استقبلتْ الوسائط المحليّة والإقليميّة وربّما الدوليّة خبر استقبال الرئيس السوداني لرئيس دولة جنوب السودان بأديس أبابا... لقاءٌ لم يكن مستحيلاً لكنّه صار صعباً، كان هذا اللقاء مفروشاً له السجّاد الأحمر بجوبا قبل حين... ما جعل لقاء جوبا مستحيلاً وصعّبَ لقاء أديس أنّ الدولة التي يرأسها سلفا كير وجدت نفسها بميثاق الأممالمتحدة قد تحوّلتْ من دولة جارة إلى دولة معتدية! لقاء أديس أبابا بين الرئيسين بطلبٍ من الرئيس سلفا كير وبلا ترتيبٍ من آليّة الوساطة ولا بتيسير من دولة الضيافة يُقاس بأكثر من أداةٍ للقياس، لكنّ القياس العملي هو الأنسب، فقد كان سلفا كير براجماتياً حتى النخاع... استثمرَ سلفا كير علاقته (الشخصيّة) بالرئيس ليقفز فوق القضايا العالقة! لا أظن أن مباحثات الرئيسين ستظهر جملة واحدة على الملأ الإعلامي، قد تتدفق منها (تسريبات)... ولكن لن يعرف أحد بالتفاصيل الكليّة إلاّ حين يقرأ يوماً ما مذكرة البشير بعد تركه للرئاسة أو مذكرات سلفا كير بعد أن يصبح رئيساً سابقاً! من حقنا استخدام أداة الخيال السياسي للتكهّن بمحتوى مباحثات اللقاء وأجوائه... أداة الخيال السياسي ترجّح أن الرئيس سلفا كير سيحادث الرئيس في كل شئ إلا هجليج وأبيي وحفرة النحاس... سيقول سلفا كير للبشير إنّ دولته الجديدة ودولة البشير القديمة هما الآن في أسوأ حالتيهما بعد أن ساءت علاقتهما البينيّة، ورئيسا الدولتين يعرفان بعضهما أكثر من أي رئيسين آخرين للدولتين، وهذا هو مفتاح الخروج من باب الأزمة! الرئيسان لم يقتربا من حدود القضايا العالقة ناهيك عن الحدود بين الدولتين... لكنّهما تحادثا في كيف تستطيع الدولتان تجاوز صعابهما بحكمة رئيسين ربّما لا تتوافر في الرؤساء القادمين! فضاء المباحثات ليس له أفق على الطاولة حين يكون أطرافه وفدا البلدين وبرعاية الوسيط، ولكنْ عندما تكون بين الرئيسين يتصاغر فضاء المباحثات... ربّما يكون البند الأول في المباحثات أخبار القصر بعد أنْ تركه النائب الأوّل السابق، ويكون البند قبل الأخير مناقشة خريطة الطريق لتتجاوز الدولتان أزمة الأنبوب المُغلق ولو حتى الانتخابات القادمة، انتخابات الخرطوم وانتخابات جوبا!!