كثيرا ما يأتي الطفل بمعلومات واخبار، ويتحدث بقصص وروايات، ويسرد حكايات كثيرة يمر بها مع زملائه في الروضة او المدرسة، ولكن بعد ان تحاول اسرهم التأكد من رواياته يجدون اغلبها من وحي خياله، وربما كان فيها قليل من الصدق، اما الباقي فهو من نسج افكاره. فالكذب عند الأطفال مشكلة ظلت تعاني منها الكثير من الأسر عندما ينكشف الستار عن طفلهم الذي اعتاد ان يكذب في حديثه وبصورة مستمرة، ويزداد مع مرور الأيام.. وهناك بعض الاسر تجهل هذه المسألة فيبلغ الطفل مرحلة الادمان في الكذب. بعض اولياء الامور في حديثهم ل(الرأي العام) يرون ان الاطفال يكذبون عند الحاجة ، ولكنهم قالوا: انهم يشجعون الصدق كشيء جوهري وضروري في السلوك، ويغضبون عندما يكذب الطفل. واضافوا: ان الأطفال يجدون صعوبة في التمييز بين الوهم والحقيقة، وذلك خلال المرحلة الابتدائية، فيميلون إلى المبالغة، وفي سن المدرسة يختلق الأطفال الكذب أحيانا لكي يتجنبوا العقاب، أو لكي يتفوقوا على الآخرين أو ليتصرفوا مثلهم ، والبعض من اولياء الامور يرون أنه يجب ان لا يعطي الآباء الاطفال فرصة للكذب وان يعاقبوهم عليه في اللحظة ، وقالوا: لأنهم اذا تركوا اطفالهم يكذبون بحجة انهم اطفال ذلك يساعد على ادمانهم الكذب الى ان يكبروا. و ترى (منى) ربة منزل: أن الطفل يكذب عندما يشعر بالنقص في ناحية ما؛ فمثلا قد لا تتوفر له في أسرته بعض ما يتوفر لدى أقرانه وأصدقائه، لذا فهو يلجأ إلى تخيل ما يتمنى وادعاء ذلك له، ويسهب في ذلك لتفادي نظرة النقص التي توجه له من قبل زملائه أو الذين يستمعون إليه. أما (ندى) فتعتقد أن طريقة التعامل الخاطئة من قبل الآباء مع الأطفال عند خطئهم بالضرب والإهانة والشتيمة، لذا فإن الطفل بتقديره القاصر يرى أن الكذب هو الحل الأمثل للهروب من الإشكال، ومع الأيام يتمادى ليصبح متمرساً به ومعتاداً عليه. وتتساءل (تهاني) هل نحن صادقون؟ إن الكثير من الآباء يغفلون عاقبة الكذب حتى وإن كانت كذبات صغيرة أمام الأبناء، وهم لا شك القدوة، وتعتقد بحسب تعبيرها أن شرارة كذب الأبناء تبدأ بالبيئة التي يحيون فيها ويتأثرون بأفرادها. وإلى ذلك توضح الباحثة الاجتماعية (نهلة حسن البشير) الأسباب التي تدفع الطفل إلى هذا السلوك السيئ، حيث تقول: بداية الكذب خلق مكتسب من البيئة والمجتمع، ولاعلاقة للوراثة به، لذا فالمشكلة تكمن في أساليب التربية وليست في طبيعة الشخص، وتضيف: ولا ننفي الدور الذي يقع على عاتق الوالدين في اكتساب الطفل ذلك السلوك، فقد يكذب الطفل لرؤيته احد الوالدين يكذب للخروج من مأزق ما، او نتيجة لخوفه من رد فعل الوالدين او لمخالطته رفاق السوء، وقال: حتى نحصن اطفالنا من الكذب يجب ان نلبي لهم احتياجاتهم ما امكن مع ضرورة ان لا يؤدي ذلك الى مرحلة التدليل ، او المنع فيؤدي به الى المنع او الحرمان،وقالت: يجب على الوالدين التفرقة بين فترتين يمر بهما الطفل في مقتبل حياته، وهما فترة الكذب التخيلي وفترة الكذب المحض. فالطفل لا يدرك الكذب إلا بعد سن الخامسة تقريبا، وقبل ذلك يسيطر عليه (خيال واسع)، فيكون كذبه خلال تلك الفترة (3-5 سنوات) غير مقصود أو متعمد (كذب تخيلي)، وهو مطلوب ويمكن توجيهه لتنمية الإبداع لدى الطفل، فنوجهه نحو الروايات والقصص الخيالية المفيدة.