على الرغم من توقعات العديدين بارتفاع وتيرة المظاهرات في شهر رمضان، نسبة لارتفاع معدل حرارة أسعار السكر واللحوم والأغذية الرمضانية، ونسبة لسخونة نهار الصيام ، أتت الجمعة الأولى في الشهر الكريم هادئة تماماً، أو تكاد. طوال الجمع الأربع الماضية، ابتداء من (الكتاحة) و(لحس الكوع) و(شذاذ الآفاق) نهاية بجمعة (الكنداكة) كان الناشطون يرفعون الصور الفوتغرافية وتسجيلات الفيديو التي توثق للمظاهرات والمواجهات مع الشرطة أولاً بأول، بحيث يمكن متابعة ما يجري في مسجد ودنوباوي أو مسجد السيد علي ببحري من على أي حساب في الفيس بوك، لكن الجمعة الأخيرة لم تشهد رفع صور أو تسجيلات فيديو، واكتفت صفحات الشباب المعارضين فيها بعرض بعض الملصقات وتداول أخبار من قبيل قرب انهيار الصرافات. الهدوء، والخمول، والشعور بالتعب والإرهاق احساس طبيعي ينتاب الصائمين خاصة في بيئة مثل بيئة السودان التي تتسم بسخونة الطقس ونقص جودة الغذاء وعدم انسيابية الحركة والانتقال، ويؤكد أهل الطب والتغذية أن ذلك الخمول والإرهاق الذي ينتاب الصائم يعود إلى أسباب عديدة، من بينها عدم النوم العميق لساعات كافية في الليل، أو نقص السكر في الجسم والدم، أو تناول كميات ضخمة من الطعام في الافطار أو العشاء أو السحور، ما يسبب قدراً من عدم التركيز والإرهاق في النهار التالي. الخمول الذي أصاب المظاهرات والمتظاهرين نهار الجمعة الماضية، أول أيام شهر رمضان، يربطه البعض بذلك الخمول الطبيعي الذي ينتاب الصائم نهاراً، ويقول هؤلاء إن السودانيين مثلهم مثل باقي المسلمين يلجأون إلى ادخار الطاقة في رمضان عبر الحد من التحركات النهارية والإبقاء على أقل درجة ممكنة من النشاط نهاراً، مقابل مضاعفة الحركة والنشاط البدني والاجتماعي منذ ما بعد الإفطار وحتى ساعات متأخرة من الليل. الخمول الذي انتاب الاحتجاجات نهار الجمعة الماضية خمول سياسي ونفسي أكثر من كونه خمولاً بدنياً بسبب قلة السكر في جسد الصائم ودمه، يؤكد آخرون، ويرى هؤلاء أن محافظة المظاهرات على وتيرتها المحدودة، وعدم تزايد أعداد المشاركين أو إتساع دائرتها جغرافياً، أضعف من فرص نجاح تلك المظاهرات خاصة بعد الفشل في إقناع قطاعات واسعة من المجتمع بالانضمام والمشاركة الفعلية في التظاهر، ما سبب للشباب والقائمين على أمر تلك المظاهرات نوعاً من الخمول النفسي والسياسي ربما كان دوره في هدوء نهار جمعة (دارفور بلدنا) أكبر من دور الخمول البدني الناجم عن قلة النوم والسكر..!َ