حتى نيّة الإصلاح تعمل بالتوقيت المحلى، فكل خطوة إصلاح لها ميقاتها... لا جدوى لإصلاحٍ إذا جاء متأخراً، إلا إذا عُومل الإصلاح بمنطق أنْ تأتى متأخراً خيرٌ من ألا تأتى أبداً! تناقلت الوسائط إفاداتٍ منسوبة للسيّد وزير العدل بأنّه لن يتهاون مع المعتدين على المال العام والمشبوهين بتهمة الثراء الحرام وسيعمل على إرساء مبدأ المحاسبة لاستعادة المال المنهوب وإعمال القاعدة المشهورة (من أين لك هذا؟)... وإمعاناً فى إثبات جدّية نيّته قال إنّه عمّا قريب سيعلن أسماء (الجوكيّة) ليكشفهم للملأ... ثمّ أعلن بأنّ مكتبه سينتقل يوم الخميس القادم من بُرج وزارة العدل إلى نيابة الثراء الحرام! منذ سنين عدداً تكشف تقارير المراجع العام فى كل عام عن حجم الإعتداء وفنون الإعتداء على المال العام، حتى صرنا نتأكد من أنّ عاماً ولّى وعاماً جديدا أقبل بظهور تقرير المراجع العام... ومع ذلك لم نسمع حتى الآن عن معتدٍ على مالٍ عام قُبِض عليه، لا نسمع إلا عن مُحاسِب صغير صَرفَ راتب خمسة مُتوفين، أو مُحاسِبة مُبتدئة تلاعبت فى إذونات صرف! بعد تحيّة وزير العدل على نيّته التى سيعمل بها لمحاربة الثراء الحرام، إلا أنّ ذلك جاء متأخراً جداً، فقد أثرى مَنْ أرادوا الحرام حتى لم يتركوا لمن أراد الثراء الحلال شيئاً... انتهت مباراة الثراء الحرام، فهؤلاء إنْ بحثت عنهم ستجدهم الآن أهل خير وبرٍ وإحسان، يلجأ إليهم الملهوفون و(الملهوفات)! اصحاب الثراء الحرام هم اليوم ليسوا أصحاب ثراء حرام فقد أنجزوا ذلك قبل عشرة أو عشرين عاماً، لذلك اختفت أدوات الجريمة، وكل ما يعملونه الآن حلالٌ فى حلال! سيادة وزير العدل، لمرضى الفشل الكلوى والسرطان ربٌ يحميهم ويفتح لهم دروب التعافى فلا تدغدغْ مشاعرهم بأنّ أموال الثراء الحرام المُصَادرة ستؤول إليهم... انتهت مباراة الثراء الحرام، فوزيرالمالية نفسه قال إنّنا دولة مُفلّسة... يا سيادة الوزير، لا تتجشّم مشاق إنتقال مكتبك من البُرج إلى النيابة، فنيابة الثراء الحرام فيها وكلاء نيابة ومحامون لكنْ ليس بها مُتهمون!!