*(انتقد).. هذه هي بداية الخبر الذي نقلته إحدى الصحف عن البروفيسور الزبير بشير طه والي الجزيرة حول إهمال الحكومة للموارد الطبيعية التي يتمتع بها السودان، مما جعل البلاد تدور في حلقة مفرغة، وأدت الى عدم ابتكار حلول للمشاريع الزراعية، ولم يتحقق الشعار الشهير (السودان سلة غذاء العالم). * يمكن تخفيف كلمة (انتقد) لأنها من انتقاء المحررة التي أوردت الخبر، الى كلمة (اشتكى) فهي تناسب الوضع البروتوكولي للولاة والوزراء الذين لا يميلون في الغالب إلى انتقاد الحكومة بهذه الصورة العلنية الجارّة (بتشديد الراء) للمشاكل. * حضرت ندوة أُقيمت داخل مبنى صحيفة (الرأي العام) قبل فترة للوقوف على الحوادث المميتة بطريق الخرطوم - كوستي، وتداعت الى الندوة مجموعة من المختصين، على رأسهم بالطبع مسؤولون في شرطة المرور. * بالحديث المباشر مصحوباً بعرض على شاشة البروجكتر، تطرّق الضابط المتحدث الى عدد من الأسباب، منها أن العربات العاملة متهالكة وغير صالحة، ومنها أن بعض السائقين لا يتقيّدون باللوائح ...الخ. * على ذات النسق قرأت ملخصاً لحديث الأمين العام لديوان الضرائب في المؤتمر الصحفي الأخير حول الإجراءات الاقتصادية.. من بين المثالين السابقين فإنّ حديث الأمين العام لديوان الضرائب يستحق وقفة. * اشتكى الأمين العام من جهات تحمي العاملين في مؤسساتها من دفع الضرائب، ودمغ الأمين العام جهات عليا بالتهرب الضريبي والمساهمة في تأخر تحصيل الضرائب من بعض الشركات الأجنبية والمستثمرين، واتهم ولاية لم يسمها بإعفاء مستثمرين وأجانب من الضرائب أو تولي دفع ضريبة أرباح الأعمال بدلاً عنهم، وأكد على وجود عدد من الوزارات والوحدات الحكومية لا تقوم بتوريد ضريبة الدخل الشخصي وضريبة الدمغة والقيمة المضافة. * هذه نماذج ثلاثة وهي على سبيل المثال لا الحصر، ويمكن لمحبي تتبع التصريحات المصابة بخلل في هرمونات الاختصاص، أن يجد طائفة أخرى من هذه الأمثلة. * لمن يشتكي والي الجزيرة إهمال الحكومة للموارد الطبيعية التي يتمتع بها السودان؟. ولمن يقرع مسؤولو إدارة المرور الأجراس بشأن الترخيص لعربات غير صالحة للسير في الشوارع وسائقين غير ملتزمين باللوائح؟. وبمن يحتمي الأمين العام لديوان الضرائب أمام هذا التجاسر (على) أو التجاهل (ل) ديوانه؟. * يختار الناس الوالي أو الحاكم للعناية بالموارد الطبيعية (ضمن مهام أخرى)، ويتوقعون من رجال المرور ضبط المخالفات، وينتظرون من ديوان الضرائب منع التهرب.. أم أن عليهم إلا ينتظروا؟!.