فى فبراير من العام الماضى أعلنت الإدارة الأمريكية وعلى نحو مفاجىء، إعفاء مبعوثها الخاص إلى السودان الجنرال المتقاعد سكوت غرايشن من منصبه في السودان وتعيينه سفيراً للولايات المتحدة في كينيا، ورأى الكثير من المحللين فى ذلك، انتصارا لمعسكر الصقور داخل الادارة الامريكية، الذين يرون فى سياسة غرايشن فى التعامل مع الملف السودانى انها تتسم بالتساهل مع الخرطوم، نجح منتقدو غرايشن من ابعاده من الملف السودانى، وخلفه فى المنصب برستون ليمان الذى تولى الملف بين السودان وجنوب السودان، ودانى سميث الذى تولى ملف دارفور.غرايشن سيغادر مع نهاية هذا الشهر موقعه فى نيروبى كسفير للولايات المتحدة بحسب تقارير صحافية متواترة ، ولذات الاسباب التى نقل بها من ملف السودان الى السفارة الامريكية بنيروبى ، وهذه المرة عزز معسكر الصقور الرافض لسياسة غرايشن الهادئة فى المنطقة، عزز اتهاماته بتقرير لفريق من الخارجية الامريكية عن حالة العمل بالسفارة الامريكية فى نيروبى. وخلص التقرير الى ان اسلوب غرايشن الهادىء لا يتناسب وحجم السفارة الاكبر والاهم للولايات المتحدة فى افريقيا فى ظل تنامى نشاط جماعة الشباب الصومالية التى تخوض امريكا ضدها حربا من خلال التحالف الكينى الامريكى، لمحاصرة الجماعات الارهابية فى الصومال.عندما عين سكوت غرايشن سفيرا لبلاده فى نيروبى توقعت الكثير من وسائل الاعلام ان يحقق الرجل نجاحا فى مهمته ، لكونه خبيرا بالمنطقة فهو فوق خبرته بالملف السودانى الذى تولى فيه مهمة البمعوث الخاص للسودان خلال الفترة من 2009 الى 2011، فالرجل يملك خبرات وعلاقات خاصة بالقارة الافريقية ، حيث امضى طفولته فى دولة الكونغو الديمقراطية حينما كان والده يعمل مبشرًا هناك، فضلا عن مرافقته الرئيس الأميركي باراك أوباما في زياراته إلى القارة الإفريقية العام 2006، حيث رافق باراك أوباما حينما كان «سيناتورا» بمجلس الشيوخ خلال رحلة إلى أفريقيا بوصفه خبيرًا في الشئون الأفريقية، وكانت إحدى محطات الزيارة مخيمًا للاجئين الدارفوريين بشرق تشاد، غرايشن يتمتع كذلك بميزة اضافية لموقع سفير الولاياتالمتحدة بنيروبى، فهو يجيد التحدث بطلاقة اللغة السواحيلية وزوجته جودى عاشت فى نيروبى كثيرا.ولكن غرايشن خسر موقعه فى نيروبى بسبب اسلوبه الهادىء فى الدبلوماسية، كان سلفه فى الموقع ميشيل رانيبيرغير مثير للجدل وظل على صدام دائم مع الرئيس مواى كيباكى، مما جعل من محطة نيروبى الاكثر سخونة وحضورا فى وسائل الاعلام. وعندما استلم غرايشن المهمة اصبحت نيروبى من المحطات الباردة فى الدبلوماسية الامريكية، وهذا لم يعجب البعض فى ادارة الرئيس اوباما الذين سبق ان وصفوه ابان تولى مهمة المبعوث الخاص للسودان، بالتساهل مع الحكومة السودانية وعدم التشدد مع الرئيس البشير ، وذات الاتهامات توجه لغرايشن فى نيروبى مع اضافة خلاصة تقرير لجنة المراجعة والتقييم التى انتهت الى فشل غرايشن فى انجاز اهدافها فى المنطقة ،والتى تختصر بالعبارة الانجليزية (ثرى ديز) وهى الاحرف الاولى لثلاث عبارات هى (الديمقراطية والتنمية والدفاع) والتى تبدأ جميعها بالحرف(دى)، ولم يستطع غرايشن تحمل الانتقادات فقدم استقالته.الصحافة الكينية حاولت الاجابة عن سؤال لماذا تقدم غرايشون باستقالته عن المنصب بهذه السرعة، وقالت انه منذ ان تولى المنصب رسميا فى مايو من العام الماضى، ظل بعيدا عن التدخل فى الشأن الداخلى الكينى، وقال ايريك شامولى من صحيفة (الديلى نيشن) ان غرايشن ضحية لاسلوبه الدبلوماسى الناعم ، بينما ذهب الصحافى اوسكار اوبونيو من صحيفة (ايسن افريكان استاندر) الى موقف غرايشن من قضية المثليين الجنسيين هى التى عجلت برحيله من المنصب حيث رفض حضور حفل بهذا الخصوص نظمته السفارة الامريكية فى نيروبى.ونقلت الصحف الكينية بيانا عن غرايشن يؤكد فيه الاستقالة ويوضح بان الخلاف مع واشنطون حول اسلوبه فى القيادة ووضع الاوليات جعله يؤمن بان الوقت حان لمغادرة نيروبى.