عام انقضى بعد انفصال الجنوب، فماذا حققت الحركة الشعبية لشعبها.. و كانت تمنيه بان الجنوب سيصبح جنة الله فى الارض ، هل حققت للشعب الجنوبى غاياته التى كان ينشدها ويحلم ان تكون واقعا يوما ما.. وكيف حاله الآن وحاله قبل الانفصال.. وكيف اصبح الجنوب بعد ان صار دولة( مستقلة) ..ماذا كسب وماذا خسر ؟!! هذه التساؤلات ربما دارت بأذهان الكثيرين ودولة الجنوب او حكامها اعلنوا انهم يحتفلون بذكرى انفصال دولتهم .. واقع الحال هناك يشير الى ان احلام الجنوبيين بعد الانفصال تمثل صفرا كبيرا..لان حكومة الجنوب فشلت فى ان تبنى دولة ورسبت فى اول امتحان لها حينما اغلقت آبار البترول المورد الاساسى لاقتصادها وجعلت مواطنيها يعيشون فى فقر مدقع بلغ حد الكفاف.. بينما افتقدوا الحياة المستقرة التى كانوا ينعمون بها فى الشمال قبل ان تخدعهم الحركة الشعبية وتحملهم بل وتجبرهم على الاستفتاء والتصويت للانفصال ..وتركتهم الآن يعيشون ظروفا مأساوية لا تتوفر لديهم ابسط مقومات الحياة ما جعل رياك مشار نائب رئيس دولة الجنوب يعترف للجنوبيين وهم يحتفلون بدولتهم الوليدة بأنهم لم يوفروا لهم احتياجاتهم الرئيسية حينما قال ( لم نلب طموحات اهل الجنوب فى العام الاول من الانفصال ولم نستطع توفير احتياجاتهم الرئيسية) .هذا التصريح من المسئول الثانى فى حكومة الجنوب هو اعتراف صريح بالفشل حتى فى توفير احتياجات مواطن الجنوب الرئيسية، فكيف يمكن ان تلبى طموحاته فى اقامة دولة تضاهى الدول المتقدمة كما زينت الحركة الشعبية ذلك فى اذهان الجنوبيين ما جعلت الكثيرين منهم يهرولون للتصويت للانفصال . هرولة جعلتهم يتجرعون كؤوس الندم بعد ان كشفوا خدعة الحركة الشعبية.. الشاهد فى ذلك ان كثيرا من الجنوبيين يرغبون فى عودة الجنوب الى حضن الدولة الام (السودان) بل و يطالبون البشير ان يعمل مع سلفاكير لأجل الوحدة، واعلنوا ذلك فى الكثير من المناسبات وفى استطلاعات الرأى .. وكثير منهم لم يذهبوا الى الجنوب ومن ذهب عاد ادراجه لأنه لم يجد دولة تأويه او توفر له مقومات ان يعيش عزيزا ومكرما ! الحركة الشعبية ايضا فشلت فى ادارة دولتها على المستوى السياسى فلم تستطع ان ترسى حكما يستوعب متغيرات الساحة السياسية او ان تستصحب متطلبات القوى السياسية الاخرى ما جعل كثيرا من الاحزاب تنقلب عليها ، لأنها انفردت بالحكم لوحدها ومارست سياسة اقصاء الآخرين،فاشتط غضب الفصائل الاخرى ونشطت سياسيا وعسكريا حتى ان بعضها هدد بازالة نظام سلفاكير ومازالت المقاومة مستمرة بين تلك الفصائل والحركة الشعبية.. وحاول ثوار الجنوب احتلال بعض المناطق الاستراتيجية بالجنوب احتجاجا على ممارسة الحكم التى وصفوها بغير العادلة والمنحازة لقبيلة الدينكا التى ينتمى لها سلفا كير ، الصراعات تلك انتقلت الى داخل الحركة الشعبية نفسها وكثيرا ما تبادل الاتهامات بعض اعضائها اشهرها تلك التى كانت بين باقان اموم ورياك مشار فيما يخص سير المفاوضات بين الشمال والجنوب ، واشتدت الصراعات اكثر عقب الهجوم على هجليج ..صراعات وصلت حد محاولة الانقلاب على حكم سلفا كير خلال ذهابه الى الصين يطلب العون او ربما الاتفاق ضد الشمال بخصوص تصدير البترول . فشل الحركة الشعبية سياسيا يمتد الى انها حتى الآن لم تصل الى تفاهمات مع الشمال بخصوص المفوضات حول القضايا العالقة ، فهى لازالت تمارس سياسة المراوغة .. بينما المواطن هناك يعيش اسوأ حالات الفقر بسبب نقص الغذاء الذى كان يجده من السودان سواء بالطريقة المشروعة عبر التجارة بين البلدين او بالطرق الاخرى عبر التهريب والآن فى ظل توتر العلاقات مع الشمال توقف امداد الجنوب بالمواد الغذائية بسبب سياسة الجنوب (الرعناء) واختراقها للمفاوضات بهجومها المستمر على مناطق الشمال ودعمها للحركات المسلحة على الرغم من التزامها بالكف عن ذلك ، ولكن لان دولة الجنوب ليست لها ارادة سياسية (ذاتية) بسبب انها تسير وفق موجهات خارجية لم ولن تستطيع الانفكاك عنها لانها ربما لازالت تسدد فواتير مدفوعة مقابل تنفيذ اجندات غربية. والملاحظ ان من شاركوهم الاحتفال بقيام دولتهم من الدول الاخرى هم قليلون وحتى تلك الدول التى يدعون انها صديقة وحليفة لهم غاب رؤساؤها عن الاحتفال على رأسها دولة كينيا التى ربما ادهش غيابها (الرسمى)عن الاحتفال كثيرا من المراقبين ، فكينيا كانت حليفا وصديقا( ودودا) للجنوب وللحركة الشعبية منذ ان كان يتزعمها جون قرنق الذى كثيرا ما احتمى بها حينما يشتد عليه الحصار من الخرطوم ويستغيث بها حينما تعوزه الحاجة الى دعم عاجل ان كان عسكريا او ماديا ، دعما يستخدمه فقط لمحاربة الشمال الذى كان يحلم بحكمه وكثيرا ما صرح بذلك ولا يزال اهل الشمال يذكرون مقولته المشهورة حينما قال( انه سيحكم السودان يوما ما ويشرب القهوة بالمتمة). وبالطبع كان يبتغى تحقيق تلك الامنية بقوة السلاح وآلة الحرب ، وحينما وقع اتفاقية السلام ظلت تراوده الفكرة بقوة بل زين له حلفاؤه (امريكا ودول الغرب) ان حلمه سيتحقق لا محالة وهو لا يدرى انهم يدبرون له مكيدة الاغتيال والتصفية لان حلمه ذاك لا يتوافق مع مخططاتهم التى ترمى الى تقطيع السودان لا وحدته وان حكمه قرنق العلمانى. اثيوبيا ايضا غاب تمثيلها الرسمى عن الاحتفال فلم يحضر رئيس وزرائها ليشارك الجنوب احتفالهم ،وكانت اثيوبيا تمثل حليفا استراتيجيا للجنوب وربما كان سبب عدم المشاركة انها تحتضن وترعى المفاوضات بين الشمال والجنوب ونسبة لتوتر العلاقة بين البلدين فضلت عدم المشاركة حتى لا توصف بالانحياز للجنوب .. ربما! عموما ان الانفصال لم يجن ثماره اهل الجنوب برغم مرورعام كامل على قيام دولة الجنوب وفى المقابل لم يتحقق سلام بين الشمال والجنوب الهدف الاساسى لاتفاقية السلام الشامل ، فلازالت الحروب مستمرة بين الدولتين بسبب اعتداءات دولة الجنوب ودعمها لحركات التمرد وخرقها لاتفاقات وقف العداءات ..فخسرت الدولتان الوحدة والسلام.