اصبحت كلمة (التقشف) متداولة هذه الايام، بل وتتصدر مجالس المدينة ، لتطلق اختصاراً على الاجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة بموجب الموازنة المعدلة للعام 2012 والمجازة من البرلمان والتي اصبحت عنواناً عريضاً يطلق عليه (التقشف)، ولكن هذا التقشف ركز على محورين هما : محور الحكم والإدارة ، والمحور الاقتصادي ولذلك اصبح من السهولة متابعة تنفيذ اجراءات التقشف لتجد الناس يتحدثون في المواصلات العامة ومكان العمل ومجالس المدينة، عن ما تم من (تقشف) ، وهل هذا فعلاً تقشف، ام ما زلنا فى حاجة الى مزيد من التقشف الحكومي ؟ وما نتائج هذا التقشف ومكاسبه على الاقتصاد والحكومة وتأثيراته على معاش الناس .. وغيرها من الاسئلة والتي لا تخلو من تهكم وانتقادات وشائعات وتوقعات، ليصبح بذلك (التقشف .. سيد الموقف) . ومن خلال متابعاتنا للإخبار وأحاديث المدينة نجد ان الحديث عن التقشف مسيطر تماماً وكل الناس يتمنون ان يكون هنالك تقشف حقيقي في الانفاق والصرف الحكومي ، لا ان يتحمل المواطنون فقط اعباء هذا التقشف من تداعيات سالبة لزيادة اسعار المحروقات وتعرفة المواصلات والضرائب على الواردات وزيادة اسعار صرف الدولار او تحريك الدولار وانعكاساته على اسعار السلع خاصة (الدولار الجمركي) لتزداد السلع غلاء اكثر مما هي عليه مع اقتراب حلول رمضان، ولذلك يتابع الناس باهتمام موقف تنفيذ سياسات التقشف في محوريها الاثنين (الحكم والإدارة ، و الاقتصاد). وبعد ان بدأت الحكومة فى تطبيق اجراءات التقشف بالمحور الاقتصادي فوراً حتى قبل انتظار اجازة هذه الاجراءات من البرلمان، كان حديث مجالس المدينة يدور عن انتقاد لهذا التسرع وعدم اكتراث الحكومة ل(محمد احمد الغلبان)، وان هذه الخطوة غير دستورية وفيها عدم احترام للبرلمان او هو برلمان بصمة فقط، ولكن بعد اجازة هذه الاجراءات جاء الرد على (حديث المدينة) من وزير المالية في مؤتمر صحفي حيث برر هذا الاستباق لاجازة القرارات من البرلمان وقال انه يستند الى الدستور في المادة (13) التي تسمح بصدور هذه القرارات بمرسوم جمهوري يمكن مراجعته من بعد ليتناسب مع قرارات البرلمان، كما ان هذا الاستباق قصد به حماية الاقتصاد واموال الدولة خاصة وان التأخر في زيادة اسعار المحروقات وتحرير سلعة السكر يؤثر سلباً على حقوق الدولة و المواطن باستغلال التجار او المحتكرين فترة الاجازة داخل البرلمان لممارسة عمليات تخزين تضر بالاقتصاد. ولكن بعد البداية الفعلية لتطبيق سياسات التقشف فى شقها الاقتصادي ارتفعت الاصوات وما زالت عن تأثيرات هذه القرارات على المواطنين والعاملين بالدولة والذين امتصت (دخولهم او مرتباتهم) زيادة اسعار السلع وارتفاع التضخم بينما لم يطبق صرف المنحة للعاملين فوراً كما طبقت قرارات زيادة المحروقات واسعار السكر، ويظل السؤال قائماً رغم مسارعة وزارة الرعاية الاجتماعية الى الاجابة على هذا السؤال بان صرف المنحة سيكون خلال شهر يوليو الجاري وان هنالك معالجات لامتصاص الآثار الاجتماعية للتقشف في شقه الاقتصادي بزيادة الدعم المباشر للاسر الفقيرة وتوسيع مظلة الضمان الاجتماعي ومظلة التمويل الاصغر وزيادة عدد الطلاب المكفولين وغيرها من المعالجات ولكن يظل السؤال قائماً .. بان هذه المعالجات الاجتماعية غير كافية وغير مؤثرة فى امتصاص تداعيات الازمة. وفى محور الحكم والادارة ، ظل الناس يترقبون تخفيض اعداد الدستوريين على مستوى المركز والولايات بالارقام التي اعلن عنها رئيس الجمهورية في خطابه امام البرلمان بان التخفيض سيكون على المستوى الاتحادي نحو (100) دستوري وعلى المستوى الولائي نحو (380) دستورياً مع تخفيض مخصصاتهم من مرتبات وعربات وتذاكر سفر، وظل هذا المحور يحظى بمتابعة لصيقة ويسيطر على (احاديث المدينة) ، حيث ترى هذه المجالس ان ما اتخذ حتى الآن من اجراءات غير كافٍ ولم يصل الى مستوى التقشف الذي اصاب حياة الناس او المواطنين والذين في الاصل كانوا يتقشفون ولكنهم مارسوا مزيدا من التقشف وربط الاحزمة واعمال قيم التوكل على الله لتحمل تبعات التقشف، ولذلك هم يتوقعون مزيدا من التقشف الحكومي .