(الشكية) ، تختلف كثيراً عن الشكوى كما يؤكد البعض ، فالأولى مفردة عامية تعبر عن تضرر أحد الأطراف من الطرف الآخر، تعبير يكون مصحوباً عادة بقدر من معاني العتاب بين الأصحاب والأحباب، أما الشكوى فهي مفردة رسمية. تختلف تماماً عن (الشكية) في كونها تقدم بحثاً عن عقوبة أو جزاء يتم إنزاله بالطرف الآخر، بينما (الشكية) محاولة لاستمالة الآخرين وكسب تعاطفهم وتأييدهم لموقفك أو قضيتك. (شكية) الحكومة من الحركة الشعبية، صعدت إلى الواجهة مرة أخرى مع خبر تحدث عن اعتزام الخرطوم تقديم شكوى للوساطة الأفريقية بشأن حشود لحركة العدل والمساواة داخل أراضي الجنوب، (شكية) ليست بالجديدة بدأت مع اقتراب ساعة الانفصال، عندما بدأت الحكومة تشكو لطوب الأرض تنكرت الحركة الشعبية لقديمها ونسيانها عهد الوحدة... (شكية) من جور الحركة الشعبية وصدودها عن دعوات الوحدة التي أطلقها الوطني.. سرعان ما تحولت عقب الانفصال إلى شكاوي رسمية من دولة ضد أخرى..! شكاوى الخرطوم ضد جوبا، عرفت طريقها إلى مجلس الأمن الدولي في الشهر الذي أعقب مشاركة الرئيس البشير في احتفال الجنوبيين بالاستقلال، ففي أغسطس من العام الماضي، قدمت الحكومة شكوى رسمية ضد حكومة جنوب السودان إلى مجلس الأمن الدولي، اتهمت فيها جوبا بالتسبب في الاضطرابات وعدم استقرار ولاية جنوب كردفان، وقالت وزارة الخارجية إنها قدمت شكوى رسمية لمجلس الأمن متهمة حكومة الجنوب بإثارة القلاقل والاضطرابات في ولاية جنوب كردفان، وأتت الشكوى على خلفية اندلاع الحرب بين الحكومة وعبد العزيز الحلو زعيم الحركة الشعبية هناك. تسارع وتيرة شكاوي الخرطوم ضد الجنوب لدى مجلس الأمن،رأى فيه البعض محاولة من جانبها لممارسة نوع من الضغط الدبلوماسي على جوبا، ووضع المجتمع الدولي وحلفاء الجنوب الغربيين في موقف حرج، عبر لفت انتباهه وتسجيل نقاط دبلوماسية في مرمى جوبا، في المقابل، اعتبر آخرون تواتر تلك الشكاوى دليلاً على عدم اكتراث المجلس بها، وحفظها في أدراج سكرتارية المجلس وأعضائه الدائمين وغير الدائمين. سلفاكير، رئيس جمهورية جنوب السودان، سبق الخرطوم في تقديم الشكوى إلى مجلس الأمن، حينما كان نائباً لرئيس السودان القديم ورئيساً لحكومة الجنوب، وزاره وفد من مجلس الأمن الدولي في مدينة جوبا بتاريخ مايو من العام الماضي، فقدم الرجل شكوى إلى مجلس الأمن بشأن اجتياح القوات المسلحة المركزية منطقة أبيي، كما قدم الجنوب مؤخراً شكوى لمجلس الأمن يتهم فيها الشمال بانتهاك أراضيه والقيام بعمليات قصف داخل حدوده. (شكية) الخرطوم المستمرة من الحركة الشعبية المشاغبة، سواء تعلق الأمر بدعم جوبا حركات التمرد، أو تمسكها بالمناطق الحدودية، أو رفضها دفع مبالغ معقولة نظير تصدير نفطها عبر الشمال، يعتبرها محاولة عتاب رقيقة من الخرطوملجوبا وحلفائها في المجتمع الدولي، على طريقة النور الجيلاني في كدراويته الشهيرة: (بشكي ليك مر الشكية)، ولكنها (شكية) لا تعبر عن ضعف بحال من الأحوال!