كَثيرٌ من معاصري حكومات الإنقاذ المتوالية والمتوازية على قناعةٍ راسخة بأنّ رتلاً من حاملي الحقائب الوزاريّة لا يصلحون لشيئ إلا أن يكونوا وزراء، فقد التصقت بهم الوزارات والتصقوا بها... ولو جمعك الزمان بواحدٍ منهم في مكانٍ عام أو خاص لا يمكنك إلا أنْ تخاطبه بسيادة الوزير، لو كان وزيراً أو لم يكن! تشكيلات مجلس الوزراء لم تعد من المفاجآت، فلن يغيب عنها واحدٌ من الوجوه المألوفة أو الوجوه (الحلّوفة) على ذِمّة عادل امام... وكل من يهمه الأمر من القواعد الشعبيّة لم يعد ينتظر حلاً لمشكلاته الحياتيّة من الوزراء فقد باتت قناعتهم أنّه مثلما يُعرفُ الرجالُ بالحق ولا يُعرفُ الحق بالرجال، كذلك يٌعرفُ الوزراء بالوزارات ولا تُعرفُ الوزارات بالوزراء! في التشكيلة الأخيرة لمجلس الوزراء الرشيق لم ينتظر أحد مفاجأة في دخول وزير جديد أو في خروج وزير قديم، ومع ذلك فقد أتت المفاجأة في خروج وزير لم يتوقّع الجمهور خروجه، وتعيين وزير لم يتوقع أكثر الجمهور شَططاً دخوله! المفاجأة في تشكيلة حكومة القاعدة الرشيقة وزيران، المفاجأة في الأوّل خروجه والمفاجأة في الثاني دخوله... الوزير الأول هو السموأل خلف الله وزير الثقافة السابق والذي لو بقىَ لصار وزيراً للثقافة والإعلام، وهي وزارة تشبهه جدّاً ويشبهها، فهو وزيرٌ للثقافة والإعلام منذ أنْ كان طالباً في مصر أيام كانت بمصر حكومات طلابيّة سودانيّة... خروج السموأل خلف الله يعني أنّ معيار النجاح في الأداء الوزاري لحكومة القاعدة العريضة ليس من معايير الاختيار في حكومة القاعدة غير العريضة! الوزير الثاني كانت المفاجأة في دخوله، وهو الوزير الذي قبض على الثقافة والإعلام في خبطة واحدة بعد أنْ خرجَ من باب القصر ليدخلَ من باب مجلس الوزراء... هذا الوزير جاءَ به، مُؤهل التوازنات الحزبيّة... لذلك أُعزّى الثقافة والإعلام والاتصال بخروج الوزير السابق ولا أهنئها في الوزير اللاحق. قبل الثورات الشعبيّة العربيّة الأخيرة كان عزرائيل هو الأداة الوحيدة لتغيير الرؤساء العرب... وأدعو الله مُخلصاً ألا يصير عزرائيل هو الأداة الوحيدة في السودان للتعديل الوزاري !!