لا يحتاج مولانا محمد بشارة دوسة وزير العدل الى نقل مكتبه لمقر نيابة الثراء الحرام لمتابعة ملفات الاعتداء على المال العام.. ولا يحتاج وزير العدل الذى حقق خلال فترة توليه الوزارة نجاحاً مهنياً سيبقي محل تقدير من كل الذين تابعوا ويتابعون نشاط وهمّة مولانا دوسة بمزيد من القدير والاحترام.. وزير بكل هذه القدرة والفاعلية لا يحتاج لإعلان نقل مكتبه الى أى دارة من إدارات وزارته ليتابع ملفات المخالفات المختلفة.. ولا يحتاج مولانا دوسة الى (زحمة) مكتبه الأنيق ببرج وزارة العدل بصفوف وزيارات المواطنين للتبليغ عن اية معلومة تدل على الثراء الحرام كما قال بذلك أمام البرلمان أول أمس.. لا يحتاج مولانا لكل هذه المبادرات والنيات الحسنة لتأكيد ولاية وزارته على ملفات الاعتداء علي المال العام، ولا يحتاج مولانا دوسة لنشر قائمة بأسماء الجوكية الذين إستولوا على ملايين المليارات من (المخدة التأمينية) لمال السودانيين بالبنك الركزي و (رقدوا) نائمين داخل السجون والحرساسات المكيفة.. لا يهمّهم البقاء سنين عدداً لحين السداد لأنّ بعضاً منهم يعلم تمام العلم انه يستثمر فى سجنه هذا.. وسيخرج رابحاً ذات يوم! ما نحتاجه أخي الوزير حقاً وصدقاً هو تفعيل القوانين التى ولج من ثغرة ضعفها الذين نهبوا مال الشعب وذهبوا بعيداً بسبب ضعف الاجراءات الرقابية عليهم.. ما نحتاجه حقاً هو لحظة توقف أمين مع الله سبحانه وتعالي لنسأل: كيف حصل بعض المقربين على كل هذه المليارات بشروط واهية وضعيفة وبلا ضمانات صارمة تجبرهم على إسترداد المال العام (غصباً عنهم)! ماذا يستفيد الشعب السوداني من نشر قائمة الجوكية؟ .. ليس لشعبنا مصلحة فى التشهير بهم إن كانت الدولة ممثلة فى وزارة العدل لا تستطيع محاسبتهم وملاحقتهم بغير وسيلة التشهير هذه.. ما يريده الشعب حقاً وصدقاً هو إسترداد هذه الاموال والعمل الجاد على سد الثغرات مستقبلاً حتى لا يلج منها اصحاب النفوس المريضة والطامعون فى أكل المال العام بالباطل. نقدر عالياً لمولانا دوسة اجتهاده وحرصه على طهارة الحكم وسيادة القانون.. ولن تتحق هذه الأمنية الغالية الا بتضافر الجهود المختلفة والتعاون لتحقيق الشفافية والطهارة فى التعامل والتعاطي مع المال العام.. لن ننجز كثيراً إن ذهبت وزارة العدل وحدها لتفعيل قوانين مثل قانون (من أين لك هذا) ..وزارة العدل ستجد نفسها عاجزة ومرهقة وهى تطارد المخالفين.. وسيرهق مولانا دوسة نفسه بتلقي الشكاوي بإستقبال مكتبه وببرج العدل عندها لن يجديه نفعاً نقل مكتبه لنيابة الثراء الحرام أو أية نيابة أخري.. ستتقوي وزارة العدل بتقوية إرداتها.. وليس بمبادرة نقل مكتب الوزير الذى يستمد سلطته من قوته وليس من قرب مكتبه من هذه الإدارة أو تلك! شكراً مولانا دوسة على حسن النويا.. لكن أمتنا تترقب فجر تطبيق روح نصوص القوانين ..هذه أمنيتنا! نقلا عن صحيفة الأهرام اليوم 4/7/2012م