم القدرة المالية لدخول تلك المغامرة..مثل الاستاذ محجوب عروة الذي أعلن في عموده في «السوداني» يوم الاحد أنه قرر إصدار صحيفة جديدة باسم «الاسواق الاقتصادية» ليس من «أجل المال» ولكن «للمشاركة» في قضايا الوطن وبث الوعي والاستنارة».. بعض الصحف حاولت حل مشاكلها المالية والإدارية بترشيد الانفاق.. وقد اخذت بهذا النهج حتى الآن صحف «التيار» و«ألوان» و«الرأي العام» وذلك بالاستغناء عن «فائض» محرريها وإدارييها.. وبعضها بتقليل عدد النسخ المطبوعة وبعضها بتقليص عدد صفحاتها لتوفير مدخلات الصناعة.. ? أما صحيفة «سيتزين» الخرطومية «هناك صحيفة أخرى تصدر في جوبا تحمل نفس الاسم» فإنها تحاول ترشيد منصرفاتها بزيادة سعر النسخة الواحدة من جنيه واحد إلى جنيهين.. اعتقد ان كل تلك الجهود لن تأتي أكلها على الأقل بالنسبة لغالبية الصحف السودانية المستقلة إلا عبر اندماج هذه الصحف كما تدعو الحكومة رغم معارضة غالبية الناشرين الذين يصرون على الاستمرار باستقلالية والمضي قدماً بصرف النظر عن المشاكل التي تواجههم.. ? ولكن المؤكد في نهاية المطاف ان غالبية صحف الخرطوم ستكون في ذمة التاريخ..