أثار قرار لجنة النصوص الشعرية بالمصنفات الأدبية والفنية برفض عدد من النصوص الشعرية الغنائية لمجموعة من الشعراء الكبار منهم التيجاني حاج موسى، والسر عثمان الطيب ومدني النخلي.. مؤخراً، أثار هذا القرار الخطير الكثير من الجدل والنقاش في الأوساط الفنية.. حيث عقد قبلها السموأل خلف الله وزير الثقافة مؤتمراً صحفياً خاصاً بذلك في الأسبوع الأخير من شهر مايو، للجنة النصوص الشعرية بالمجلس الاتحادي للمصنفات الفنية والأدبية، لتوضيح شروط اجازة النص الشعري وفق ما جاء في لائحة تنظيم أعمال اللجان الأدبية والفنية للعام الجاري.. الخطوة الاستثنائية هذه، عدتها الأوساط الفنية أنها المسمار الأخير لدى المؤسسة الرسمية في حياديتها الابداعية تجاه النصوص، وقبلها تجاه (الشعراء)..! أحد المأزومين) من قرار اللجنة، الشاعر مدني النخلي أوضح جزءاً من الأسباب بقوله: أنا لا أعرف المقاييس والمعايير التي تقوم بموجبها لجنة النصوص الشعرية الحالية باجازة النصوص والقصائد الشعرية الغنائية الجديدة، هذا الجهاز -والحديث للنخلي- جهاز حكومي ليس لدّي أي رأي فيه، خاصة وان الأستاذة هالة قاسم نجحت في ادارته، لكن ما أعيبه على لجنة النصوص هذه هو تعاملها بطريقة تعسفية مع نصوصنا، ولهذا فأنا أعلن الآن أني لن أتعامل مجدداً مع هذه اللجنة.. ما أفاد به مدني النخلي قرار خطير أعاد ترتيب (قوائم الشعراء) وفق تصنيفات (جديدة) يشتم فيها البعض رائحة (الأيدولوجيا).. إلا أن الوزير السموأل خلف الله نفى ذلك تماماً بقوله:(عدم اجازة النصوص المقدمة للجنة، لا علاقة له بأية انتماءات سياسية، فقط يتم ذلك -كله- وفق الشروط والضوابط المقدمة من لائحة تنظم أعمال اللجان الأدبية والفنية).. ما حدث اليوم.. يعيد ذات السيناريو السابق الذي تفوه به الأستاذ عبد الباسط سبدرات عضو لجنة النصوص الشعرية الغنائية في فترة سابقة من تاريخنا الفني، بقوله في حوار صحفي بهذا الخصوص: (جاء إلينا في لجنة النصوص التي كنت عضواً بها، الفنان أبو عركي البخيت بأغنية (عن حبيبتي بحكي ليكم)، وأذكر أن شاعرها الأستاذ سعد الدين ابراهيم جاء الينا بهذا النص في اللجنة لاجازته، فقلت له: كيف طيرة تشيل برتكانة؟ فبكي سعد الدين، ولازالت دمعته تؤرقني).. وأضاف سبدرات: اقول لسعد الدين، عفا الله عما سلف، فنحن تعاركنا في برتكانة، ولم نتعارك اليوم في )قنبلة( - في اشارة إلى أغنية (قنبلة)، وختم سبدرات بقوله: على كلٍ هي فترة كان فيها الغناء مجيدا، وفيها أجزنا معظم الغناء السوداني.. وعن ذات السيناريو الذي حدث اليوم أشار أحد أعضاء لجنة النصوص السابقة -رفض ذكر اسمه- بقوله: (جاءنا في لجنة النصوص تلك، أغنية الشاعر الكبير الراحل سيد أحمد الحردلو والتي يقول فيها (يا بلدي يا حبوب) ولكن شاعرنا الكبير ابراهيم العبادي رفض -حينها- كلمة (مركوب) الواردة في النص، فقال له أحد أعضاء اللجنة أن الشاعر المصري الكبير صلاح عبد الصبور قد قال في نص غنائي ورتقت نعلي وشربت شاياً في الطريق)، ولهذا ففي النهاية مرّت القصيدة، وتمت اجازتها، وقدمها الراحل الدكتور محمد وردي. هذه اعترافات شخصية أولى بها بعض أعضاء لجان النصوص الغنائية سابقاً، للتعبير والتفكير فيها، مما دار خلف الكواليس، من اجازة النصوص أو عدمها لأسباب قد تبدو ظاهرية ولكن ما خفي منها عبارة عن جبال جليد ساكنة في الأسفل.. وعليه.. هل تعيد هذه اللجنة أو تعدل نص قرارها في عدم اجازة هذه النصوص الشعرية الغنائية لهؤلاء الشعراء الكبار..؟ هل اعتمدت اللجنة -المعنية- في قرارها على الذائقة الفنية الأدبية، الابداعية.. أم أن وراء قرارها -حالة سياسية..؟ هل الحكاية (تصفية حسابات) قديمة بين الشعراء، أم )مكاواة( ابداعية..؟ على كل حال ما حدث يفتح نافذة خطيرة تجاه الوعي الابداعي لدينا، ويُذكر البعض ببعض مواسم )محاكم التفتيش( الابداعية.. ولعل لسان حال هؤلاء الشعراء، ما قاله الشاعر المصري الكبير كامل الشناوي) كلما فقدت صديقاً دفنته في صدري وأقمت له ضريحاً، واليوم.. امتدت يدي إلى صدري فوجدته مليئاً بمئات الأضرحة..). الآن.. تمد الساحة الفنية يدها إلى صدرها لتجده مليئاً (بالمقابر) الجماعية للنصوص الشعرية لفحول الشعراء الكبار، وهل يُعقل أن نعطّل نصوص شاعر قال يوماً: مطر الحزن.. عاود هطل جدد عذاب الأرصفة..!!